خطيب الحرم المكي: الشكر نهج راسخ في نفوس الصالحين

  • 6/28/2019
  • 00:00
  • 11
  • 0
  • 0
news-picture

أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ صالح بن حميد؛ المسلمين، بتقوى الله -عزّ وجلّ- في السر والعلن. وقال في خطبة الجمعة من المسجد الحرام اليوم: اتقوا الله -رحمكم الله-، واعلموا أن مَن عوّد نفسه العمل لله شق عليه العمل لغيره، ومَن عمل لحظه وهواه شق عليه الإخلاص لله، وعلو الهمة عنوان الفلاح، ودنو الهمة سبيل الحرمان، والنعيم لا يدرك بالنعيم، ومن آثر الراحة فاتته الراحة، ولا فرحة لمَن لا هَم له، ولا لذة لمَن لا تعب له والنفوس لها إقبال وإدبار، فإذا أقبلت فخذوها بالعزائم والعبادات، وإذا أدبرت فالزموا الفرائض والواجبات. وأضاف: خلق عظيم، ومقام من مقامات العبادة كريم، أمر الله به، ونهى عن ضده، وأثنى على أهله، ووصف به خواص خلقه، وجعله غاية خلقه وأمره، وعد أهله بأحسن جزائه، وجعله سبباً لمزيدٍ من فضله، وحارساً لنعمه، وحافظا لألائه، أهله هم المنتفعون بآياته. اشتق لهم اسماً من أسمائه، هم القليلون من عباده، وحسبكم بهذا كلِّه فضلاً وشرفاً وعلواً أنه مقام الشكر وفضل الشاكرين فلا يعبده حق عبادته إلا الشاكرون. وأردف: الشكر أمر مستقر في سلوك المتعبدين، ونهج راسخ في نفوس الصالحين، تمتلئ به قلوبهم، وتلهج به ألسنتهم، ويظهر على جوارحهم، وأول أنبياء الله نوح -عليه السلام- وصفه ربه بقوله تعالى: "ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا" والخليل إبراهيم صاحب الملة الحنيفية، قال فيه ربه -جلّ وعلا: "شَاكِرًا لِّأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ" أما نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- وهو الذي قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فيقوم لربه من الليل حتى تتفطر قدماه ويقول: "أفلا أكون عبداً شكوراً". وبيّن "ابن حميد"؛ أن الشكر اعترافٌ من العبد بمنة الله عليه، وإقرارٌ بنعمه عليه من خيرَي الدنيا والآخرة، في النفس والأهل والمال والأعمال، وفي شأن العبد كله الشكر دليل على أن العبد راضٍ عن ربه، فهو حياة القلب وحيويته. والشكر قيد النعم الموجودة، وصيد النعم المفقودة ، وأمر المؤمن كله خير، إن أصابته سرّاء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضرّاء صبر فكان خيراً له، ولا يكون ذلك إلا لمؤمن، الشكر دليل على صفاء النفس، وطهارة القلب، وسلامة الصدر، وكمال العقل، فالشكر أول وصية وصى الله بها الإنسان وأخبر أن رضاه في شكره، كما جعله سبباً من أسباب الأمن من عذابه. وقال إمام وخطيب المسجد الحرام: للشكر أركان ثلاثة: الاعتراف بالنعم باطناً مع محبة المُنعم، والتحدث بها ظاهراً مع الثناء على الله، وصرفها في طاعة الله ومرضاته، واجتناب معاصيه, ورؤوس النعم ثلاثة: أولاها وأولاها "نعمة الإسلام" التي لا تتم نعمة على الحقيقة إلا بها، و"نعمة العافية" التي لا تستقيم الحياة إلا بها ، و"نعمة الرضا" التي لا يطيب العيش إلا بها، وشكر الله واجب في جميع الأحوال، في الصحة والسقم، والشباب والهرم، والفقر والغني، والفراغ والشغل، والسرّاء والضرّاء، واليقظة والمنام، والسفر والإقامة، وفي حال الانفراد والاجتماع، قياماً، وقعوداً، وعلى جنوبكم. وأضاف: الشكر يكون بالصلاة، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي من الليل حتى تتفطر قدماه ويقول: "أفلا أكون عبداً شكوراً"، ويكون بالصيام فقد صام موسى -عليه السلام- يوم عاشوراء شكراً لله، إذ نجاه وقومه من فرعون وقومه، ثم صامه نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- وأمر بصيامه، وقال لليهود: "نحن أحق بموسى منكم"، كما يكون الشكر بسجدة شكر يسجدها المؤمن إذا جاءه خير من ربه، أو تحدث له نعمة من مولاه، وقد سجد نبيكم محمد -صلى الله عليه وسلم- حين أخبره جبريل -عليه السلام- أن الله يقول: "مَن صلى عليك صلاة واحدة صلى الله عليك بها عشراً", وسجد أبو بكر -رضي الله عنه- لما بلغه مقتل مسيلمةَ الكذاب، وسجد علي -رضي الله عنه- لما بلغه مقتل الخارجي بنِ الثَّديِّة، وسجد كعب بن مالك شكراً الله لما تاب الله عليه. وأردف "ابن حميد": مَن أثنى على الله وعلى نعمه، فقد شكر ومَن قَنع شكر، وكان أشكر الناس ومَن لا يشكر القليل لا يشكر الكثير، ومن الشكر أن يكون لسانك دائماً رطباً بذكر الله -عزّ وجلّ- والشكر على نعمه المتعددة.

مشاركة :