قال الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية عمرو موسى إن تصريحات الجنرال الإيراني قاسم سليماني بالسيطرة على عدة عواصم عربية يمثل تحديا كبيرا للشعوب العربية. وأضاف موسى في تصريحات تليفزيونية وزعها مكتبه أمس إن إيران جزء من المنطقة ولها طموحات في السيطرة على الدور الإقليمي، مؤكدا أن الدور الإقليمي يجب أن يكون ايجابيا ويقوم على تفاعل وتفاهم إقليمي مما يستلزم إعادة النظر في عناصر النظام الإقليمي البازغ في الشرق الأوسط لضمان فعاليته وإيجابياته بدلا من السلبيات القائمة. وأوضح موسى أن الجامعة العربية مؤسسة لها ميثاق ولوائح، وتقيم اجتماعات دورية في مواعيد محددة، وبالتالي تعمل كمنظمة إقليمية، تجمع العرب وتؤسس لعملهم المشترك، في إطار العمل الإقليمي الأشمل. وقال موسى "الجامعة العربية بلورت موقف العرب في القضية الفلسطينية، وكان لها دور هام في بلورة أساس العلاقات العربية العربية، وليس فقط بالنسبة للقضية الفلسطينية"، مشيرا إلى أن السنوات العشر الأخيرة كان للجامعة مواقف تمس نزع السلام العالمي، وحقوق الإنسان والعلاقات مع أفريقيا وأسيا وأوروبا، وأيضا الدفاع عن قضايا عربية متعددة، ودعم الدول التي لها قضايا تتعلق بحقوقها. وأضاف "أن هناك قصورا في فعالية تنفيذ قرارات الجامعة العربية، ولا يختلف ذلك عن كافة المنظمات الدولية"، مشيرا إلى أن الجامعة العربية مثل الأمم المتحدة، ولكن القرارات جميعا غير ملزمة، وهو أمر متكرر في الحياة الدولية والإقليمية، ولكن درجة الفعالية أقل من الزخم الذي تطرحه المواقف السياسية والإعلامية، كما هو الحال بالنسبة لكافة المنظمات العالمية، قائلا "القرارات غير الملزمة من الأمم المتحدة لها فعالية، في حين أن بعض قرارات الجامعة العربية لا يكون لها أي فعالية على الإطلاق". وتابع قائلا "يوجد التباس في أذهان الكثيرين بشأن دور الجامعة العربية، وفي الواقع أنه لا يوجد اهتمام بملفات معينة على حساب أخرى وإنما تفرض الظروف مواضيع معينة أحيانا"، مشيرا إلى شعور المواطن العربي بخطورة الأوضاع في المنطقة، بالنظر للتطورات الأخيرة بما فيها أفعال "داعش" غير المفهومة من ذبح وقتل، وبالطبع مع خطورة الأوضاع في سورية، والانقسامات في ليبيا والوضع في العراق وصعوبة انتخاب رئيس للبنان، ثم الوضع الخطير في اليمن وكذلك التصريحات من بعض المسؤولين الإيرانيين التي تقول إنها تسيطر على 4 عواصم عربية، أي أن الوضع غير طبيعي والحقيقة إننا لم نسمع أبدا عن مثل هذه الأحداث المتلاحقة من قبل. وحول شكل النظام الإقليمي الذي تحتاجه المنطقة الآن، قال موسى إنه يوجد أكثر من شكل ولكن المهم هو أن يجتمع العرب سويا على مختلف المستويات لدراسة الموقف، متسائلا "هل صيغة الجامعة العربية تكفي أم نحتاج إلى صيغة مختلفة وأقوى؟"، مؤكدا انه على العرب ضرورة رؤية مستقبل العمل العربي المشترك والنظام الإقليمي خلال السنوات المقبلة ووضع الخطط اللازمة لذلك، ومضيفاً أن هناك دولا كبرى تبحث هذا الموضوع ويجب أن ندرسه أيضا، وإلى أن يتم ذلك يجب أن تبقى الجامعة العربية قائمة. وأكد أن المحفز الرئيس للتحرك السريع في الملف اليمني هو الحفاظ على أمن الخليج، وأمن الملاحة في البحر الأحمر بالإضافة إلى إبعاد اليمن عن التفكك، موضحا أن الأمور تصل تدريجياً إلى درجة من السخونة الإقليمية وَالتحدي للشعور العربي والتي أظهرته بعض المواقف من دول إقليمية، مما جعل الدول العربية تتحرك من أجل إنقاذ اليمن كخطوة أولى. وقال موسى "أي أن ما يحدث في اليمن قد يكون مقدمة لما سيحدث في باقي نقاط الصدام في الدول العربية التي تعاني من اضطرابات داخلية"، لافتا أن الوضع في سورية وليبيا واليمن أصبح غير مقبول، وأضاف موسى أن الدور الإقليمي يجب أن يعاد النظر فيه بطريقة مختلفة، فلابد أن يكون لنا سياسة إقليمه باعتبارات إقليمية وأن نوضح علاقاتنا مع بعض الدول كتركيا و إيران، موضحا أن علاقتنا بإسرائيل الحكم فيها هو موقفها من القضية الفلسطينية، وهذه كلها مواقف يجب أن تدرس جيداً، سواء إيران أو تركيا أو إسرائيل، مشيرا إلى اقتراب إيران من عقد اتفاق مع الدول الكبرى بشأن الملف النووي وآثار ذلك على الوضع الإقليمي وسباق النفوذ. وأكد موسى على موقف الدول العربية من ضرورة إقامة منطقة خالية من الأسلحة النووية لأنه إذا لم يتم إخلاء المنطقة من الأسلحة النووية يجب أن يدرس العرب كيفية التعامل مع وجود دولة تملك السلاح النووي هي إسرائيل. وقال موسى إنه يتوقع عندما تبدأ القوة العربية العمل سينضم إليها عدد قليل من الأعضاء وبعدها يتوقع أن تنضم دول عربية أخرى لتصبح القوة ذات فعالية ودور دفاعي فعال. وأشار موسى إلى تصريحات الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إن قوة الدفاع المشترك ليست موجهة ضد دولة بعينها، مما يعني إنها قوة عربية دفاعية لحفظ السلام في المقام الأول. وأشار موسى إلى أنه لا يمكن اتخاذ الاتحاد الأوروبي كنموذج للوصول إلى الوحدة في المنطقة العربية وذلك نظرا لاختلاف الثقافة والثقل الاقتصادي والسياسي، مطالبا بضرورة إقامة علاقات قوية مع الاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بالتواصل مع الدول الأوروبية والاستفادة من قدراتها الإدارية وخبراتهم الاقتصادية، حتى نتمكن من الوصول إلى نفس مستوى الاتحاد في المستقبل.
مشاركة :