أنقرة - هددت تركيا اليوم الأحد بأن قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر ستكون "هدفا مشروعا" ما لم تفرج عن ستة أتراك تقول أنقرة إنهم محتجزون لدى القوات الليبية. وتأتي تهديدات أنقرة بعد أن أمرت قيادة الجيش الوطني الليبي بقصف السفن التركية التي تدخل المياه الليبية ضمن إجراءات تستهدف وقف تدفق السلاح التركي على الميليشيات والجماعات المتطرفة في العاصمة طرابلس. وألقت تركيا بثقلها في دعم حكومة الوفاق الوطني في مواجهة هجوم تشنه القوات الليبية لتطهير طرابلس من الإرهاب، لكن تحذيرها الأخير واتهامها لقوات حفتر باحتجاز مواطنين أتراك يشير إلى أنها تبحث عن المزيد من الذرائع لزيادة تدخلها في الشأن الليبي وتأجيج الأزمة الراهنة. وتدعم أنقرة جماعات الإسلام السياسي ومن ضمنها إخوان ليبيا المناوئين للجيش الوطني الليبي والرافضين لحلّ سياسي توافقي ينهي حالة الانقسام ويوحد مؤسسات الدولة التي تمزقها الصراعات منذ الإطاحة بنظام معمر القذافي. وتشكل الأزمة في ليبيا منفذا مهما بالنسبة للتمدد التركي في افريقيا حيث تسعى من خلال الدعم الذي توفره لقوات حكومة الوفاق وللميليشيات المتطرفة لتعزيز وجودها في الساحة الليبية. وقدمت أنقرة للسلطة في طرابلس المدعومة من ميليشيات مسلحة، طائرات مسيرة وشاحنات في خرق واضح للقرارات الأمم المتحدة التي تحظر السلاح عن ليبيا. ورغم الحظر الدولي استمرت تركيا في تزويد الجماعات المسلحة وحكومة الوفاق بالمال والسلاح، الأمر الذي يؤجج التوتر بين فرقاء الساحة الليبية وفي دعم من شأنه تقوية الجماعات المتطرفة. واتهمت الخارجية التركية في بيان ما وصفتها بـ"ميليشيات مرتبطة بالمشير خليفة حفتر" باحتجاز ستة من مواطنين أتراك، معتبرة أن ذلك "عمل يرقى إلى حد قطع الطرق والقرصنة"، مضيفة "نتوقع الإفراج الفوري عن مواطنينا وإن لم يتم ذلك فإن قوات حفتر ستصبح أهدافا مشروعة". ونقلت وسائل الإعلام التركية الرسمية عن وزير الدفاع التركي خلوصي أكار قوله اليوم الأحد إن أي تهديدات من قوات حفتر سيتم الرد عليها بقوة وإن تركيا اتخذت إجراءات لمنع أي هجمات. وقال أكار "نظرا لأننا نسهم في إرساء السلام والاستقرار في المنطقة، فإن أي تهديد أو هجمات سيكون ثمنها باهظا وسيتم الرد عليها بأشد الطرق وأكثرها فعالية". وزعم أكار أن تركيا "تولي أهمية لوحدة أراضي ليبيا وسيادتها وسلام شعبها وسعادته، وروح المصالحة الوطنية في ليبيا"، وهو تصريح يتناقض مع حقيقة دعم طرف في الأزمة على حساب طرف آخر بالمال والسلاح. وتابع أيضا أن "أنقرة تواصل دعم جهود الأمم المتحدة الرامية إلى حل الخلافات بين الليبيين وأن الأعمال من أجل تحقيق السلام والاستقرار ستستمر بما يتوافق مع القانون الدولي والاتفاقيات الدولية"، لكن المزاعم التي ساقها الوزير التركي تتناقض أيضا مع حقيقة خرق تركيا للقرار الأممي الذي يفرض حظرا على الأسلحة لليبيا. وقال أكار "في الوقف الذي يتواصل فيه الإسهام في تحقيق الأمن والاستقرار بالمنطقة، فإن كلفة الهجمات أو المواقف العدوانية ستكون باهظة جدا وسيتم الرد عليها بأشد ما يمكن"، مضيفا "على الجميع أن يعلم أننا اتخذنا تدابيرنا ضد جميع أشكال التهديدات والتحركات العدوانية التي قد توجه ضدنا". وبعيد التهديدات التركية ذكرت شعبة الإعلام الحربي التابعة لقوات الجيش الوطني الليبي في تدوينة على فيسبوك اليوم الأحد أن الجيش الوطني دمر طائرة تركية مسيرة في قاعدة معيتيقة الجوية العسكرية بالعاصمة طرابلس. وتوقفت الملاحة الجوية اليوم الأحد في المطار المدني الوحيد العامل بالعاصمة الليبية، ويقع في معيتيقة أيضا، وذلك بعد أنباء عن ضربة جوية. وكانت قيادة الجيش الوطني الليبي قد أعلنت يوم الجمعة الماضي حظرا على الرحلات الجوية التجارية من ليبيا إلى تركيا، محذرة من أن أي طائرة أو سفينة تركية تحاول الهبوط أو الرسو في طرابلس سيتم التعامل معها على أنها معادية. وقالت أيضا إن الجيش الوطني الليبي سيهاجم أي وجود عسكري تركي. وردا على التهديدات التركية أكد اللواء أحمد المسماري الناطق الرسمي باسم القائد العام للقوات المسلحة الليبية اليوم الأحد إن القوات المسلحة مستعدة للوقوف في وجه أي تهديد. وأشار المسماري إلى أن تركيا تدعم جماعات إرهابية في ليبيا كما أنها تتدخل في شؤون المنطقة وتهدد الأمن الإقليمي. ودعا إلى ضرورة اتخاذ موقف عربي تجاه هذه التهديدات، قائلا "على دول الجوار وجامعة الدول العربية اتخاذ موقف من التهديدات التركية". وكان قد كشف يوم السبت عن وثائق وأدلة قال إنها تؤكد الدعم التركي والقطري للمليشيات الإرهابية في طرابلس، موضحا أن الجيش لن يتهاون مع هذا التدخل التركي والقطري. وأشار أيضا إلى أن إصدار القيادة أوامرها باستهداف السفن والقوارب التركية داخل المياه الليبية وضرب كافة الأهداف الإستراتيجية التركية في ليبيا، جاء بعد أن أصبحت تركيا طرفا رئيسا في المعركة. واتهمت القيادة العامة للجيش الوطني الليبي مرارا تركيا وقطر بتأجيج الصراع من خلال تمويل وتسليح قوات السلطة في طرابلس وميليشيات متطرفة تدعمها. واشتكت مرارا من تدفق السلاح التركي على جماعة الإخوان وجماعات أخرى متشددة، داعية المجتمع الدولي للاضطلاع بدوره في وقف هذه التدخلات. وكان رئيس مجلس النواب الليبي المستشار عقيلة صالح قد أكد الأسبوع الماضي ان سبب الفشل في تسوية الأزمة الليبية هو التدخل الخارجي، مشيرا في الوقت ذاته إلى أطراف خارجية تدعم الإخوان. وقال حينها إن تنظيم الإخوان هو من انقلب على الشرعية عندما أطلقوا عملية فجر ليبيا التي دمرت المؤسسات والمنشآت الحيوية في البلاد.
مشاركة :