ذكرت مصادر إسرائيلية رسمية أن الرئيس الأميركي باراك أوباما سوف يستقبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في البيت الأبيض، للتباحث معه في تحسين العلاقات وإيجاد صيغة مناسبة حول اتفاق الدول العظمى مع إيران بشأن مشروعها النووي، على الرغم من الخلافات الشديدة والعلاقات الشخصية المتردية بينهما. وقالت هذه المصادر إن كلا من أوباما ونتنياهو يدرك أن الاستمرار في التوتر بينهما يلحق أضرارا كبيرة بسياسة كل منهما، على الصعيدين الداخلي والخارجي. لذلك فإن مساعديهما يسعون بشكل حثيث إلى التفاهم. وقد تم إبلاغ مكتب نتنياهو بأنه ستتم دعوته إلى واشنطن حال نجاحه في تشكيل حكومته الجديدة. وتأتي هذه الأنباء في وقت تواصل فيه إسرائيل العمل على مسارين متوازيين، في محاولة منها لإحباط الاتفاق النووي بين إيران والقوى العظمى، أو على الأقل، تحسين بنوده. وقال مسؤول إسرائيلي رفيع إن حكومته ستحاول تجنيد الكونغرس لتمرير قوانين تعوق اتفاقا شاملا مع إيران أو تمنع المصادقة عليه، إذا ما تم التوصل إليه في 30 يونيو (حزيران) المقبل، ومن جانب آخر، ستواصل اتصالاتها مع البيت الأبيض لمناقشة «تحسين» الاتفاق قبل أن يتم التوقيع عليه. وسيحاول اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة «آيباك»، إقناع أكبر عدد من أعضاء مجلسي النواب والشيوخ، لدعم مشروع القانون الذي طرحه رئيس لجنة الخارجية في مجلس الشيوخ، السيناتور بوب كوركر من الحزب الجمهوري. ويحدد هذا المشروع فترة زمنية مداها 60 يوما منذ توقيع الاتفاق الشامل مع إيران، يقوم خلالها أعضاء الكونغرس ومجلس الشيوخ بمناقشة تنفيذ ومراقبة كل بنود الاتفاق. ويحتم مشروع القانون على إدارة أوباما تقديم تقارير مفصلة إلى الكونغرس والمثول أمامه للرد على تساؤلات بشأن الاتفاق. كما يحدد مشروع كوركر أنه يمكن إلغاء أي قانون يفرض العقوبات الأميركية فقط، إذا قررت لجنة الخارجية في الكونغرس ومجلس الشيوخ، خلال 60 يوما، دعم الاتفاق مع إيران. ولا يضمن مشروع كوركر منع الاتفاق، وإنما تأخير تطبيقه ووضع عراقيل بيروقراطية أمامه. وقال المسؤول الإسرائيلي الرفيع، إنه في ضوء الدعم الكامل من قبل أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين لمشروع قانون كوركر، سيتم تركيز الجهود على إقناع أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين بدعم المشروع وعرقلة الفيتو الرئاسي. يشار إلى أن إلغاء الفيتو يحتم تأييد 67 عضوا في مجلس الشيوخ، وبما أن أعضاء الحزب الجمهوري هم 54 عضوا فقط، فإنه يتحتم على إسرائيل تجنيد 13 عضوا من الحزب الديمقراطي على الأقل. وفي ظل الوضع السياسي الحالي في الولايات المتحدة، خاصة بعد خطاب نتنياهو في الكونغرس، تبدو هذه المهمة صعبة. ولكن الإذاعة الرسمية الإسرائيلية، قالت أمس إنه تم تجنيد 12 سيناتورا ولا ينقص سوى تأييد سيناتور إضافي. في المقابل، تسعى إسرائيل إلى إقناع الإدارة بإجراء تحسين على بنود الاتفاق، خاصة في ضوء عدم توصل القوى العظمى وإيران إلى اتفاق نهائي بشأن عدد من بنود الاتفاقية. وعرض وزير شؤون الاستخبارات الإسرائيلية يوفال شطاينتس، أمام الصحافيين، أمس، التحسينات التي تطالب بها إسرائيل، ومن بينها: أولا: تقليص عدد أجهزة الطرد المركزي التي سيسمح لإيران بمواصلة تفعيلها، والتي يمكن استخدامها فورا، للانطلاق نحو إنتاج قنبلة نووية. ثانيا: المطالبة بإغلاق منشأة بوردو. ثالثا: رفع العقوبات عن إيران بشكل تدريجي فقط، وبما يتفق مع تقدم إيران في تطبيق الاتفاق، علما بأنه لم يتم التوصل إلى اتفاق في هذا الشأن بعد. وتطالب إيران برفع العقوبات فورا، بينما تطالب القوى العظمى برفعها بالتدريج. رابعا: مطالبة إيران بكشف كامل التفاصيل المتعلقة بالجوانب العسكرية المحتملة للمشروع النووي. خامسا: التزام إيران بإخراج كل مخزون اليورانيوم المخصب بنسبة منخفضة تصل إلى 3.5 في المائة، من أراضيها. وهذه المسألة لم يتم الاتفاق عليها بعد بين الجانبين؛ إذ ترفض إيران إخراج هذا المخزون الذي يصل إلى 10 أطنان من أراضيها، وتوافق فقط على تخفيف اليورانيوم المخصب. سادسا: السماح لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة النووية بالدخول إلى كل مكان في إيران، في أي وقت. يذكر أن إطار الاتفاق يتحدث بشكل مفصل عن هذه المسألة، لكن إسرائيل تدعي أن الاتفاق الحالي يسمح لإيران برفض دخول المفتشين إلى المنشآت العسكرية. وليس من الواضح ما إذا كانت استراتيجية العمل الإسرائيلية الثنائية هذه ستنجح في ضوء حقيقة وجود تناقض واضح بين مساري العمل. ومن بين الأسباب التي يمكن أن تقلص قوة التأثير الإسرائيلي على الاتفاق، هو الافتراض في البيت الأبيض بأن نتنياهو وسفيره رون دريمير، تآمرا مع المسؤولين في الحزب الجمهوري في الكونغرس على منع الاتفاق مع إيران. لكن المسؤول الإسرائيلي يعتقد أن النشاط الإسرائيلي في الكونغرس لن يؤثر على قدرة إسرائيل على التأثير في البيت الأبيض في موضوع الاتفاق الشامل. وحسب رأيه، فإنه «لا يوجد تناقض بين السعي إلى إحباط الاتفاق والسعي إلى تحسينه». وأضاف: «تصور أننا سنصل بعد عدة سنوات إلى خطوة شديدة (هجوم عسكري إسرائيلي على إيران)، عندها سيسألون لماذا لم يعمل رئيس الحكومة بكل الطرق، أولا».
مشاركة :