الشارقة: هاجر خميس بقلوب مفعمة بالألم تلقينا خبر وفاة الشيخ خالد، نجل صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الذي وافته المنية الاثنين 1 يوليو 2019، في المملكة المتحدة. حزينة إمارة الشارقة، متلفحة بالسواد، منكسة الأعلام، ولو كان لها صوت لسمعنا نحيبها مدوياً يدمي الأفئدة، فهي ثكلى تبكي وحيدها. إمارة الشارقة تذرف دموعاً حارقة، فلا شيء يبكي الإمارة الباسمة، أشد من آلام فراق شاب تربّى في حضن الوالد الحاكم العادل سلطان. رحم الله خالد، وغفر له.ولد الشيخ خالد، رحمه الله، في السادس من إبريل عام 1980، في إمارة الشارقة، ودرس الهندسة والتصميم في الجمعية المعمارية بلندن، وجامعة سنترال سينت مارتينز بلندن. امتلك خلفية أكاديمية واسعة في الهندسة المعمارية.تولى الشيخ خالد، منصب رئيس مجلس التخطيط العمراني في إمارة الشارقة، بمرسوم أميري رقم (8) لسنة 2014. وأشرف على توحيد الجهود لدفع عجلة التنمية والتطوير في الإمارة لضمان غدٍ أفضل للشارقة.رئاسة التخطيط العمرانيشهدت إمارة الشارقة تطوراً ونمواً عمرانياً كبيرين، بعد تولي الشيخ خالد، رئاسة المجلس، فكان يسعى دائماً لمواكبة التغيير وإدارة التنمية المستدامة، بالعمل على الارتقاء بمعايير التطور العمراني في الشارقة، حتى أصبح المجلس ركناً أساسياً في دفع عجلة التسارع والنمو، عبر مواصلة العمل على الابتكار والإبداع، في إيجاد الحلول الفعالة والمثالية التي تتضمن تحقيق أفضل النتائج، وتوحيد الجهود وتطوير ثقافة اجتماعية متعددة الأوجه، تتوافق مع أسس التنمية الاقتصادية المستدامة وتوفير بيئة مثالية تنبع أساساً من الرؤية المستقبلية للإمارة، والرامية إلى الاستفادة من إمكاناتها الكبيرة في وضع الخطط الاستراتيجية التي تعتمد أساساً على بنية تحتية متطورة ومثالية، توفر لسكان الإمارة وزوارها مزيداً من الرخاء والعيش الكريم.ومن هنا برز دور المجلس، منذ أن تولى الفقيد رئاسته، فجمع بين مبادئ التخطيط العمراني التقليدية، والمفاهيم العصرية الجديدة. وقدم الكثير من المشاريع التطويرية، أبرزها:جسور للمشاة اعتمد تصاميم 5 جسور للمشاة في 5 مناطق حيوية بالشارقة، بما فيها شوارع الملك فيصل، والملك عبدالعزيز، والاتحاد، والتعاون، بكل المرافق التي تتيح لمستخدميها عبوراً آمناً، بما فيها مصاعد كهربائية، وممرات مظللة ومغطاة، ويراعي تصميمها شرائح المستخدمين كافة، بمن فيهم أصحاب الهمم، بالتعاون مع هيئة الطرق والمواصلات في الإمارة.محطات انتظار الحافلاتبرئاسة الفقيد الشيخ خالد بن سلطان، رحمه الله، عمل المجلس في مشروع تطوير محطات انتظار الحافلات، إصراراً منه على استحداث مشاريع خدمية مختلفة ومتنوعة تعزز رفاهية سكان الإمارة، وتطور مستوى البنية التحتية فيها. وعمل على المشروع بالتعاون مع هيئة الطرق والمواصلات وهيئة كهرباء ومياه الشارقة، لتوفير أفضل الخدمات وسبل الراحة لساكني الإمارة، وتشجيعهم على استخدام وسائل النقل العام، ما من شأنه توفير بيئة مستدامة وبنية تحتية متكاملة. وصممت المحطات، بحسب الطاقة الاستيعابية، واحتياجات كل موقع، لتزود بألواح الطاقة الشمسية، بهدف تزويدها بالطاقة الكهربائية اللازمة، تماشياً مع معايير الاستدامة البيئية التي يعمل مجلس الشارقة للتخطيط العمراني، على تحقيقها في جميع المشاريع التي يعكف على إنجازها. وتميزت المحطات بكونها مكيفة ومجهزة بجميع سبل الراحة، إلى جانب تزويدها بلوحات إلكترونية توفر للمستخدم كل المعلومات.ولم يغفل الفقيد الشيخ خالد، عن تطوير الصرف الصحي وتصريف مياه الأمطار، فعمل في هذا المشروع على تحسين أداء محطات معالجة الصرف الصحي وكفاءتها، وزيادة قدرتها الاستيعابية، للتعامل مع الأوضاع الحالية، وتلبية الاحتياجات المستقبلية، ومتطلبات النمو السكاني والعمراني المتوقعين فيها. وتضمنت أعمال هذا المشروع إجراء صيانة وتحديث للنظام، لرفع كفاءته، والعمل على إجراء توسعة لمحطة المعالجة الرئيسية، وإنشاء خطوط صرف إضافية، ستسهم في وضع حلول جذرية للمياه المُعالجة ومياه الأمطار.طريق المدينةوعمل المجلس، على مشروع تطوير طريق المدينة الجامعية، حيث وضع مخططات وتصاميم تتماشى مع المعايير العالمية التي تطور المنطقة التجارية الممتدة على طريق المدينة الجامعية، وتربط شارع الشيخ محمد بن زايد بالمدينة الجامعية، بطرق مستحدثة تشجع على نمط حياة صحي، وترتكز على مبادئ الاستدامة البيئية. ليتضمن توفير المناظر الطبيعية والمساحات الخضراء، باستخدام النباتات المحلية الملائمة لبيئة الإمارة، إلى جانب المرافق الخدمية ذات المعايير العالمية من خدمات الصرف الصحي وتصريف مياه الأمطار، والشوارع المعبدة، والإنارة الفعالة، والمواقف العامة. وليمتد المشروع على طول 3 كيلومترات، وعلى مساحة إجمالية تقدر ب 52 ألف متر مربع، ويتضمن توفير الإنارة الكافية والمواقف العامة لجميع الفئات.المشاة والدراجاتضمن مساعي الفقيد الشيخ خالد، رحمه الله، الدائمة والرامية إلى استحداث مشاريع خدمية مختلفة ومتنوعة، تعزز رفاهية سكان الإمارة، وتسهم في رفع معايير تطوير مستوى البنية التحتية فيها، تضمنت الخطة الاستراتيجية للمجلس، مشروع تنفيذ شبكة ممرات المشاة ومضامير الدراجات الهوائية. وأتى المشروع ضمن شبكة مترابطة تغطي كامل مدينة الشارقة، لتنفيذها على مراحل مختلفة. تضمنت المرحلة الأولى تطوير المسارات على طول الواجهة المائية. حيث عمل المجلس دراسات تخطيطية مكثفة، بالتعاون مع أحد بيوت الخبرة المتخصصة، حددت على أثرها مسارات الجري والدراجات الهوائية على طول الواجهة المائية، ومراحل التنفيذ وآليات العمل والإطار الزمني لكل مرحلة. وتضمن تنفيذ المرحلة التجريبية عند المنطقة الواقعة حول السوق المركزي، وكورنيش البحيرة، لكونها أحد أهم معالم المركز التجاري للشارقة.شاطئ الشارقةأشرف المجلس، برئاسة المغفور له الفقيد الشيخ خالد، على مشروع تطوير شاطئ الشارقة، بالشراكة مع «هيئة الطرق والمواصلات»، مع رؤية صاحب السموّ حاكم الشارقة، عن مستقبل الحياة ومرافقها وجودتها في الإمارة، وليترجم استراتيجية المجلس الهادفة إلى رفد البنى التحتية بمزيد من المشاريع الريادية، لاسيما شبكة النقل والمواصلات، بما يلبي احتياجات المقيمين والزوار. ويحول المشروع المنطقة الممتدة على جانبي طريق شاطئ الشارقة وبمسافة 3.3 كيلومتر (من الحدود مع إمارة عجمان وحتى نادي سيدات الشارقة)، إلى وجهة سياحية بأعلى المواصفات تُضاف إلى الوجهات السياحية والترفيهية المتميزة. ويتكون المشروع من مجموعة من الساحات العامة ومسارات الجري، وممرات للدراجات الهوائية، ومناطق للتنزه، وأخرى للجلوس وتناول الوجبات والمأكولات، وأماكن مظللة، وأخرى لممارسة أنشطة الفن والرياضات المائية. كما يوفر المشروع جميع المرافق الخدمية الأساسية، كدورات المياه، ومرافق الاستحمام، وأماكن الصلاة، وأماكن متعددة لمواقف الدراجات الهوائية، وتوفير نحو 1100 موقف للمركبات على جانبي الطريق.كان الفقيد رحمه الله، يؤمن بأهمية المرأة وحقها في التمكين، وكان يدعمها ويثمن دورها في بناء المجتمع. وفي 8 مارس 2019، بمناسبة يوم المرأة العالمي، أثنى على إنجازات المرأة في الدولة والعالم، وهنّأ العاملات في مجلس الشارقة للتخطيط العمراني، ووجه إليهن الشكر والامتنان على ما حققنه من إنجازات، مثمناً دورهن في النهوض والارتقاء بالمسيرة التنموية. قائلاً: إن هذا اليوم فرصة لمضاعفة الجهود التي يبذلها العالم من أجل تحقيق تغيير إيجابي في بيئات الأعمال والسياسات والمجتمعات للإسهام في تعزيز مبدأ المساواة الاجتماعية وتكافؤ الفرص. ويفتخر مجلس الشارقة للتخطيط العمراني بما حققه من إنجازات جعلته في مصاف الهيئات الحكومية الرائدة في المنطقة والعالم، بتوجيهات صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، وقرينته سموّ الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، رئيسة المجلس الأعلى لشؤون الأسرة، التي تعمل على ترسيخ شراكة المرأة وتفعيل دورها في مختلف القطاعات وتحفيزها لشغل مناصب قيادية وتطوير مسيرتها المهنية.الـ الخليج لن تنسى كلماته وطموحاتهلن تنسى «الخليج» كلمات وطموحات الفقيد الشيخ خالد بن سلطان بن محمد القاسمي، التي تزينت بها صفحاتها في لقاء خاص، أكد فيه أن مواصلة الابتكار والإبداع أسهمت فعلياً في النمو والتطور العمراني في إمارة الشارقة، وأن مجلس الشارقة للتخطيط العمراني يعمل على وضع وتنفيذ استراتيجية شاملة للتطوير الحضري ولمشروعات البنية التحتية في الإمارة، والمتماشية مع رؤية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة.وتحدث في حوار مع «الخليج» عن استراتيجية المجلس وعن ركائزها الثلاث الأساسية وهي التنمية الاقتصادية، والتنمية المجتمعية، والمحافظة على البيئة.وعن رؤية مجلس الشارقة للتخطيط العمراني ودوره، قال: إن العمل لا يخلو من «التحديات» التي نعمل على الدوام على تخطيها من خلال روح الفريق الواحد والجهود الموحدة بمشاركة كافة الدوائر والمؤسسات الأخرى ذات العلاقة. فكما هو معلوم، فإن وضع استراتيجية تعنى بالإمارة ككل ليس بالأمر السهل، إلى جانب كونه ليس بالأمر المستحيل.وأوضح الفقيد الشيخ خالد بن سلطان بن محمد القاسمي في حواره مع «الخليج»، أن العلاقة بين المجلس والدوائر الحكومية هي علاقة تعاون وتكامل، فقال: أي مشروع نعمل عليه في المجلس هو بالتعاون والتكامل مع مختلف الدوائر الحكومية كركيزة رئيسية من ركائز النجاح، فالتكامل نراه متجلياً منذ اللحظة الأولى في أي مشروع يتم اعتماده. وكافة الدوائر والمؤسسات الحكومية ذات العلاقة تبذل كل ما في وسعها في سبيل تحقيق الأهداف والتطلعات الموضوعة وضمن كافة مراحل العمل، منذ بدء التخطيط والدراسة وحتى مراحل التنفيذ والإنجاز.وعن إمارة الشارقة، قال الفقيد الشيخ خالد بن سلطان بن محمد القاسمي: الشارقة لوحة فنية جميلة، فتعزيز المظهر الجمالي لمدينة الشارقة وتعزيز النمط التنظيمي للبنية التحتية والخدمات العامة من أهم أهداف المجلس والمرتكز على رؤية صاحب السمو حاكم الشارقة، ويعد التنظيم الحضري ضمن المعايير العالمية على رأس أولويات المجلس ومن أهم الغايات التي أنشأ المجلس لتحقيقها. ومن هنا يأتي سعي مجلس الشارقة للتخطيط العمراني الدؤوب إلى وضع خطط واستراتيجيات نسعى من خلالها إلى دعم واستحداث مشاريع من شأنها المساهمة في توفير أرقى الخدمات للجمهور في إمارة الشارقة من مواطنين ومقيمين وزوار، وبما يساهم في تعزيز رفاهية الحياة لسكان الإمارة والأجيال القادمة، وإرساء أسس متينة لبنية تحتية متكاملة ومستدامة تزيد جاذبية الإمارة للأفراد باعتبارها مكاناً مثالياً للعيش، وتوفر سبلاً للراحة وفق أرقى المعايير العالمية.
مشاركة :