لا يكاد يمر عام مع اقتراب موعد موسم الحج، “ملتقى المسلمين الأعظم” حتى تعود الدعوات المغرضة لتدويل الحرمين، إلى الساحة مرة أخرى، على نفس الألسن ومن ذات الأشخاص. دعوات لطالما حملت أحقادا تجاه المملكة وكل ما يمت لها بصلة وعلى استعداد لهدمه وتخريبه حتى لو كان ذلك بيت الله الحرام، قبلة الإسلام وقلب المسلمين، بدأت مع قذافي ليبيا وتواصلت مع ملالي إيران حتى استقرت لدى حمدين قطر. وفي كل مرة تظهر فيها تلك الدعوات تعود المملكة للتأكيد على أن هذه القضية بالنسبة لها خط أحمر، وأن ما يسمى بـ”تدويل” الحرمين، يعني إعلان حرب على المملكة والمسلمين. مزاعم جديدة: وزعم المرشد الإيراني علي خامنئي، الأربعاء، أن “تسييس شعيرة الحج” من واجبات الدين، مدعيا أن الحج “مهمة وعمل سياسي، وهو بالضبط نفس الواجب الديني”. وقال خامنئي، خلال استقباله المسؤولين والمعنيين بشؤون الحج في إيران، أن “الحج من مظاهرة العبودية، وهو عامل اجتماعي للوحدة والأخوة”، معتبرًا عدم تسييس الحج “من الأخطاء الكبيرة”. وأضاف “من بين الأخطاء الكبيرة التي سمعناها دائمًا، والآن نسمع من بعض الذين يجهلون الإسلام، أنهم يقولون لا تسيسوا الحج.. ماذا لا يصنع الحج سياسيًا؟”. وزعم خامنئي أن تسييس الحج مسألة سياسية، تتماشى مع التعاليم الإسلامية” وفقاً لما نقلته عنه وسائل إعلام إيرانية. دعوات لم تكن جديدة من نظام إيران الطائفي، أضيف إليها دعوات مماثلة من تنظيم الحمدين الحاكم في قطر. وسبق أن دعم النظام القطري دعوات ملالي إيران إلى تسييس الحج، مطالبة بتدويل الحرمين المكي والمدني، مما أثارت هذه الدعوة موجة غضب واسعة في موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”. إعلان حرب: وكانت المملكة أكدت في أكثر من مرة أن الدعوات لما يسمى تدويل الحرمين تعتبر إعلان حرب عليها. واعتبر وزير الدولة للشؤون الخارجية عادل الجبير، في وقت سابق أن “طلب تدويل المشاعر المقدسة عدواني وإعلان حرب ضد المملكة”. وأضاف الجبير، ردا على دعوة قطر السابقة لتدويل الحرمين: “نحتفظ بحق الرد على أي طرف يعمل في مجال تدويل المشاعر المقدسة”، موضحا أن “تاريخ المملكة واضح في تسهيل وصول الحجاج”. فكرة بائسة: وفي مقال سابق تطرق إلي الأصوات المنادية بتدويل الحرمين، وصف الكاتب الصحفي، ميرزا الخويلدي، تلك الفكرة بـ”البائسة. وأوضح في مقال له بعنون، ” «تدويل» الحج.. فكرة بائسة! ” ونشرته صحيفة الشرق الأوسط، أن الدعوة لتدويل الحج ليست جديدة؛ فهي تعود وتتجدد كلما اشتعل الخلاف السياسي؛ قديمًا وحديثًا. وأضاف، أن فكرة جعل الحرمين الشريفين تحت سيادة أو إشراف جماعي فكرة بائسة وغير واقعية، ليس لأنها تنتقص من السيادة السعودية على أراضيها فقط، وهو ما يعلم الجميع استحالة الإقرار به، ولكن لأن الفكرة في جوهرها تفتقد المنطق والحكمة والتبصر في عواقب الأمور، ومع انزلاق هذه الفكرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ومع الفرز الطائفي المشحون بالتعبئة والكراهية، تصبح الأفكار المجنونة مطرزة بالمبررات والحجج. وأشار الخويلدي، إلى أن الدعاة لتلك الفكرة يعلمون أنها مجرد وسيلة للابتزاز السياسي، والسبب أن العالمين العربي والإسلامي لم يقدما طيلة تاريخ العمل المشترك منظومة واحدة أو مؤسسة ناجحة. وأكد أنه لو سمح لكل سلطة عربية أن تمارس سطوتها في الحج، لتحولت هذه المناسبة إلى فرصة لاقتناص المعارضين وملاحقتهم والتنكيل بهم، ثم مَن يمكنه أن يحاسب عشرين نظامًا عربيًا أو خمسين حكومة إسلامية إذا حدث أي خلل أو نقص أو تقصير واختتم الخويلدي مقاله قائلا، إنه في ظل الحوادث والكوارث، نحتاج إلى بصيرة العقل، وسلاح المنطق، وصرامة العدل، وقوة الإيمان، أكثر مما نحتاج للأفكار المجنونة.
مشاركة :