"الصورة بألف كلمة، وقادرة على التغيير" هذا ما أكده مصور فوتوغرافي سعودي، عشق السفر والترحال ليجوب دول العالم، ويوثّق حياة الناس، في مشاهد تجسد تقاليد وعادات العديد من الشعوب. هشام الحميد، مصور صنع فارقا كبيرا عبر عدسته، بدأ في تصوير حياة الناس في الشارع الأحسائي، شرق السعودية، والتي تعج بالمواضيع والأفكار نظير ترامي قراها الشعبية، القابعة وسط واحات النخيل، لينتقل بعدها إلى الرياض، حيث محطة دراسته هناك، حينها بدأ في التخطيط للسفر بهدف التصوير، وكانت الهند أولى وجهاته عام 2012. يقول هشام: "هناك صعوبة في مهمة تصوير حياة الناس، تبدأ من التخطيط واختيار المكان المناسب بدقة، لاختيار دولة تعجّ بمشاهد نستطيع من خلالها توثيق ثقافة الناس، من ناحية الاعتقادات والديانات والتقاليد والعادات والأزياء والمسكن، وغيرها، فسافرتُ إلى دول غير سياحية، وغير مناسبة لقضاء الأوقات، متجاوزاً 30 دولة حول العالم خلال 8 سنوات، لأبحر في عالم مختلف بعيداً عن الفنادق والاستجمام، وأعيش بالقرب من الشعب والبسطاء، منها في آسيا: الهند ونيبال والصين وميانمار وبنغلاديش وماليزيا، وفي إفريقيا: إثيوبيا ومالي، وفي أميركا اللاتينية كانت لي زيارة إلى كوبا وغواتيمالا". وأشار هشام، أسافر في العام الواحد قرابة 4 مرات، نظير عشقي لتوثيق حياة الناس والشعوب، وحصيلة نتائج تصويري الضوئي، شاركت فيها بالعديد من المعارض المحلية والدولية، كما أقوم بنشرها على موقعي الشخصي، وحساباتي في منصات التواصل، إضافة إلى مشاركتي عبر مواقع المصورين الدوليين. وعن بداياته يقول: "بدأت التصوير منذ 2008، حينها كنت طالباً في الجامعة، واقتنيت كاميرا لشغل أوقات الفراغ، إلى حين تحول ذلك إلى هوس وعشق، وأقوم بتصوير كل ما يصادفني من طبيعةٍ ووجوه، حتى أصبحت شغوفاً للتصوير الخارجي، وتوثيق حياة الناس في المدن والقرى والحارات القديمة". مشاركات وجوائز أسس هشام فريقاً خاصاً، جمع أكثر من 70 مصورا من دول الخليج العربي، للسفر إلى دول معينة، وأصبح هناك تعاون مع جائزة الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم للتصوير الضوئي، وهي أكبر الجوائز على مستوى العالم في قيمتها المادية. وأضاف: "تم اختياري كمصور ناشيونال جيوغرافيك عام 2018م، بعد منافسة في دبي لمدة أسبوعين، مع مجموعة من مختلف الدول العربية". وأوضح هشام أن "اختلاف الأديان، وحياة الناس، والعادات والتقاليد والثقافات، والقبائل والمرأة والعمل وكبار السن والأطفال في المدارس والتعليم، إضافة إلى كافة مجريات حياة الناس والأحداث الهامة، والتجمعات الدينية لديهم، والمناظر المهيبة للتجمعات الدينية، جميعها قصص وثقتها عبر عدستي، محققاً جوائز دولية ومحلية، منها جائزة مسابقة موسكو الدولية، وكانت عن صورة ملتقطة في جنوب السودان وقصة قبائل السودان وتقاليدهم الدينية، إضافة إلى حصولي على الميدالية البرونزية في مهرجان الصين 16، وهي من أهم المسابقات التي تقام كل عامين، وكانت الصورة الفائزة لمشهد في الهند صورة رجل وكلب ينامان في نفس اللحظة؛ كما شاركت بمسابقة في إيطاليا". القفز على الأبقار وعن قصص رحلاته الدولية، قال: "لكلّ شعب عادات مختلفة وغريبة لا تتكرر، ففي إثيوبيا كانت لنا تجربة مميزة في زيارة قبائل وادي أومو في الجزء الجنوبي هناك، حيث تعيش 6 قبائل في أصقاع نائية، ويعيشون حياةً بدائيةً بعيداً عن التمدن، بلا كهرباء وسيارات، وبلا أجهزة إلكترونية أو حتى وسائل اتصال كالجوال، وهذه القبائل تعيش على رعي الأغنام وتتميز بلباسها المختلف". وأضاف: "يتزين الشبان بالطين الأبيض والرسومات التي يضعونها على أجسامهم، وتقوم النساء بوضع الزهور حول رؤوسهن، وتعرف هذه القبائل بعاداتها القديمة التي لا تزال تعتزّ وتحافظ عليها حتى وقتنا الحالي، في يومنا الثاني، أخبرنا السائق بأن قبيلة الهامر لديها احتفالية لبلوغ أحد أولادهم سنّ الرشد، وتجري بعض المراسم الاحتفالية، حيث يقوم الولد البالغ بالعبور على ظهر عدد من الأبقار لخمسة مرات دون أن يسقط، وإذا سقط في المرة الثالثة أو الثانية فيجب عليه الإعادة من جديد، ويمنح خمسة فرص للإعادة في حال إن تعثر، وإذا لم يستطع فيصبح عاراً على أهله والقبيلة، أما إذا اجتاز الاختبار فتكون احتفالية عظيمة، ويصبح رجلاً يعتمد عليه". عوائل بلا آباء وتابع: "وفي ماليزيا فقد كنا برفقة غجر البحر (شعب الباجاو) وهي قبائل تعيش في وسط البحار، في الجزء الشمال الشرقي من ماليزيا في جزيرة تعرف باسم صباح؛ أما في الهند بلد الغرائب والعجائب، فقد كانت لي تجربة مريرة لتصوير بعض الأسر المشردة، والتي لا تملك مسكناً، حيث تعيش في مدينة بوشكار قرابة الـ 20 أسرة في خيام متهالكة، وسكانها من النساء والأطفال الذين تخلوا عنهم أزواجهم بسبب حالات كثيرة، كالإدمان أو السجن وغيرها، فعشت معهم 3 أيام، كنت ما بين خيمة وأخرى لأستمع لقصصهم، ويشكون فيها أحوالهم، لأعود من هذه الرحلة وأنا مصاب بحالة اكتئاب استمرت عدة أيام، فهذه التجربة التي جعلتني أحمد الله كثيرا على ما نحن عليه". طيور مغرّر بها واستطر هشام: "أما في الصين، فلقاء الصيادين في مدينة يانغشو الساحرة أسطورة حقيقية تذهل كل من يراها، وهي من أمتع ما شاهدت في حياتي، فخلال زيارتي لمدينة جويلين بالصين، كنا على موعد مع الصياد المسن، واعتلينا القارب متجهين إلى وسط نهر لي الشهير في يانغشو، وهناك بدأ الصياد بإشعال الموقد قبل أن تشرق الشمس، ليبدأ الصيد، ولكن ليس عبر الشباك، بل بطريقة فريدة لا يجيدها غير أهالي هذه المدينة، بدأ الصياد بإخراج 3 من طيور الغاق من سلته، وأطلقها ليقوموا بالنزول في النهر وما هي إلا دقيقة وإذا بالطائر يخرج وفي فمه سمكة، ومن ثم بدأ الطائر الثاني والثالث بالخروج وفي فم كل طائر سمكة، وبدأنا نتساءل لمَ لم تأكل الطيور الأسماك، فإذا بالصياد يرينا رقبة الطير التي قد قام بربطها حتى لا يتمكن من بلع السمكة، وبعد الانتهاء قام بمنح كل طائر سمكة واحدة بعد ما أنجزوه".
مشاركة :