محنة صحافيين أتراك... اعتداءات وملاحقات قضائية

  • 7/3/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

بعدما تعرّض لاعتداءات باللكم والركل والضرب بالعصي 28 مرة خلال مسيرته المهنية، اعتقد الصحافي التركي هاكان دينيزلي بأنه شهد كل أشكال المعاناة. ولكن في المرة الـ 29 تحوّل الأمر إلى إطلاق النار عليه، أثناء اصطحابه حفيده (4 سنوات) إلى دار حضانة. وقال دينيزلي، مدير تحرير صحيفة "إيغيمن" في مدينة أضنة جنوب تركيا: "ركبت السيارة وكانت النافذة مفتوحة. أتوا وأطلقوا النار على ساقي وفرّوا". وحصل الحادث في أيار (مايو) الماضي، خلال موجة اعتداءات تعرّض لها 6 صحافيين أثناء 6 أسابيع. ويحمّل كثيرون مسؤولية تدهور الأوضاع، لساسة غالباً ما يهاجمون الصحافيين. ورداً على صحافي في شبكة "فوكس خبر" التركية، تساءل هل سيحتجّ الشعب على ارتفاع الأسعار، أجابه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان: "إلزم حدودك"، مهدداً إياه بأن الشعب التركي سيجعله يدفع الثمن. وتحتل تركيا المرتبة الـ 157 من 180 في ترتيب حرية الصحافة لعام 2018 الذي أعدّته منظمة "مراسلون بلا حدود" غير الحكومية. وتفيد المنظمة بأن عدد الصحافيين المسجونين في تركيا هو الأضخم في العالم. ويفيد الموقع الإلكتروني لحرية الصحافة "بي 24" بأن 142 صحافياً يقبعون في السجون التركية، معظمهم أوقف بموجب حال الطوارئ التي فُرضت لسنتين بعد محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها البلاد عام 2016. وتؤكد الحكومة أن أحداً لم يُعتقل نتيجة عمله الصحافي، لكن "مراسلون بلا حدود" تنبّه الى أن العنف ضد العاملين في وسائل الإعلام غالباً ما تمرّ من دون عقاب، وأحياناً من دون تنديد. ورفض حزب "العدالة والتنمية" الحاكم وشريكه في الائتلاف الحكومي حزب "الحركة القومية"، طلباً بتشكيل لجنة تحقيق برلمانية في الاعتداءات الأخيرة. ويحمّل يافوز سليم ديميراغ، وهو صحافي مناهض لحكومة أردوغان، يعمل في جريدة "ينيتشا"، إعلاناً نشره "الحركة القومية" على صفحة كاملة، مسؤولية اعتداء تعرّض له. ووَرَدَ اسم ديميراغ مع أسماء حوالى 10 صحافيين آخرين، في إعلان بعنوان "افتراء، ادعاءات، شكاوى" نشرته صحف واسعة الانتشار بعد الانتخابات النيابية التي نُظمت العام الماضي. وتعرّض اثنان ممّن وردت أسماؤهم في الإعلان لاعتداءات. وانهالت عصابة على ديميراغ (61 سنة) بالضرب بالعصي أمام منزله، في 10 أيار، ما سبّب له كسوراً في أضلاعه. ويقول: "أشعر بألم عند العطس أو السعال أو الوقوف". وأعلنت النيابة العامة فتح تحقيق، علماً أن 6 مشبوهين اعتُقلوا لفترة وجيزة. ولفت ديميراغ الى أن "العمل الصحافي في تركيا صعب"، وزاد: "الاعتداء على الصحافيين عمل بطولي". ولا تقتصر معاناة الصحافيين على تعرّضهم لعنف، إذ أنهم عرضة أيضاً لضغوط قضائية. وبعد نحو شهر على الاعتداء، سُجن ديميراغ لفترة وجيزة، بعد إدانته سابقاً بـ "إهانة الرئيس"، في خطاب ندّد فيه بالحصانة الممنوحة لمسؤولين، وهو لا يزال تحت رقابة. في السياق ذاته، يشير دينيزلي الى أن هناك "24 أو ربما 25" قضية مرفوعة ضده، مؤكداً أنها "لن ترهبه". ويعتقد دينيزلي بأن مقالاته حول الفساد هي السبب وراء ما يتعرّض له من اعتداءات، ويتابع: "أحاول القيام بعملي بأفضل ما يمكنني". يتهدد الخطر الصحافيين بكل أطيافهم، لكن ردود الفعل غالباً ما تعكس الانقسامات الحزبية الحادة في السياسة التركية. ولم تعلّق الحكومة على الاعتداء الذي استهدف ديميراغ، فيما ندّدت الرئاسة فوراً باعتداء استهدف الصحافي الإسلامي مراد ألان الذي ضُرب في إسطنبول في 14 حزيران (يونيو) الماضي. وأفادت تقارير بأن ألان وصف قادة عسكريين بأنهم "حمير"، ما أغضب قوميين متشددين. أما الصحافي إدريس أوزيول فذكر أن وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو اتصل به وواساه بعد تعرّضه لاعتداء. واستدرك أن الوزير حمّل حزب "الحركة القومية" مسؤولية الهجوم، ما فاقم من غضبه. وأضاف: "ذراع حكومية تعتدي، وأخرى توجّه رسائل" تعبّر فيها عن "حزنها". وشبّ الأمر بلعبة تبادل أدوار.

مشاركة :