لجأت حكومة “الوفاق” ومن خلفها تيار الإسلام السياسي في ليبيا إلى الحرب النفسية للتأثير في معنويات الجيش الليبي وبث حالة من التذمر في صفوف داعميه بهدف دفعهم إلى التراجع عن قناعاتهم والتوقف عن تأييده، وهو الأمر الذي حصل في مدينة غريان المدخل الجنوبي للعاصمة طرابلس التي خسرها الجيش مساء الأربعاء. ودخل الجيش المدينة سلميا في 4 أبريل الماضي باتفاق مع مجموعة مسلحة كانت تسيطر على المدينة، قبل أن تنفذ “خلايا نائمة” داخلها الأربعاء عملية مباغتة انتهت بسيطرة حكومة “الوفاق” عليها، في ما تحدثت بعض المصادر عن رشاوى ومكافآت رصدتها حكومة “الوفاق” لتلك الخلايا. وغريان أكبر مدينة في الجبل الغربي من حيث عدد السكان والمساحة، وهي معبر حيوي لسكان الجبل الذين يتخطّى عددهم نصف مليون نسمة في طريقهم إلى العاصمة طرابلس. وينفذ الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر منذ 4 أبريل الماضي عملية عسكرية تستهدف تحرير العاصمة من المجموعات المسلحة المسؤولة عن الفوضى في البلاد منذ سقوط نظام العقيد الراحل معمر القذافي. وقال الناطق باسم الجيش العميد أحمد المسماري إن الإشاعات بسقوط غريان استبقت التحرك العسكري للميليشيات داخل المدينة. وأضاف “قبل انطلاق العملية نشروا عبر موقع فيسبوك الأكاذيب والإشاعات عن سقوط غريان، في حين أن الاشتباكات حينئذ كانت لم تبدأ بعد والهدف من ذلك هو إحداث حالة من الانتكاسة بين المواطنين”. وكثف الإسلاميون خلال الآونة الأخيرة من التصريحات التي تستهدف الحط من معنويات الجيش مستفيدين من تأخره في الحسم العسكري لخفض معنويات مقاتليه وبث الشكوك في عدالة قضيتهم. الإسلاميون يركزون منذ فترة على رفع معنويات مقاتليهم وهو ما عكسه خاصة الاعتراف بالدعم العسكري التركي والقطري وفي المقابل عمل الإسلاميون على رفع معنويات مقاتليهم وهو ما عكسه خاصة الاعتراف بالدعم العسكري التركي والقطري، وما رافقه من إشادة بالخطوة وتأثيرها على سير المعارك لصالحهم. وأطلق الإسلاميون الحرب النفسية منذ إعلان البيت الأبيض عن الاتصال الهاتفي الذي جرى بين خليفة حفتر والرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي أشاد بدور الجيش الليبي في محاربة الإرهاب وحماية المنشآت النفطية، وهو ما فهم على أنه دعم أميركي للعملية العسكرية للجيش. وقال وزير الداخلية بحكومة “الوفاق” فتحي باشاغا في تصريحات إعلامية نهاية الأسبوع الماضي إن أقوى دولتين دعمتا قواتهم عسكريا وسياسيا هما قطر وتركيا، لافتا إلى أن ذلك الدعم حقق التوازن العسكري مع “ميليشيات حفتر”. وهدد رئيس مجلس الدولة السابق عبدالرحمن السويحلي المدن المؤيدة للجيش بمواجهة نفس المصير الذي لاقته غريان. وقال السويحلي إن “سيطرة قوات الوفاق على غريان يعتبر درسا للمدن التي دعمت قوات حفتر وأيدت مشروع الاستبداد”، مطالبا إياها “بالتوقف قبل فوات الأوان وأن تعود إلى رشدها، تحديدا فلول مدن صرمان وصبراتة وبعض المناطق الصغيرة في الجنوب”. واختتم حديثه قائلا “لا مجال أمامكم إلا أن تعودوا إلى الوطن وتتركوا هذا العبث وتنضموا إلينا في دولة وحكومة الوفاق ومقاتليها من أجل دحر الغزاة واجتثاث هذا المشروع بالكامل من كافة التراب الليبي”. ويعتمد الإسلاميون إضافة إلى المسؤولين السياسيين وعناصر الميليشيات الموالية لهم، على عدد من الوجوه والقنوات الإعلامية التي تتخذ من إسطنبول مقرا لها، بالإضافة إلى بعض رجال الدين كالمفتي المقال الصادق الغرياني. وقال أحمد المسماري “الملاحظ أن 90 بالمئة ممن يخرجون على قنوات التضليل كبانوراما والتناصح والأحرار هم مواطنون ليبيون لديهم جنسيات أجنبية وجلهم يتحدثون من خارج ليبيا لأن لديهم شعورا بأن المعركة حسمت لصالح التيار الوطني ويتوقعون إقصاءهم من المشهد”. وتستهدف الحرب النفسية التي يشنها الإسلاميون على الجيش أيضا الجانب السياسي من خلال إيهام الرأي العام بعدم وجود دعم سياسي للعملية العسكرية ضد الميليشيات، وهو ما انخرطت فيه وسائل الإعلام المحلية وحتى التركية من خلال الترويج لفقدان الجيش لدعم مجلس النواب استنادا على برلمان مواز شكله الإسلاميون من بعض نواب المنطقة الغربية وعدد من النواب المقاطعين لأعمال المجلس والذين كانوا يعتبرونه في عداد المنحل منذ انتخابه سنة 2014.
مشاركة :