ماذا لو نجح روبرتو باجيو، نجم المنتخب الإيطالي، في تسجيل ركلة الترجيح الحاسمة أمام البرازيل في نهائي مونديال 1994؟ سؤال إجابته تكفي لتغيير تاريخ كرة القدم، حيث كان في مقدور الطليان رفع رصيدهم من الألقاب المونديالية في الوقت الراهن إلى 5، مقابل 4 للبرازيل، إلا أن ذلك لم يحدث، ولازال المنتخب البرازيلي يتصدر قائمة الأكثر معانقة للمجد المونديالي بـ 5 ألقاب، مقابل 4 لإيطاليا، و 4 لألمانيا. ولأنه حدث تاريخي، وكابوس لا يتوارى مهما مضى من سنوات، فقد اعترف باجيو بأن مرور ما يقرب من ربع قرن على إهداره للركلة الشهيرة لم يكن كافياً لمداواة الجرح، والتخلص من الكابوس، مضيفاً: «لازالت حتى الآن أشعر بالأرق، لا أصدق ما حدث، لقد كان الحصول على كأس العالم حلم طفولتي، وحلم إيطاليا بأكملها، لم أتخيل يوماً أن أكون سبباً في هذا المشهد الحزين المحفور في ذاكرتي حتى الآن». وفي مباراة أوروجواي وبيرو في ربع نهائي كوبا أميركا المقامة في البرازيل حالياً، أهدر لويس سواريز ركلة ترجيح تسببت في إنهاء أحلام منتخب بلاده في الفوز باللقب، وحرمان أفضل أجيال أوروجواي بقيادته، مع كافاني وجودين وموسليرا وخيمينيز، من تحقيق إنجاز كبير لم يحدث منذ عام 2011 حينما فاز منتخب أوروجواي بآخر ألقابه في كوبا أميركا، وتسببت الركلة المهدرة في الخروج على يد بيرو، أحد المنتخبات التي لم تكن مرشحة للذهاب بعيداً في البطولة. بل إن ركلة الحلم الضائع جعلت أضلاع المربع الذهبي للبطولة أبعد ما تكون عن التوقعات، فقد تأهلت بيرو لملاقاة تشيلي في قبل النهائي على حساب أوروجواي، وعلى الجانب الآخر تصطدم البرازيل مع الأرجنتين في كلاسيكو يترقبه العالم. وأكد سواريز، عقب المباراة، أنه يشعر بالامتنان لرفاق دربه الذين حاولوا التخفيف من وقع الصدمة عليه، كما ألمح إلى أن حسم المباريات الكبيرة بركلات الترجيح قد لا يكون عادلاً، مضيفاً:«خسرنا بركلات الترجيح، هذه النتيجة ليست عادلة، لأننا كنا الأفضل، وصنعنا فرصاً عدة، ولكن لم ننجح في استغلالها، هذه ليست المرة الأولى التي أعيش خلالها موقفاً صعباً، سوف أرفع رأسي وأستمر في مشواري، لقد وجدت من زملائي الدعم اللازم إنسانياً، عشت لحظات صعبة وحزينة، ولكن دعمهم لي كان مؤثراً وضرورياً». وتسببت ركلات ترجيح مهدرة في تغيير تاريخ كرة القدم، لتتحول إلى كابوس يطارد أشهر نجوم الساحرة للأبد، فقد دخل سواريز دائرة الندم التي عانى منها مشاهير وأيقونات الساحرة، وعلى رأسهم سقراط وزيكو ومارادونا وباجيو وبيكهام وميسي وغيرهم من النجوم. 1- باجيو قد لا يكون باجيو من بين الأعظم في تاريخ كرة القدم، ولكن حتماً من بين الأشهر، والمفارقة أن إبداعاته لم تكن كافية لمنحه هذه الشهرة، بل تسببت ركلة الترجيح الحاسمة التي أهدرها أمام البرازيل في نهائي مونديال 1994 في منح اللقب للسامبا، وغرقت إيطاليا في حزن عميق تجاوز الجميع، إلا شخصاً واحداً ما زال أسيراً له بعد ربع قرن، وهو باجيو نفسه. 2- سقراط وزيكو وبلاتيني في مباراة تم تصنيفها من بين الأعظم والأكثر إثارة في تاريخ كرة القدم، وهي موقعة فرنسا والبرازيل في ربع نهائي مونديال 1986، أهدر زيكو ركلة جزاء، وأضاع سقراط وبلاتيني ركلتي ترجيح، ومنذ هذا اليوم لا يتوقف الحديث عن أساطير يطاردهم كابوس ركلة الحلم الضائع. 3- مارادونا على الرغم من أنه الأفضل في تاريخ الساحرة، وعلى الرغم من تسجيله أهدافاً تقترب درجة صعوبتها من المستحيل، مثل هدفه الثاني في إنجلترا بمونديال 1986، فإن مارادونا أهدر ركلة ترجيح مع منتخب الأرجنتين أمام يوغسلافيا في ربع نهائي مونديال 1990، وأنقذ الحارس جويكوتشيا الموقف حينما تعهد لمارادونا بالتصدي لركلتين، وأوفى بوعده. 4- تريزيجيه لم تتوقف دموعه طوال رحلة العودة إلى باريس، ولم يتمكن من السيطرة على مشاعره في حفل الاستقبال الذي أقامه الرئيس شيراك لمواساة منتخب فرنسا الذي أخفق في نهائي مونديال 2006 أمام إيطاليا، وكان دافيد تريزيجيه صاحب الركلة المهدرة التي أضاعت حلم فرنسا، ولكنه أطلق تصريحاً فلسفياً مثيراً بعد ذلك، حينما قال:«هذه الركلة الضائعة تصنع التاريخ أكثر من المسجلة». 5- ميسي «من المؤلم ألا تكون البطل، لقد فعلت كل شيء لكي أمنح الأرجنتين لقباً، لكن يبدو أن الأمر ليس مكتوباً لي»، بهذه الكلمات المؤلمة ودع ميسي منتخب التانجو في صيف 2016 معتزلاً، على إثر إهداره ركلة ترجيح أمام تشيلي في نهائي كوبا أميركا، وظهر باكياً للمرة الأولى في حياته، لكنه عاد لاحقاً، ولازال يحاول كسر العقدة، والتتويج مع الأرجنتين بلقب كبير يحصل بموجبه على صك أسطورة الأساطير.
مشاركة :