الجيش والمدنيون في السودان يعجزان عن تجاوز عقبة رئاسة المجلس السيادي

  • 7/5/2019
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

تواصلت المفاوضات في العاصمة الخرطوم بين المجلس العسكري ووفد قوى الحرية والتغيير، الخميس، لليوم الثاني على التوالي لإنهاء المأزق السياسي الذي يشهده السودان، حيث تركزت المحادثات على المجلس السيادي، الذي سيشرف على إدارة المرحلة الانتقالية. وحرصت لجنة الوساطة الإثيوبية الأفريقية المشتركة على التكتم على سير المناقشات التي تجري في غرف مغلقة بأحد فنادق العاصمة، حفاظا على سريتها، ومنع تسريب معلومات يمكن أن تؤثر سلبا على نتيجتها، في ظل حالة ترقب ممزوجة بالحذر. ورشحت معلومات من مصادر قريبة من المفاوضات أن الأمور تمشي بشكل إيجابي ولكن لا يوجد مؤشر فعلي على حدوث اختراق في الخلاف الأساسي المتمثل في المجلس السيادي ورئاسته. واستأنف الجانبان الحوارات، مساء الأربعاء، بعد جهود بذلتها الوساطة المشتركة، لتخطي العقبات التي وضعها كل طرف، ورسم الخطوط العريضة للمرحلة الانتقالية المقبلة. ووفق المقترح الإثيوبي الأفريقي يتكون المجلس السيادي من 15 شخصا، سبعة من العسكريين، ومثلهم من المدنيين، على أن يختار الطرفان العضو الخامس عشر بالتوافق، ومتوقع أن يكون شخصا مدنيا معتدلا. ويريد المجلس أن تتولى شخصية عسكرية رئاسة المجلس السيادي، لكن المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير يرى ضرورة ملحة في أن يكون رمز الدولة شخصية مدنية، وهو ما تدعمه، بشكل غير مباشر، قوى دولية عديدة، وتحث على أهمية تشكيل حكومة مدنية سريعا. واشترط تحالف الحرية والتغيير قبيل استئناف التفاوض المباشر بساعات قليلة، وضع سقف زمني مدته ثلاثة أيام (تنتهي الجمعة) لتخطي هذه القضية. وتتشكك بعض قيادات التحالف في نوايا المجلس العسكري، وتخشى أن يضع بعض العراقيل في أي لحظة، بما يحول عمليا دون اختيار شخصية مدنية لرئاسة المجلس السيادي، لذلك صممت على غلق هذا الملف أولا باعتباره الأكثر صعوبة، واتخاذه مؤشرا على مدى الجدية لاحقا، وبعدها ربما يكون التفاهم حول الملفات الأخرى أقل صعوبة. وأكدت الباحثة السودانية تماضر الطيب لـ”العرب”، أن المجلس يتصرف حتى الآن “كحكومة، والجهة الوحيدة القادرة على حفظ الأمن والاستقرار في البلاد، ولن يتنازل بسهولة عن رئاسة المجلس السيادي، لأنها تمثل رمزية سياسية دقيقة، وإذا قبل على مضض سيضطر إلى اختصار الفترة الانتقالية إلى أقل من ثلاثة أعوام”. ويقول مراقبون إن بقاء الأوضاع على ما هي عليه من انسداد يصب في صالح المجلس العسكري، لكن الضغوط السياسية الواقعة عليه من الداخل والخارج، بسبب التظاهرات والتلويح بالاضرابات والتفاعل معهما، تجعله يقبل الحوار ولا يستطيع التنصل منه. وأبدت الأكاديمية السودانية مخاوفها من أن يكون المجلس يجهّز لمسار آخر أو مفاجآت ضاغطة، تؤدي إلى ارتباك في صفوف المعارضة، التي يعلم جيدا أنها تتشكل من ألوان سياسية متباينة، قد تتفجر الخلافات بينها، قائلة “ما كان عليه أن يفتح ملف الإفراج عن العشرات من معتقلي الحركات المسلحة الآن”. ما لم يتم التوافق على رئاسة المجلس السيادي خلال المهلة المحددة سيكون من الصعوبة التفاهم على ملفات أخرى وأعلن المجلس العسكري الإفراج عن 235 من متمرّدي حركة تحرير السودان في دارفور، قبيل الجلوس للتفاوض مساء الأربعاء، بما أربك تحالف الحرية والتغيير، ويندرج تحته نداء السودان الذي يضم هذه الحركة. وأبدت في اليوم نفسه قوى نداء السودان، استعدادها للتوقيـع بالأحـرف الأولى على المبادرة الأفرو- إثيوبية، وأعلنت موافقتها بالإجماع عليها، وفقا لملاحظات لجنتها الفنية، وأمّنت على ما ورد فيها كموقف تفاوضي، في إشارة تنطوي على رغبة في إبداء مرونة في التفاوض مع المجلس العسكري. وبرأي متابعين، أن المجلس العسكري وافق على إطلاق سراح معتقلين تابعين لحركة تحرير السودان- جناح مني أركوى ميناوي فقط، في ضوء اتفاق معه في الزيارة التي قام بها لتشاد مؤخرا الفريق أول محمد حمدان دقلو. ولدى قوى الحرية والتغيير خطة متكاملة مخصصة للتفاوض مع الحركات المسلحة خلال الستة أشهر الأولى لتشكيل الحكومة المدنية، وأراد المجلس من وراء الإعلان عن هذه الإفراجات قطع الطريق عليها، واستمالة حركة تحرير السودان بعدما اصطدم مع الحركة الشعبية لتحرير السودان- قطاع الشمال، بسبب اعتقال ثلاثة من قادتها، ثم الإفراج عنهم. وتطرح هذه التصرفات علامات استفهام كثيرة، وتجعل الجلوس حول طاولة المفاوضات بين الطرفين حذرا، وما لم يتم التوافق على رئاسة المجلس السيادي خلال المهلة المحددة (72 ساعة) سيكون من الصعوبة التفاهم في ملفات أخرى قريبا.

مشاركة :