قصائد شميسة النعماني تزرع القمح في الرياح

  • 6/30/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

الشارقة- محمدو لحبيب من ذا الذي يزرع في الريح قمحه؟ لا بد أنه ذلك الذي يتحدى واثقاً تلك الريح أن تذروه، أن تحوله إلى رماد، كأن لم يكن، إنه مستوى من الثقة بأصالة جذور قمحه، وفي قوة ارتباطها بالأرض، وفي قدرتها على مكافحة العاصفات، مهما اشتد قصفها. «سأزرع في الريح قمحي» ديوان شعري محدود الصفحات للشاعرة شميسة النعماني، لكنه مزدحم بروح التحدي تلك المشار إليها آنفاً، والتي تجلت أول ما تجلت في عنوانه ذاك، ثم في الغلاف الذي ضم امرأة تمشي في الريح العاصفة بثقة، ومن دون أن تتراجع خطواتها إلى الخلف. يبدأ الديوان بقصيدة تختزل الحيرة الداخلية التي ترافق كل شاعر يريد أن ينظم الكون، وما فيه داخل قصائده، وهي بعنوان «أنا لا أحد»، وينتهي بقصيدة تغازل الوطن الحبيب، وتناجيه كما يناجي الابن أباه تحت عنوان «موجوعون يا بلدي»، وما بين القصيدتين خيط ناظم مغزول بعناية، ولربما تجلى في مقاطع عدة من القصيدة الأولى حين تقول الشاعرة في مقطع منها: «أنا أبجدية فرّت إلى الأوطان يسألها الحنين عن المدد»، وفي قصيدة ثانية تحيي الشاعرة في غنائية جميلة بعنوان «حارس الشرفات»، ذلك الحلم والألم الذي تنشده، فتقول: «سلام عليك/ سلام على بسمة منك مالت على نبتة فارتوت/ سلام على نبضة في حروفك هلّتْ على امرأة فانثنت/ سلام عليك / وأنت نهوضُ الضياء إلى بقعة الظل/ أنت سنونو الحقول التي أخصبت بالغناء/ ومدت إلى الفقراء بياضاً وحفنة فل» إلى أن تقول: «سلام عليك من الشرفات التي يتمشى عليها شهيق من الياسمين/ سلام عليك من الصفحات التي تتزيى بلون وشاح الحنين/ ومن عابرات السياج التي صادفتك/ كعصفورة تشتهي لوزة خلف خط الحدود وتين». وللقلب وتقلباته حيز معتبر في هذا الديوان، إذ تتحدث عنه الشاعرة في قصيدة شفافة بعنوان «ترميم قلب» فتقول: «أو كلما رممتُ هذا القلب يندثر الطريق؟/ أو آنست عيناي حلما كان خلف الضوء مجدافٌ غريق؟/ أو كلما عبأتُ روحي بالخزامى/ سوف ينفخ في ذؤابتها شرارٌ أو حريق؟/ يتلفت الحزن الذي في ريف قلبي وحده/ حتى إذا اتسعت مساحات يضيق». وتعرج الشاعرة بقارئها إلى تصوير الغياب وكيف يحفر أثره عميقاً في الوجدان بخطوط لا تمحى، فتكتب له قصيدة بعنوان «عذابات الغياب»، وتقول فيها: «ياشوق يكفي ما تُعرِجه يداك على خطوط يدي/ يكفيك سيجتَ الفؤاد/ ملكته.. يكفيك غيْ/ يكفيك تزرع في فمي ملحا/ وتصلبني على شط الجمال المسقطي». وينفجر الحنين إلى الوطن بعد ذلك في كلمات الشاعرة في تلك القصيدة حين تقول: «آه على الشوق الذي تغتالني به يا وطن/ إني شهدتُ على دمي/ والساكنين بخاطري/ والحرف في شفتي/ وأحلامي/ ومن أحببتُ من موتى/ ووجه الشمس/ إني ظلك الأشقى الوفي». يقع الديوان في 68 صفحة ومن إصدارات الجمعية العمانية للكتاب والأدباء ومسعى للنشر والتوزيع.

مشاركة :