من وجهة نظر الطفل «نعيم» في فيلم (بحب السيما)

  • 6/29/2019
  • 00:00
  • 13
  • 0
  • 0
news-picture

تتمتع الأفلام عادة برؤية سينمائية فريدة تخلق متعة بصرية للمشاهد في أحداث القصة وهي تسرد أمامه في مشاهد، لكن ما يغفل عنه البعض «وجهة نظر من يخبرنا القصة؟»، ووجهة النظر هذه تتحمل مسؤولية عميقة وحساسة فيما لو استخدمت من وجهة نظر خاطئة، مثال على ذلك الفيلم المصري (بحب السيما) الذي أنتج عام 2004، من تأليف السيناريست هاني فوزي، وإخراج أسامة فوزي، وبطولة محمود حميدة، وليلى علوي، ويوسف عثمان. تدور أحداث الفيلم حول عائلة مسيحية تعيش في حي شبرا، عام 1966، حيث تتكون العائلة من الأب عدلي (محمود حميدة)، والأم نعمات (ليلى علوي)، والابن نعيم (يوسف عثمان)، والابنة نعيمة (جاسمين). تلك العائلة الصغيرة التي تجمعها شتى التناقضات، بدءا من شخصية الأب عدلي «الأرثودوكسي» المتشدد المتزمت دينيا، والذي يعمل كأخصائي اجتماعي في مدرسة، وشخصية الأم نعمات من الطائفة «البروتستانتية» التي تبعت شغفها في رسم اللوحات، وتبعها العديد من قوانين الأب التي شكلت ضغطا وعبئا على العائلة من الجانب الديني، في محاولة منه لضبط سلوكيات عائلته حسبما يراه هو، ابتداء من إصراره على تحريم الذهاب للسينما، وانتهاء بقمع اللوحات التشكيلية التي كانت ترسمها زوجته قبل زواجها منه. فيما يمثل الطفل نعيم عيني المشاهد اللتين نرى من خلالهما أحداث القصة التي تروى من خلال شخصيته الديناميكية في الفيلم، والتي تطورت وفقا للمعطيات التي يواجهها من شخوص وأفكار وثقافات دينية. منذ بدء الفيلم، نكون مع الابن نعيم وهو على شرفة شقتهم الصغيرة في الطابق العلوي لمبنى قديم يسكنه عدد من العوائل المختلفة الأديان، ليعرفنا بجيرانهم وأسمائهم ووظائفهم في مشهد عفوي وسريع من منظوره كطفل. وذلك ما يعرف بمرحلة التأسيس في كتابة السيناريو من إعطاء المشاهد بعض المعلومات للتأقلم مع عالم قصة الفيلم قبل أخذه إلى عمق أحداثها، باعتباره المشهد الذي دفع بعجلة القصة للأمام، وأوضح لنا موضوع الفيلم الذي يتمحور حول «التشدد والتزمت الديني»، والذي بدا جليا ضمن مشهد بين الأب والابن وهو يحذره ويعاتبه من ذهابه للسينما مع خاله قبل يومين. يلقي الأب وابلا من التهديد والوعيد مستعينا بالدين والعقوبات الإلهية وهو يقول له «كل الفنانين، المغنيين، الرقاصات، واللي يروحو السيما، حيروحوا النار»، هذا التخويف المتشدد يجبر الابن نعيم على السؤال بشكل عفوي قائلا «النار فيها الممثلين والممثلات والمغنيين؟»، فيرد الأب قائلا «طبعا، حيروحوا النار»، فتأتي ابتسامة الابن وهو يقول «الله، يا سلام، دا النار مكان حلو!». نتبع الابن نعيم وهو يتجول في منزلهم والمدرسة ومنزل جدته، وفي كل مكان يكون فيه ينقل لنا من خلال اختلاساته للنظر بشكل شقيّ بين فتحات الأبواب أو ثقب الباب حول ما يدور من أسرار وعلاقات عاطفية، لكن ما يميز وجهة نظر الطفل نعيم هي قدرتنا كمشاهدين على أن نرى الأحداث والشخصيات وتفكيرها وأخلاقياتها من خلال عينيه، وهذا بحد ذاته نقطة ذكية في تلافي الانتقادات التي قد تلحق بالفيلم أو التخفيف منها، حيث نستطيع أن نتعاطف من الطفل ونبرر ما يفعله ويقوله. فمواضيع الفيلم تتمثل في التشدد الديني وتأثيره على الفرد، والأسرة، والمجتمع، وكذلك الفن وعلاقته برقي الإنسانية وحريتها، وهذه المواضيع تعتبر متناقضة في بعض البلدان العربية، فعلى سبيل المثال لو تم إخبار القصة من وجهة نظر الأم أو الجدة فلن يتم تقبل الفيلم بشكل إيجابي، بل قد يسبب حرجا للمؤسسات الدينية والفنية. المشهد التأسيسي ودفع عجلة القصة للأمام مسؤولية وجهة النظر في الفيلم ومن يسردها وجهة نظر «الطفل» في الأفلام ومدلولاتها

مشاركة :