اعتبرت رئيس مجموعة COC للاستشارات مستشارة التخطيط والحوكمة "الدكتورة نوف الغامدي"، تقدّم المملكة وانتقالها من المرتبة 39 إلى الـ26 في تقرير التنافسية العالمية، رغم قصر مدة الإصلاحات؛ يؤكد مدى فاعلية وجدوى الإصلاحات وسلامة مساراتها، وأنها تسير في الاتجاه الصحيح. وقالت: إن ذلك ينعكس إيجابًا على الاقتصاد الوطني بمختلف قطاعاته، لاسيما من ناحية تدفق رؤوس الأموال الأجنبية، ويعود هذا التقدم إلى جملة من العوامل على رأسها: الشراكة الحقيقية، وتضافر الجهود وتكاملها بين القطاعين الحكومي والخاص؛ وهو ما أوجد بيئة أعمال تنافسية وفقًا لأفضل المعايير العالمية. وأعلنت المملكة لأول مرة في تاريخها، إصدار سندات مقومة بعملة اليورو، وحصلت المملكة على تصنيف A + (مستقر) من وكالة موديز، ومصنفة A1 (مستقر) من وكالة فيتش. وأشارت الدكتورة الغامدي لـ"سبق" إلى أن التحسن الكبير الذي حققته المملكة في محاور التقرير الرئيسة، سواء في محور الكفاءة الحكومية أو كفاءة الأعمال أو البنية التحتية؛ إنما يحمل بجانب جدوى الإصلاحات وسلامتها دلالاتِ الإصرار والعزيمة على استكمال مسيرة التنويع الاقتصادي التي أطلقتها رؤية 2030. وتابعت: تصنيف السعودية عند A1 مع نظرة مستقبلية مستقرة يعكس توازن مخاطر الواقع الائتماني للسعودية، كما أن تنفيذ الإصلاحات سيعزز القدرة التنافسية للمملكة، وسيزيد من فرص العمل في القطاع الخاص مع تحقيق التوازن في الميزانية، بغض النظر عن تقلبات أسعار النفط، كما أن التقدم الكبير الذي حققته المملكة في هذا التصنيف الذي يأتي بعد تقرير بعثة صندوق النقد الدولي مؤخراً عن فاعلية الإصلاحات الاقتصادية في المملكة التي تقودها رؤية المملكة 2030، يؤكد ديناميكية البيئة الاستثمارية في المملكة في الاستجابة لحاجات المستثمرين وقدرتها على تهيئة الظروف الملائمة لذلك. وأردفت: كما أن التصنيفات الائتمانية المرتفعة للمملكة لا تتوقف من كل الجهات العالمية المحورية. وهذه التصنيفات تقوم أساسًا على ما هو موجود على الأرض، وليس على الأوهام. إنها حقيقية تعكس الوضع الاقتصادي العام للسعودية، ولاسيما في زمن تنفيذ "رؤية المملكة 2030" التي طرحت استراتيجية جذبت اهتمام العالم، بل حصلت على إعجاب المؤسسات العالمية المختصة، فضلًا عن حكومات دول متقدمة. وأوضحت الدكتورة الغامدي أن التصنيفات الإيجابية للمملكة قائمة على مجموعة من العوامل، في مقدمتها بالطبع: وجود الاقتصاد الحقيقي، والآليات والأدوات اللازمة للتنمية، والإمكانات الكبيرة من كل النواحي. وعلينا ألا ننسى أن التصنيفات الإيجابية المشار إليها ظهرت حتى في عز التراجع التاريخي لأسعار النفط؛ بمعنى أن السعودية حافظت على سمعتها حتى في ظل تراجع مداخيلها الوطنية. وشدّدت على أن تأكيد وكالة "فيتش" العالمية للتصنيف على تصنيف المملكة عند A+، جاء وفق السياق العملي على الساحة السعودية، والمملكة أثبتت في السنوات القليلة الماضية قدرتَها على استقطاب الاهتمام العالمي، والأهم على جذب استثمارات خارجية متنامية، وتمكنت أيضًا، من تعزيز قدراتها التنموية في كل المجالات، ناهيك عن إطلاق قطاعات جديدة دعمت المكانة التي يتمتع بها الاقتصاد السعودي الذي يخضع هو نفسه لإعادة الهيكلة، بل لنقل لإعادة البناء وفق المنهج الاستراتيجي الذي وضعته القيادة العليا؛ فمعايير وأدوات الأمس لم تعد تنفع لليوم والغد. والنظرة المستقبلية المستقرة التي منحتها "فيتش"، تتماشى بالطبع مع السياق العام للأداء الاقتصادي في السعودية. وقالت الغامدي: في السنوات الماضية أكدت حكومات دول مجموعة العشرين أن المملكة أكثر الدول التزامًا بتعهداتها بين دول المجموعة؛ مما يعد مؤشرًا على الساحة الاقتصادية العالمية، في حين أن دولًا متقدمة واجهت مصاعب في الالتزام بتعهداتها، وتعترف بذلك. كل هذه الأسباب والمؤشرات تدخل ضمن نطاق تقييم وكالات التصنيف، إضافة لما توفره "رؤية المملكة" من تنمية وتحول اقتصادي متطور. وأكملت: من هنا يمكن فهم كيف أن مؤسسات اقتصادية عالمية من بينها صندوق النقد الدولي، تتوقع رفع مستويات النمو في المملكة، أن هذا النمو لن يقل عن 2 ٪ ومن المتوقع أن يحقق ارتفاعًا جديدًا في عام 2020. يضاف إلى ذلك نقطة مهمة تتعلق بارتفاع وتيرة مساهمة القطاع غير النفطي في الناتج المحلي. وهذه المسألة تعد محورية في عمليات التصنيف الائتماني بشكل عام. وتشير إلى أن التصنيف الذي توصلت إليه "فيتش" يأخذ في الحسبان مستوى الدين العام في السعودية. وهذه أيضًا نقطة إيجابية؛ إذ يعدّ الدين العام السعودي الأقل في قائمة الدول المصنفة A؛ أي أن السعودية تتقدم حتى في سياق هذه القائمة المهمة أيضًا. أضف إلى ذلك أيضًا أن هذا الدين مسيطر عليه بالتأكيد. وعلى هذا الأساس وغيره تتمتع السعودية بهذا المستوى الائتماني المرتفع، في حين هناك دول متقدمة مهددة بتخفيض مستواها الائتماني تحت ضربات عوامل عديدة. وزادت الدكتورة نوف الغامدي: مؤشرات تصنيف وكالة موديز للواقع الائتماني في السعودية تصفه بأنه مدعوم بوضع المالية العامة والاقتصاد القوي جدًّا والسيولة الكبيرة في المخزون الخارجي، وحسب التقرير التحليلي من المتوقع أن ينمو الاقتصاد السعودي بمعدل 2 - 2.5 في المائة سنويًّا على مدى السنوات الخمس المقبلة، في ظل تحسن اتجاه الدين الحكومي على مدى العامين أو الأعوام الثلاثة المقبلة. وختمت: يؤكد التقرير أن القوة المالية العامة المرتفعة جدًّا للمملكة تنبع من المخزونات المالية الكبيرة للحكومة، ومستويات الديون المنخفضة نسبيًّا رغم تزايدها، والقدرة العالية على تحمل الديون. وفي الوقت نفسه لا تزال الميزانية العمومية للحكومة قوية، على الرغم من انخفاض أسعار النفط منذ عام 2014، ومن كل هذه الحقائق المثبتة لن يتراجع تصنيف المملكة في السنوات المقبلة، وهذا بحد ذاته يعد اعترافًا عمليًّا وواقعيًّا لنجاح "رؤية المملكة 2030"، التي تصنع اقتصادًا جديدًا يليق ببلد محوري إقليميًّا وعالميًّا.
مشاركة :