{ إذا كانت المفاوضات مع إيران مضيعة للوقت بحسب تقرير مركز الأبحاث الأمريكي، والذي أقرّ مؤخرًا بأن تغيير سلوك إيران من خلال المفاوضات التي يريدها «ترامب» ضرب من الخيال، لأسباب تتعلق ببنية النظام الثيوقراطي القائم على الإرهاب والتوسّع، ولا وجود لمعتدلين في هذا النظام كما يتم الترويج له، فإن السياسة الإيرانية العدوانية والتوسعية مع أجندة ثورية أو إرهابية في الواقع لغرض أيديولوجيتها الدينية في المنطقة وخارجها - بحسب التقرير - لن ينفع معه إلا تغيير النظام الذي لا يريده «ترامب»، وليس تغيير سلوكه الذي هو دخول في لعبة المستحيل! ما يجعل من أي مفاوضات أمريكية - إيرانية، لإيقاف الخطر والإرهاب الإيراني على المنطقة، وإنما فقط لتأمين الأمن الإسرائيلي المتخوف من الملف النووي وحده ولا شيء غيره، وليذهب أمن المنطقة إلى الجحيم! { التصريحات الإيرانية المتواترة ومن جميع الرتب والمراكز الإيرانية، لم ولن تتوقف، وآخرها ما قاله قبل أيام رئيس السلطة القضائية في إيران (حدودنا الاستراتيجية تمتدّ من اليمن إلى إفريقيا)! مثل هذه التصريحات تأتي لتؤكد كل مرة حقيقة المشروع الإيراني، وحقيقة تشبثه بنواياه التوسعية الشريرة، رغم ما يدور في الخلفية من تصعيد وتوتر وتهديدات بينها وبين أمريكا، إلاّ أن ساحة الاستهداف دائما هي السعودية والخليج، التي لا تزال إيران تحلم بوضع اليد عليها، ما يجعل من الصراع الدائر ضحيته بلاد عربية وليس أمريكا أو إسرائيل، ولذلك فمن المفترض أن يكون للعرب مشروع لمواجهة هذا الخطر، اعتمادًا على إمكانياتهم الذاتية في المواجهة، وليس اعتمادًا على أمريكا أو غيرها، فهؤلاء في الواقع مستفيدون من التوسّع الإيراني وتهديداته، رغم الخطابات الناريّة الموجّهة ضد إيران. { إن الأذرع الإيرانية لن ينتهي خطرها بالمقابل، طالما بقي هذا النظام الاستعماري التوسعي قائمًا، ومستفيدًا من تبعيتها المطلقة له! ولهذا فلابدّ للسعودية ودول الخليج المتحالفة معها والدول العربية المدركة للخطر الإيراني، أن تضع (مشروعًا للمواجهة، قائمًا على تغيير النظام) وليس على المراهنة الأمريكية الخيالية بتغيير سلوكه! إيران تهدّد دول المنطقة العربية كلها من اليمن إلى إفريقيا، بحسب التصريح؛ أي من الخليج إلى المحيط! بل وتنفذ تهديداتها تلك بعد ضمان وقوع عدة دول عربية لنفوذها عن طريق تمكين أذرعها ومليشياتها، كما في العراق ولبنان واليمن وسوريا، ولهذا فإن أي رهان عربي على أمريكا أو الغرب، لن يُجدي نفعًا للعرب، لأن هناك مشروعا أمريكيا - غربيا مستمرا بدوره لإسقاط الدول العربية وتجزئتها، رغم وجود «ترامب» الذي يعتبر وجوده في النهاية مرحليا، وحتى في إدارته الراهنة، لم يستطع القول (إنه يريد تغيير النظام الإيراني، أو شن الحرب عليه) لأن مشروع «المؤسسة الأمريكية» أو صانعي القرار في النهاية، هم مع استمرار وجود هذا النظام بل استمرار تهديده، فهو ما يحقق مصالحهم أو مشروعهم في إضعاف العرب. لماذا لا يفعل العرب بعضَ ما تفعله إيران في دولهم؟! هل العجز العربي ناتج من انعدام الإمكانيات أم من انعدام الرؤية والإرادة والقرار؟
مشاركة :