دمية أفريقية تنافس باربي الشقراء على عرش جمال الدمى

  • 7/2/2019
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

عندما عادت ابنتها ذات الثلاثة أعوام من دار الحضانة وأخبرتها بأنها تريد أن يكون لها شعرها ناعما كالحرير، شعرت كوليل فيلاكازي-أوفوسو بالضجر من النماذج الغربية للجمال لأن حلم ابنتها صاحبة الضفائر الأفريقية والشعر المجعد هو أن تبدو مثل باربي ومثل الدمى التي تلعب بها. وعلّقت الأم على هذا الموقف بقولها، “عندما كنّا صغارا غرسوا فينا أنه لا يوجد سوى نموذج واحد للجمال: الشعر الأشقر الطويل والناعم”. وتعترف أنها في حقيقة الأمر لم تُدر بالا وقتا طويلا لألعاب ابنتها إلا عندما تمنت الصغيرة ذات الثلاثة أعوام أن يكون لها شعر أملس، فأصبح جليا أن شيئا ما يجب أن يتغير. وعليه قررت فيلاكازي-أوفسو أن تقوم على وجه السرعة بتأسيس شركتها الخاصة بمجموعة سيباهل، والتي تهدف إلى صنع دمى تشبه الأطفال الذين يلعبون بها، مدافعة عن فكرتها، “قررنا أن تمثل علامتنا التجارية أولئك الذين قامت صناعة الجمال بتهميشهم”. وأوضحت، أن شركتها بالإضافة إلى الدمى ذات الشعر الأفريقي المجعد تقوم بإنتاج دمى أخرى مصابة بالمهق، أي نقص التصبغ الذي يظهر مع البشرة من اللون الفاتح، ففي أغلب الأحيان يتعرض الأطفال المصابون بالمهق لمضايقات من زملائهم على اعتبار أنهم “مخيفون” أو “مسحورون” أو “ملعونون”، ولهذا السبب يصبح الأطفال المصابون ضحايا لسيل من الخرافات الأفريقية بل وصل الأمر لاختطاف البعض من المصابين واحتجازهم أو تقطيع أوصالهم ظناً أن أجزاء من أجسادهم بها قوى سحرية. ليست مجموعة سيباهل وحدها هي من تحارب هذا النوع من التمييز من خلال مقرها في جوهانسبرغ، بل أصبح هناك الآن كيان آخر هو ألعاب مالافيل، في مدينة كابو، والذي يقوم بتصنيع دمى مصابة بالمهق وأخرى ذوات بشرة سمراء. وتقول مالا براين، مؤسسة الشركة، “غالبا ما يتعرض الأشخاص ذوي البشرة الداكنة للسخرية بسبب لون بشرتهم”. على صفحة الإنستغرام الخاصة بمجموعة سيباهل يقوم الآباء بمشاركة وتبادل صور لأبنائهم مع الدمى الجديدة، فتُرى على سبيل المثال مقاطع فيديو تصوّر فرحة إحدى الفتيات الصغيرات العارمة وهي تقوم بفتح علبة تخرج منها دميتها. وتوضح فيلاكازي-أوفوسو، “هذه الفرحة لأنها ترى نفسها في ما يشبهها للمرة الأولى”، كما تضيف سيدة الأعمال، “أن هناك الكثير من البالغين ممن يشترون الدمية المصابة بالمهق لأنفسهم، حيث طالما تمنى هؤلاء العملاء امتلاك مثل هذه الدمية في طفولتهم”. وفي ذات الوقت قامت فيلاكازي-أوفوسو مع شريكتها كارولين هلاهلا، من زيمبابوي، بتصميم نموذج لدمية مصابة بالبهاق، وهو مرض يصيب الجلد في هيئة بقع بيضاء. وتشير فيلاكازي-أوفوسو أنها لم تعجب كثيرا بالدمى السمراء التي وجُدت من قبل في الأسواق، ولم تترك في نفسها أثراً حيث لم يحمل الكثير منها الطابع الأفريقي أو المظهر العام للطفل الأفريقي. إن مشكلة وجود دمى متوافقة مع الأطفال موضوع يُشغل كذلك البالغين في أوروبا، ففي ألمانيا على سبيل المثال طُرح نقاش منذ فترة حول التمثال النصفي لباربي من ناحية ظهور الجزء العلوي لها في هيئة ضخمة أو ممتلئة وهي دمية شديدة النحافة. وفي هذا الصدد يوضح ستيف شميديل، الباحث في مجال النوع بمنظمة بينكستينكس الاحتجاجية أن هناك من الدراسات ما يثبت أن الدمى ذات قياسات الجسد غير المتناسقة والمشوهة يمكن بدورها أن تعزز صورة مغايرة للجسد أو أن تولد ما يُعرف بفقدان الشهية بين الأطفال.ونرى كذلك انقلابا بين مصنّعي الألعاب التقليدية باتجاههم إلى التنوع حيث قام ماتيل، هذا العملاق الأميركي، ضمن مجموعته المعروفة بـ”فاشونسيستاس” أو “عاشقات الموضة” بتقديم دمى باربي من خلال أربعة أبعاد وقياسات مختلفة للجسد، وتسعة ألوان للبشرة، وأربعة ألوان للعين وكذلك إحدى عشر طريقة لتجميل البشرة وزينتها وإحدى عشر طريقة لتصفيف الشعر. إلا أن مديرة منظمة بينكستينكس توجه النظر إلى أنه من الناحية العملية لا يقوم العملاء بشراء تلك الدمى، ويؤكد شميديل أنه، “لا يزال الطلب عبر إنستغرام وعبر صفحة ‘النموذج الألماني التالي الذي سيحتل القمة’ مستمرا على دمى باربي الكلاسيكية شديدة النحافة”. ويشير كذلك إلى عدم إغفال تأثير العامل الموروث من التاريخ الاستعماري لأفريقيا، وإلى اتجاه الفتيات الشابات لإنفاق الكثير من الأموال في خطوات مضرّة لتبييض البشرة وتصفيف وتمليس الشعر، حيث لا تزال البشرة البيضاء والشعر الأملس أمرا مرغوبا فيه بل ومطمعاً. وعليه يشير الباحث في قوله “أصبح من الضروري والملح أن يكتسب كل من الشابات والشباب الأفارقة ثقة أكبر بالنفس وأن يُنقل لهم الشعور بالاعتزاز: نعم لنا بشرة سمراء أو سوداء وعلينا أن نفخر بذلك”. وبالرغم من وجود دمى باربي ذات بشرة سمراء وشعر أفريقي مجعد على الموقع الإلكتروني لماتيل، إلا أنها تختلف في مظهرها تماماً عن الدمى الخاصة بمجموعة سيباهل. فتقول فيلتكازي-أوفوسو، “أردناها دمية ذات أنف أفطس ووجنتين مستديرتين، دمية ذات مظهر طفولي لا يحمل هذا الكم من الإيحاءات الجنسية، كما أن ملابس الدمى مصنوعة من الأقمشة المحلية ذات الطباعة الملونة”. إلا أن القليل من الأسر الجنوب أفريقية هي من يمكنها الحصول على هذه الدمى الاستثنائية والخارجة عن المألوف حيث أن كلا المصنعين المحليين يقومان بإنتاج هذه الدمى بالخارج مما يزيد من تكلفتها. فعلى سبيل المثال في مؤسسة ألعاب مالافيل تصل تكلفة الدمية المصابة بالمهق حوالي 350 راندا (أي ما يعادل 22 يورو أو 24 دولارا و50 سنتا)، أما الدمية من مجموعة سيباهل فتصل إلى 440 راندا (أي ما يقرب من 28 يورو أو 31 دولارا). وتعلق فيلاكازي-أوفوسو بقولها، “نأمل في التعاون مع منظمات غير حكومية”، مضيفةً أن هناك اقتراحا يدعمه ويؤيده الرأي العام في التبرّع ببعض من دمائهم لأشخاص يحتاجونها حقا.

مشاركة :