يوجد في الجهاز الهضمي عدد كبير من البكتيريا، سواء النافعة أم الضارة، والتي تؤدي وظائف حيوية في تعزيز الصحة، وكذلك الإصابة بالأمراض، ويُقدَّر عددها بقرابة 100 تريليون، وتركيبتها فريدة وتختلف من فرد إلى آخر. ويُعد تناوُل المضادات الحيوية من العوامل المخلة بتوازُن البكتيريا النافعة في الأمعاء؛ ما يؤدي أحيانًا إلى الإصابة بأعراض متعددة، أبرزها: الغازات والإسهال. تعمل البكتيريا النافعة المتواجدة بشكل طبيعي في الأمعاء على تقوية مناعة الجسم، وحمايته من البكتيريا الضارة، إضافة إلى أنها تسهم في تحسين هضم الطعام وامتصاصه. على الصعيد العالمي، ينفق الأفراد مبالغ طائلة للحصول على المكملات الغذائية المحتوية على البكتيريا النافعة (البروبيوتيك)، إذ يُقدَّر حجم مبيعاتها بقرابة 3.7 بليون دولار في عام 2016، ومن المتوقع أن ترتفع مبيعاتها إلى 17.4 بليون دولار بحلول عام 2027. وعلى رغم من أنها تُعد بصفة عامة آمنة، بحسب هيئة الغذاء والدواء الأميركية، إلا أنها لا تستخدم لعلاج أو منع حدوث الأمراض، ومعظم الدراسات التي جريت عليها إما أنها محدودة النطاق، أو يصعب تعميم الاستنتاجات المتعلقة بفعاليتها ومدى فائدتها في علاج الأمراض؛ لذلك لا بد من إجراء المزيد من الأبحاث العلمية. لاتزال جدوى تناول الكبسولات المحتوية على البكتيريا النافعة في علاج الأمراض غير مؤكدة، أو تُعد ذات تأثير ضعيف مقارنة بالطرق العلاجية الأخرى، كما في حال الإصابة بالأمراض التالية: جرثومة أو قرحة المعدة، القولون العصبي، داء الأمعاء الالتهابي، الإمساك أو الاسهال، سرطان المعدة أو سرطان القولون، التهاب البنكرياس، الحساسية وحب الشباب، السمنة. ويجدر الإشارة إلى أن الأبحاث أوضحت أن توازُن البكتيريا النافعة بالأمعاء يعود بشكل تدريجي من دون الحاجة إلى تناول مكملات غذائية، وذلك بعد القضاء عليها بتناول المضادات الحيوية، والأطعمة المحتوية على بكتيريا نافعة متعددة منها: اللبن والحليب المخمر، بعض أنواع الجبن، فول الصويا المخمر. وأيضًا بعض أنواع الزبادي تُعتبر مصادر جيدة للبكتيريا النافعة ولكن تعرُّضها للبسترة يؤدي إلى القضاء على البكتيريا النافعة فيها. كما أن الفواكه والخضروات تحوي أليافا تُعد غذاءً يعزز نمو البكتيريا النافعة في الأمعاء. وأخيرًا، لا يُنصح بتناول المكملات المحتوية على البكتيريا النافعة بمجرد الشعور بالتخمة، الإسهال أو الإمساك أو غيرها من أعراض الجهاز الهضمي؛ وذلك لأنَّ فائدتها محدودة ولا تخلو من الأعراض الجانبية، وقد لا تناسب بعض الحالات، ويوصى بتناولها تحت إشراف طبيب. * طبيب باطنية - مدينة الملك عبدالعزيز الطبية بالرياض.
مشاركة :