واشنطن تنجح في إقناع الأوروبيين بتحمل عبء شمال سوريادمشق- عاد الحديث مجددا عن انسحاب القوات الأميركية من سوريا والاستعاضة عنها بقوات من دول شريكة في التحالف الدولي لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية، بعد أن خفتت الأضواء عن هذا الملف طيلة الأشهر الماضية.وتثير إعادة طرح سحب القوات الأميركية من سوريا في هذا التوقيت بالذات العديد من التساؤلات حول ما إذا كانت واشنطن نجحت فعلا في إقناع شركائها الأوروبيين على الأخص بوجوب إرسال قوات إلى هناك، وما هو المقابل؟ وهل طرأ تطور بخصوص التباين الأميركي الروسي حيال الملف السوري والوجود الإيراني في هذا البلد على وجه التحديد؟ومعلوم أن ترامب يستعد لانتخابات رئاسية جديدة مقررة في نوفمبر 2020، وهو يريد تنفيذ أكبر عدد ممكن من تعهداته التي أطلقها خلال الحملة الانتخابية السابقة ومن بينها تخفيف الوجود الأميركي المباشر في مناطق النزاع، مكررا في أكثر من مناسبة أنه حان الوقت لتحمل الآخرين بعض الأعباء في إشارة إلى الشركاء الأوروبيين.وأعلن مؤخرا المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا جيمس جيفري عن توجه عدد من أعضاء التحالف الخمسيني إلى إرسال قوات برية في غضون أسابيع لتحل مكان نظيرتها الأميركية المنسحبة من سوريا.وقال جيفري في ختام جولة أوروبية دامت أكثر من أسبوع وقادته إلى كل من بروكسل (عاصمة الاتحاد الأوروبي) وباريس إن “هناك شيئا معلقا نتطلع إليه”. ورفض المسؤول الأميركي في حديث لموقع “دِفَنْس وان” المتخصص في أخبار الدفاع، الكشف عن الدول التي قد تنشر قوات، تاركا إعلان ذلك للحكومات المعنية.وكان الرئيس الأميركي أعلن في ديسمبر الماضي وبشكل مفاجئ عن قراره بسحب القوات الأميركية وتعدادها حوالي ألفي عنصر منتشرين في شمال سوريا وشرقها وخصوصا في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية.وأثار الإعلان حينها ضجة كبيرة خاصة وأن الأسباب الرئيسية الموجبة لإرسال تلك القوات لم تنتف بعد حيث أن تنظيم داعش لا يزال ينشط آنذاك في الشرق السوري، فضلا عن أن مثل هكذا انسحاب سيعني بالضرورة إطلاق يد طهران للسيطرة على كامل شرق البلاد، وبالتالي إقامة جسر يربطها بلبنان وذراعها حزب الله عبر سوريا والعراق، هذا إلى جانب التهديد الذي سيواجهه أكراد سوريا من تركيا التي تعتبرهم موالين لحزب العمال الكردستاني الذي ينشط على أراضيها، وقد شنت ضدهم حتى الآن عمليتين عسكريتين في الشمال السوري (درع الفرات وغصن الزيتون).وأدى قرار ترامب إلى أزمة داخلية أفضت لاستقالة وزير الدفاع جيمس ماتيس، فضلا عن ردود فعل أوروبية غاضبة. وحاول ترامب على إثر ذلك تدارك المسألة من خلال طرح خطة لإقامة منطقة آمنة في شرق الفرات، ومحاولة إقناع الشركاء الأوروبيين وفي مقدمتهم بريطانيا وفرنسا بتغطية هذا الانسحاب الأمر الذي رفضه الجانبان.وتوجهت الإدارة الأميركية إلى ألمانيا، إلا أنها واجهت ذات الموقف، وفي مقابل ذلك نشطت الدبلوماسية التركية لإقناع البيت الأبيض بملء هذا الفراغ بيد أن واشنطن ليست متحمسة لهذا الخيار لعدة عوامل من بينها إلقاء الأكراد الذين كانوا فاعلين رئيسيين في المعركة ضد داعش بين فكي أنقرة، الأمر الذي سيمثل إحراجا كبيرا ويكرس الاعتقاد السائد بأنه لا يمكن الوثوق بالإدارة الأميركية.وقال جيمس جيفري في معرض تصريحاته “خلال الأسابيع القادمة، من المرجح أن نكون أكثر انفتاحا” لإعلانات إرسال قوات حليفة إلى سوريا، مشيرا إلى أن “بعض الدول قد تختار المشاركة في صمت ولا مانع في ذلك بالنسبة لنا”.
مشاركة :