يناقش مدرب المنتخب الإنجليزي السابق والمدرب الحالي لمنتخب الفلبين، الفترة التي قضاها في تدريب نادٍ بدوري الدرجة الخامسة في السويد، وتلاشي فرصته مع مانشستر سيتي، والأمر الوحيد بمجال كرة القدم الذي يشعر بالندم حياله.لا يعتبر سفين غوران إريكسون من نمط الشخصيات التي تكثر الندم على ما فاتها، خصوصاً أن المدرب السويدي يتمتع بالفعل بمسيرة مهنية استثنائية لا تزال مستمرة. وقد تولى تدريب 16 فريقاً في ثماني دول مختلفة؛ لكنه قال لي مؤخراً إنه ليس هناك كثير من الأمور التي كان يتمنى لو أنه فعلها على نحو مختلف، على مدار الأعوام الـ42 الماضية.ولا أمر واحد؟ أجاب إريكسون، المدرب الحالي لمنتخب الفلبين، عندما التقينا داخل فندق إلى جوار استاد زايد الرياضي في عاصمة الإمارات العربية المتحدة: «حسناً... ربما أمر واحد فقط... وهو آخر بطولة لكأس العالم». عام 2006، سافرت إنجلترا إلى بطولة كأس العالم في ألمانيا، بفريق كان يضم ستيفين غيرارد، وديفيد بيكام، وريو فيرديناند، وجون تيري، وواين روني، ومايكل أوين. وتقدم المنتخب عبر دور المجموعات، وهزم الإكوادور في دور الـ16، ليواجه البرتغال في دور ربع النهائي.بعد مرور 120 دقيقة من المباراة دون أهداف، ومع غياب بيكام للإصابة وغياب روني لتعرضه للطرد، سجلت إنجلترا هدفاً واحداً فقط من ركلات الترجيح، لتخسر المباراة بنتيجة 3 – 1، وتودع البطولة من دور ربع النهائي تحت قيادة إريكسون للمرة الثالثة في أربعة سنوات. وقد أهدر فرص تسجيل الأهداف كل من غيرارد وفرانك لامبارد وجيمي كاراغر. وقال إريكسون: «كان يتعين عليَّ اصطحاب مدرب ذهني لتهيئة اللاعبين للمشاركة في ركلات الترجيح. ظننت أننا مخضرمون بما يكفي، وأن لدينا لاعبين متخصصين في ركلات الترجيح. ما زلت أشعر بالذنب لعدم اصطحاب مدرب ذهني» وهز رأسه مبتسماً وأضاف: «رغم أن هذا أصبح ماضياً الآن، فإن خسارة إنجلترا بركلات الترجيح في ربع نهائي مونديال 2006 ما زالت تؤلمني».ولا يزال إريكسون يتابع أخبار المنتخب الإنجليزي حتى اليوم، ولم يشعر بأي غيرة تجاه غاريث ساوثغيت ولاعبيه، لدى وصولهم دور قبل النهائي ببطولة كأس العالم في روسيا. في الواقع، لقد حدث العكس تماماً. وعن هذا، قال إريكسون: «كنت سعيداً للغاية من أجلهم. لقد قدموا أداءً جيداً وكانوا فريقاً رائعاً يتألف من لاعبين صغار في السن ومتعطشين للكرة. وعندما تشاهد هؤلاء اللاعبين وهم يشاركون في صفوف توتنهام هوتسبير ومانشستر يونايتد، تجد أنهم يقدمون كرة قدم رائعة ويتمتعون بالثقة. كما أنهم يملكون أمراً مهماً للغاية، السرعة، وبالتالي فإنهم يتسمون بخطورة كبيرة في الهجمات المرتدة».وأشار إريكسون إلى أن هؤلاء اللاعبين في نهاية الأمر يعودون إلى أنديتهم، ويجري تدريبهم على يد بعض أفضل التكتيكيين في العالم. وهذا أيضاً من الأمور التي تخلق اختلافاً. وقال: «عندما كنت في إيطاليا في تسعينات القرن الماضي ومطلع الألفية الجديدة، كان الجميع يرغبون في الذهاب لإيطاليا، جميع اللاعبين. اليوم، أصبحوا يرغبون في الذهاب إلى الدوري الممتاز، وينطبق القول ذاته على المدربين». ويتضمن ذلك جوسيب غوارديولا في مانشستر سيتي. كان إريكسون، الذي وجد نفسه محصوراً داخل الخلافات الإدارية بالنادي، بين ستيوارت بيرس ومارك هيوز، قد ترك ما كان آنذاك «سيتي أوف مانشستر ستاديم» في يونيو (حزيران) 2008، بعد نحو عام من انضمامه للنادي، وقبل شهرين فقط من استحواذ مجموعة أبوظبي المتحدة على النادي. ومن جديد، لا يشعر إريكسون بالغيرة تجاه مئات الملايين التي دفعت مانشستر سيتي نحو الازدهار والصعود. وقال إريكسون بابتسامته المعهودة: «كان ليصبح الأمر عظيماً، أليس كذلك؟ لقد كنت هناك في وقت مبكر بعض الشيء». ومن الواضح أن إريكسون معجب بأداء الفريق، وقال: «إنهم فريق رائع، وأعتقد أنه سيبقى نادياً عظيماً لسنوات قادمة».بعد فترات عمل قضاها في الصين، والآن جنوب شرقي آسيا، يبدو إريكسون مؤهلاً بصورة جيدة للتعرف على ما إذا كان مانشستر سيتي قادراً على منافسة غريمه الآخر داخل مانشستر، مانشستر يونايتد، من حيث الشعبية داخل أكبر قارات العالم؛ حيث لا يزال منظر القمصان ذات الألوان الزرقاء الفاتحة مشهداً نادراً. وعن هذا، قال إريكسون: «بمقدورهم بالتأكيد؛ لكن الأمر سيحتاج بعض الوقت؛ لأنه كما تعلم بالتأكيد فإنه داخل آسيا يتمتع كل من مانشستر يونايتد وليفربول بشعبية كبيرة نظراً لتاريخهما». ومع هذا، هناك مؤشرات على التغيير. وقال إريكسون: «أعتقد الجيل الصغير يتطلع نحو مانشستر سيتي، وليس مانشستر يونايتد».الواضح أن مانشستر سيتي يقود الساحة الكروية داخل أرض الملعب، ويعمل مدربون مثل غوارديولا على ضمان أنه حتى في عمر الـ70، يتعين على إريكسون العمل بجد حتى يبقى على اطلاع بأحدث التوجهات والأساليب الجديدة بعالم كرة القدم. وعن ذلك، قال إريكسون: «إذا رغبت في مواكبة التغييرات، فإنه يتعين عليك متابعة كرة القدم بأقصى درجة ممكنة. عليك أن تعيش بأفضل طريقة متاحة؛ لكن عليك كذلك متابعة التلفزيون ومباريات جميع الفرق الكبرى: برشلونة، وريال مدريد، وبايرن ميونيخ، والآن مانشستر سيتي. هل ترغب فيما يفعلونه؟ إذا أمكن فعليك الذهاب ومشاهدتهم أثناء التدريبات، ذلك أنه باستطاعتك التعلم باستمرار. ولن تبلغ كامل المعرفة أبداً في هذه المهنة».الواضح أن القدرة على التكيف تشكل عنصراً محورياً في حياة إريكسون، الذي بدأ مسيرته مع فريق ديغيرغروس عام 1977، وقال: «في ذلك الوقت في السويد، كان الجميع يعتمدون على أسلوب 4 - 4 - 2 طوال الوقت». وأضاف أن الفرق أصبحت أكثر مرونة بكثير في الوقت الحالي. وشرح أنه: «بمرور الوقت أدركت أن الأمر الأهم على الإطلاق ليس خطة اللعب، وإنما الأهم هم اللاعبون الذين تملكهم». وقال إريكسون: «أعشق كرة القدم. لا أتعاطى المخدرات؛ لكني أعتبر الكرة المخدر الذي أدمنه. لقد ظللت في إجازة لمدة عام قبل أن أتولى هذا العمل، لذا توليت رعاية الفريق المحلي بمنطقتي، والذي يشارك في دوري الدرجة الخامسة في السويد، وصعدت بهم إلى الدور الرابع. وقد ساعدتهم في ضم لاعبين جدد أيضاً. كان هذا أمراً عظيماً».ونفى إريكسون أن يكون المال الدافع الرئيسي وراء قراراته، رغم حقيقة أنه بناءً على تصرفات مستشاره المالي السابق، خسر المدرب الملايين خلال العقد الماضي. وقال: «لست مع الفلبين أو الصين من أجل المال. لا أحتاج العمل إذا لم أكن أرغب فيه». جدير بالذكر أنه جرى تعيينه بناءً على تعاقد لمدة ثلاثة شهور في أكتوبر (تشرين الأول) ليحل محل تيري بوتشر الذي استقال في أغسطس (آب)، بعد 50 يوماً له في العمل وعدم خوضه أي مباريات. وقال إريكسون: «لم أكن أتطلع نحو وظيفة. لقد رفضت عرضين من الكاميرون والعراق. لقد اعتقدت أنه لا ضير في أن أذهب إلى الفلبين لأرى كيف سيكون الأمر».وسرعان ما شعر إريكسون بالارتياح هناك. وقال: «أحببت اللاعبين والناس. أنا هنا لمدة ثلاثة شهور، ويبدو الطقس لطيفاً، بينما يسود طقس بارد السويد بين نوفمبر (تشرين الثاني) ويناير (كانون الثاني). أيضاً، تعتبر البطولة الآسيوية مسابقة رفيعة المستوى».
مشاركة :