لا شك أن فوز مرشح المعارضة أكرم إمام أوغلو للمرة الثانية بمنصب رئاسة بلدية اسطنبول، وجه صفعة قوية لحزب "العدالة والتنمية" الذي يقوده الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لا سيما أن تلك المدينة ظلت لسنوات طويلة تحت "ظلال" الحزب الحاكم. في موازاة تلك النتيجة، يواصل أحمد داود أوغلو رفيق أردوغان البارز في "العدالة والتنمية"، والذي شغل عدة مناصب هامة في السابق، منها رئاسة الحزب ومجلس الوزراء ووزارة الخارجية، عزمه إنشاء حزب سياسي جديد نتيجة خسارة الحزب لكبرى مدن البلاد، إلى جانب علي باباجان الذي ينوي أيضاً تشكيل حزبٍ آخر بعدما أبعده أردوغان عن المشهدين السياسي والاقتصادي الذي كان يتصدره قبل أعوام. معارك داخل الحزب الحاكم وفي هذا الصدد، أكد الصحافي التركي إلهان تانير أن "الهزيمة المهينة لأردوغان في انتخابات اسطنبول، فتحت الأبواب أمام معارك داخل حزبه". كما رجّح المحلل السياسي المعروف أن "تلعب تلك المعارك دوراً مهماً في تشكيل أحزاب جديدة وظهور تقسيمات أخرى داخل حزب العدالة والتنمية". كما وصف "انتصار إمام أوغلو" على منافسه بن علي يلدرم الذي ينتمي لحزب أردوغان بـ"اللحظة الحاسمة" في السياسة التركية. وأضاف أن "الناخبين اعتبروا قرار إلغاء نتيجة الانتخابات الأصلية في اسطنبول غير مبرر. وكان هذا الأمر بمثابة صفعة كبيرة في وجه الحكومة، بالإضافة إلى الآن الحالة الاقتصادية الرهيبة، لعبت دوراً مهماً في خسارة مرشح أردوغان مجدداً". ورأى تانير الذي يعمل كمحرر تنفيذي في القسم الإنجليزي من صحيفة "أحوال تركية" الناطقة بثلاث لغات، أن "لدى إمام أوغلو قدرة في التغيير"، لافتاً إلى أنه "قائد قوي يجيد استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بمهارة عالية وأمامه فرصة لقلب الأمور بطاقته وتحدّيه لأردوغان". وتابع: "على الرغم من أن المجلس البلدي في اسطنبول يتألف من أعضاءٍ من حزب العدالة والتنمية، فإن إمام أوغلو قد يتمكن من التغلب على هذه العقبات من خلال إدارته الجيدة مستعيناً بتأثير الصحافة ووسائل التواصل الاجتماعي". دور الأكراد إلى ذلك أشاد بدور الأكراد في فوز إمام أوغلو، واصفاً إياهم بـ "صنّاع الملوك". وقال في هذا السياق: "قد يواصل الأكراد دعم المعارضة في تركيا بما في ذلك إمام أوغلو. فقد كشفت انتخابات اسطنبول الأخيرة حقيقة أن الأكراد هم صنّاع الملوك في تركيا، ومن يريد الفوز بالانتخابات المقبلة عليه أن يتقرب منهم ليحصل على دعمهم". وتولى إمام أوغلو الذي ينتمي لحزب "الشعب الجمهوري" المعارض مهامه برئاسة بلدية اسطنبول بشكلٍ رسمي، أمس الخميس، بعد الانتخابات التي أعُيدت الأحد الماضي وفاز فيها مجدداً بعدما نال دعماً كبيراً من الأكراد، خاصة من أنصار حزب "الشعوب الديمقراطي" رغم محاولات أردوغان كسب أصواتهم لصالح مرشحه.
مشاركة :