في مايو (أيار) وللشهر الثاني على التوالي، رفعت «أرامكو» السعودية الأسعار التي تبيع بها النفط لزبائنها في آسيا لتعكس بذلك اتجاه التخفيضات، التي بلغت أعلى مستوى لها منذ 26 عاما في مارس (آذار) الماضي. وأظهرت قائمة الأسعار الصادرة أمس من «أرامكو السعودية»، التي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها أن الشركة رفعت سعر خام العربي الخفيف لتسيلم شهر مايو المقبل للمشترين الآسيويين بنحو 0.30 دولار للبرميل مقارنة مع أبريل (نيسان). ولا تذكر «أرامكو» بطبيعة الحال الأسباب خلف قرارات تسعير نفوطها، ولكنها تعتمد في الـتسعير لآسيا على معادلة سعرية تدخل فيها عوامل مهمة مثل حالة أسعار نفط دبي إضافة إلى حالة هوامش تكرير المنتجات لدى المصافي، وبعض العوامل الاقتصادية والاستراتيجية الأخرى. وتسعر «أرامكو» النفط المتجه إلى آسيا كل شهر، من خلال إعطاء زيادة أو تخفيض على متوسط خامي عمان ودبي. وفي مايو، ستبيع العربي الخفيف بزيادة قدرها 0.60 دولار للبرميل فوق متوسط خامي سلطنة عمان ودبي. وفي تعليقه على أسعار «أرامكو»، يقول المحلل النفطي الكويتي عصام المرزوق لـ«الشرق الأوسط»: «يبدو لي واضحا أن (أرامكو) رفعت أسعارها، لأن هوامش تكرير المصافي في آسيا تحسنت بشكل كبير وأصبحت أسعار البنزين في وضع جيد مقارنة بالأشهر الماضية، ولذا من السهل على (أرامكو) أن تطلب زيادة على أسعار نفوطها من الزبائن». وقال المرزوق إن التحسن الذي تشهده أسعار البنزين في آسيا انعكس على أسعار النفوط السعودية الخفيفة جدا، مثل «العربي الخفيف إكسترا» أو «العربي الخفيف سوبر» وهما أكثر خامين من النفط السعودي رفعت «أرامكو» أسعارهما إلى آسيا. والسبب في ذلك، كما يقول المرزوق، أن هذين النوعين من النفط ينتجان كميات أكثر من البنزين عند تكريرهما، وهو ما يجعلهما مربحين أكثر للمصافي الآسيوية الآن. وأضاف المرزوق، وهو تنفيذي سابق في شركة البترول الكويتية الدولية، أن الوضعية التي يمر بها نفط دبي الآن كذلك ساعدت في اتخاذ «أرامكو» هذا القرار. فإذا نظرنا إلى أسعار نفط دبي فإننا سنجد أن حالة «الكونتانقو» (الآجل) التي يمر فيها بدأت بالانخفاض، وهو ما يعني أن أسعار عقود دبي المستقبلية لشهري مايو ويونيو بدأت بالانخفاض مقارنة بالأسعار الفورية الحالية لمارس أو أبريل. وطالما أن دبي في مايو سيكون أقل من سعره الآن، فهذا معناه أن المصافي سيكون لديها أرباح أفضل، ولذا لن يكون صعبا على «أرامكو» أن تطلب زيادة سعرية لنفطها. وفي الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي كان التجار والمحللون يتوقعون أن تقدم السعودية تخفيضات كبيرة للحفاظ على حصتها في آسيا، وبخاصة في الصين، حيث تراجعت حصتها السوقية في عام 2014 لصالح نفوط أخرى، مثل النفط الروسي أو النفوط المقبلة من أميركا اللاتينية أو حتى من بعض دول «أوبك»، مثل العراق وإيران. وفي الربع الرابع من العام الماضي زادت الصين وارداتها من نفط روسيا بنحو مليون طن، فيما تراجعت وارداتها منه النفط السعودي بنحو 35 ألف طن خلال الفترة نفسها. ويضيف المرزوق: «يبدو أن الحصة السوقية لدى السعودية في آسيا، تم تأمينها بشكل كبير ولهذا من السهل الآن أن تقوم (أرامكو) برفع الأسعار بصورة بسيطة حتى تحقق أرباحا أكثر، ولكن هذا لا يعني أن الحصة السوقية في مأمن تام، فدول أميركا اللاتينية، وخصوصا المكسيك وفنزويلا، يريدون بيع المزيد من النفط في آسيا». وبالنسبة للمناطق الثانية التي تبيع لها «أرامكو»، فقد أظهرت قائمة الأسعار بالأمس أن الشركة قلصت سعر البيع الرسمي للخام العربي الخفيف بشحنات مايو المتجهة إلى أوروبا بمقدار 20 سنتا عن الشهر السابق ليصبح أقل 3.95 دولار للبرميل عن المتوسط المرجح لـ«برنت». وبالنسبة لزبائن الولايات المتحدة فقد حددت «أرامكو» سعر بيع الخام إلى الولايات المتحدة بعلاوة 1.35 دولار للبرميل فوق مؤشر أرجوس، أي بانخفاض 10 سنتات عن الشهر السابق. ولكن «أرامكو» رفعت أسعار النفوط السعودية الثقيلة المتجهة إلى أميركا، وهو الأمر الذي فسره المرزوق بأنه نتيجة لنمو الطلب عليها هناك. وكانت «أرامكو» قد رفعت أسعار بيع نفطها لزبائن آسيا في شهر أبريل الحالي، لتنهي بذلك التخفيض الهائل الذي حصلوا عليه في شهر مارس الحالي، والذي وصل إلى أكثر من دولارين على البرميل، وهو أعلى تخفيض قدمته الشركة منذ عام 1989.
مشاركة :