بين الفينة والأخرى تظهر بوادر نزاع في البحر المتوسط حول التنقيب عن الغاز، في هذه البقعة الحساسة في المتوسط أكثر من دولة تتصارع على الغاز بل تتغير العلاقات الاقتصادية ما بينهما في كل مرحلة تبعاً للحالة في شرق المتوسط، حتى إنها تأخذ شكلاً عسكرياً في بعض الأحيان، وهذه الدول (قبرص اليونانية – تركيا ـ لبنان ـ مصر ـ إسرائيل)، تتجاذب العلاقات فيما بينها كلما طرح موضوع الغاز. ففي منتصف الشهر الماضي، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إن بلاده ستستأنف التنقيب عن الغاز في المنطقة التي تعتبرها قبرص جزءاً من منطقتها الاقتصادية وداخل حدودها البحرية، وتلويحه باستخدام القوة في مواجهة قبرص وحلفائها بقوله: «التنقيب سيستمر بحماية الجيش»، ما فتح الباب جدياً لمواجهة حقيقية محورها الصراع على الغاز. المخاوف من أزمة تندلع من شرق المتوسط تتنامى كل يوم بسبب تطلع الحكومة التركية إلى الحصة الأكبر من الغاز هناك، وتصل المخاوف إلى تعقيدات دولية، خصوصاً وأن مصر واليونان وإسرائيل قد تتجه لمنح امتيازات لشركات فرنسية وبريطانية وأمريكية للتنقيب عن الغاز ما يجعل تركيا في مواجهة دولية كبرى، في حال تحقق ذلك. وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي، فاتح دونماز، قال إن تركيا لن تقف مكتوفة الأيدي إزاء ما اعتبره انتهاك حقوقها وحقوق جمهورية شمال قبرص التركية شرقي المتوسط، مشيراً إلى مواصلة تركيا أنشطة التنقيب عن الغاز والنفط على أراضيها وبمياه شرقي المتوسط، مؤكداً اعتزام أنقرة إرسال سفينة تنقيب ثانية بحلول هذا الشهر (يوليو)، حيث ترى تركيا أن من حقها التنقيب في بعض المناطق من شرق المتوسط - حسب زعمه- إلا أن دولاً أخرى ترى أن ذلك يخالف الاتفاقيات الدولية. إس 400 يرى البعض أن تركيا قد تذهب إلى التهديد العسكري في حال تطور ملف الغاز، إذ ذكرت وكالة بلومبيرغ أن تركيا تفكر في نشر أنظمة إس-400 الصاروخية الدفاعية التي تنتظر تسليمها من روسيا على طول الساحل الجنوبي للبلاد، بالقرب من السفن الحربية التي تراقب عمليات استكشاف مصادر الطاقة قبالة سواحلها. وتقول بلومبيرغ نقلاً عن مصادر تركية متطابقة، إن أنظمة إس-400 التي قد يتم تسليمها في غضون أسابيع ستعمل بشكل كبير على تعزيز القدرات العسكرية لتركيا في شرق البحر الأبيض المتوسط، حيث يسود الخلاف بشأن عمليات التنقيب عن الغاز قبالة السواحل العلاقات بين تركيا وقبرص، الدولة العضو في الاتحاد الأوروبي. اتجاه للتصعيد ثمة إجماع على أن التحركات التركية مصدر قلق في شرق المتوسط، حيث أدانت كل من اليونان وقبرص هذه الأنشطة التركية ووصفتها الخارجية القبرصية في بيانها بالعمل الاستفزازي، خصوصاً بعد أن صعدت تركيا من تحركاتها وأرسلت سفينة حفر إلى المنطقة الاقتصادية الخالصة لقبرص، متجاهلة الاحتجاجات القبرصية واليونانية، ونداء هاتين الدولتين لتركيا بالتوقف الفوري لهذه الأنشطة غير القانونية. الصراع على الغاز في المتوسط يتجه نحو المواجهة، وتأجج بشكل واضح منذ العام 2010 عندما نشر التقرير الجيولوجي الأمريكي عن غاز شرق المتوسط، إذ أشارت المعلومات إلى أن كمية الغاز في شرق المتوسط تقدر بـ345 تريليون قدم مكعبة، ما يجعل هذه الدول تدفع بالمواجهة مهما كانت التكاليف، ولم يستبعد مراقبون أن تندلع بالفعل مواجهة عسكرية بخصوص النزاع على هذه الثروة من الغاز. تحذير مصري التحركات التركية المكثفة في شرق المتوسط، أثارت قلق الجانب المصري، إذ وجهت القاهرة تحذيراً إلى تركيا من اتخاذ إجراءات أحادية للتنقيب والحفر في مكان الطاقة في البحر المتوسط قبالة قبرص، في الوقت الذي أعلنت فيه تركيا أنها لا تعترف بقانونية الاتفاق الذي وقّعته مصر مع قبرص في 2013 للتنقيب عن الغاز في مياه شرق المتوسط، فيما أعلنت مصر أنه لا يمكن لأحد أن يشكك في قانونية هذا الاتفاق، الذي تم وضعه وفق قواعد القانون الدولي، وتم إيداعه كاتفاقية دولية في الأمم المتحدة، إلا أن تركيا تصر على التنقيب مخالفة القواعد والاتفاقيات الدولية حول الغاز في شرق المتوسط. طباعةEmailفيسبوكتويترلينكدينPin InterestWhats App
مشاركة :