كشف باحثون أنه بالمقارنة مع النساء المصابات بضغط دم طبيعي خلال كل فترة حمل، كانت النساء المصابات باضطرابات ارتفاع ضغط الدم، خلال فترة واحدة أو أكثر من الحمل أكثر عرضة بنسبة 57 بالمئة للإصابة بنوبة قلبية أو سكتة دماغية في مرحلة ما بين سن 40 و70 سنة. وقالت إرين بيت هاوغ من جامعة النرويج للعلوم والتكنولوجيا في تروندهايم “لقد أدركنا أن النساء اللائي عانين من اضطرابات ارتفاع ضغط الدم أثناء الحمل يزيد لديهن خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية بمعدل ضعفين مقارنة بالنساء اللاتي لا يتعرضن لهذه المضاعفات”. وأضافت هوغ، عبر البريد الإلكتروني لرويترز، “خلال دراستنا الحالية، علمنا أن معظم مخاطر القلب والأوعية الدموية لدى النساء اللائي يعانين من اضطرابات ارتفاع ضغط الدم أثناء الحمل يمكن تفسيرها بمستويات أعلى من عوامل الخطر التقليدية في القلب والأوعية الدموية وخاصة ضغط الدم ومؤشر كتلة الجسم”. وأفاد باحثون، نقلا عن المجلة المتخصصة “جاما كارديولوجي”، أن ارتفاع ضغط الدم وارتفاع مؤشر كتلة الجسم (وهو مقياس للوزن بالنسبة إلى الطول) يفسران ارتفاع خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية إلى نسبة تقدر بـ77 بالمئة بين النساء اللائي يعانين من اضطرابات ارتفاع ضغط الدم أثناء الحمل. ولقد تابعت الدراسة حالات 23885 امرأة، كنّ قد حملن لمرة واحدة أو أكثر، قبل سن الـ40، بما في ذلك 2199 امرأة كانت لديهن اضطرابات ارتفاع ضغط الدم أثناء الحمل. ومن بين مجموع النساء المشاركات في الدراسة، وجد الباحثون 728 امرأة فقط عانين من ارتفاع ضغط الدم “أثناء الحمل” وهو اضطراب يصيب النساء اللائي لا يعانين عادة من ارتفاع ضغط الدم. ولاحظ الباحثون تطور ارتفاع ضغط الدم أثناء الحمل إلى مستوى أكثر خطورة على الحياة، يطلق عليه علميا اسم “تسمم الحمل”، لدى 1391 امرأة. وإجمالا، سجل تعرض 1155 من الحوامل، اللائي لم يسبق لهن الإصابة إطلاقا بارتفاع ضغط الدم خلال الحمل، لسكتات دماغية أو نوبات قلبية، أثناء فترة إجراء الدراسة. وكانت النتائج النهائية أنه مقارنة بالنساء اللائي لم يعانين من ارتفاع في ضغط الدم أثناء الحمل، كانت النساء المصابات بأي نوع من اضطرابات ارتفاع ضغط الدم زمن الحمل أكثر عرضة بنسبة 64 بالمئة للإصابة بنوبة قلبية بين سن 40 و70 عاما. وكانت الحوامل اللاتي سبق وأن تعرضن لارتفاع ضغط الدم خلال فترة الحمل أكثر عرضة بنسبة 47 بالمئة للإصابة بفشل القلب وأكثر عرضة بـ40 بالمئة للإصابة بالسكتة الدماغية. وكان الخطر أكبر بالنسبة إلى مجموعة فرعية من النساء اللائي لديهن حالة “تسمم الحمل”، فكن أكثر عرضة بنسبة 78 بالمئة للإصابة بأزمة قلبية، وبنسبة 83 أكثر عرضة للإصابة بقصور في القلب وبنسبة 46 بالمئة أكثر عرضة للإصابة بالسكتة الدماغية، خاصة اللاتي تتراوح أعمارهن بين 40 و70 مقارنة مع النساء اللاتي لم يتعرضن لارتفاع ضغط الدم أثناء الحمل. ومع ذلك، لا يبدو أن اضطرابات ارتفاع ضغط الدم أثناء الحمل تؤثر على خطر الإصابة بأمراض القلب بعد سن السبعين. ويؤخذ على الدراسة أن الباحثين كانت لديهم فقط بيانات للحالات التي عولجت أو مرت على المستشفى وأنه من المحتمل أن بعض النساء تعرضن لاضطرابات غير مميتة تم علاجها في أماكن أخرى. ومن المؤاخذات الأخرى على النتائج أن الباحثين لم يفحصوا ما إذا كان لدى النساء عوامل خطر للإصابة بأمراض القلب قبل الحمل.ومع ذلك، تشير النتائج إلى أن النساء اللاتي لديهن تاريخ من اضطرابات ارتفاع ضغط الدم أثناء الحمل يمكن أن يقللن من مخاطر الإصابة بأمراض القلب في المستقبل. وأشارت لورا بنشوب، الباحثة في مركز إراسموس الطبي بروتردام، والتي لم تشارك في الدراسة، إلى أنه يمكن تحقيق ذلك عن طريق الحفاظ على وزنهن ومعدل متوازن لضغط الدم والعيش حياة صحية مع تقدمهن في السن. وأضافت، عبر البريد الإلكتروني، “يجب أن تكون النساء على دراية بعوامل الخطر القلبية الوعائية ويقمن بفحص ضغط الدم ومؤشر كتلة الجسم بانتظام (سنويا) بعد الحمل”. وقالت جينيفر ستيوارت، الباحثة في مستشفى بريغهام أند وومان وكلية الطب هارفارد في بوسطن والتي لم تشارك في الدراسة، إنه في حين أن الأطباء عادة ما يقومون بالكشف عن عوامل خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية لدى كبار السن، فإن النساء المصابات بارتفاع ضغط الدم أثناء الحمل يصبن بعوامل الخطر هذه في وقت مبكر من الحياة مقارنة بالنساء المصابات بضغط دم طبيعي أثناء الحمل. وأردفت ستيوارت “لذلك، من المهم بشكل خاص لهؤلاء النساء مراجعة الطبيب بانتظام بعد الحمل لمراقبة ضغط الدم ومؤشر كتلة الجسم والغلوكوز والكوليسترول”. وتجدر الإشارة إلى أن مخاطر ارتفاع ضغط الدم أثناء الحمل لا تقتصر على الأم فقط وإنما للجنين “نصيب” منها. فقد وجدت دراسة سابقة، أجريت بجامعة هلسنكي في فنلندا، علاقة بين ارتفاع ضغط دم الأم خلال الحمل ودرجة احتفاظ الطفل بقدراته المعرفية على مدار حياته. وأفادت الدراسة، التي أجريت على الذكور، أن ارتفاع ضغط دم الأم خلال الحمل، يؤدي إلى فقد القدرات المعرفية على امتداد العمر، أسرع من المواليد الذين تمتعت أمهاتهم بضغط دم سليم خلال الحمل. وجاءت النتائج بعد فحص 398 رجلا، وُلدوا بين عامي 1934 و1944، خضعوا جميعهم لاختبارات في الرياضيات واللغة والاستدلال المكاني، في سنّ العشرين، ثم مرة أخرى في سن الـ69. وكانت النتائج الأكثر وضوحا هي نتائج الرجال في الرياضيات. وفسّر العلماء نتائج الدراسة بأن ارتفاع ضغط دم الأم خلال الحمل قد يؤدي إلى “تسمّم الحمل” وأن أي تغيير في بيئة الرحم يؤثر على القدرات الدماغية للجنين. كما أوصت دراسة هولندية بإخضاع الأمهات حديثات الولادة، اللاتي تعرضن لحالات شديدة من تسمم الحمل، لمتابعة مستمرة لمستوى ضغط الدم لديهن لمدة عام بعد الولادة، وذلك لأن ارتفاع ضغط الدم قد يظل كامنا لفترة طويلة. وخلصت الدراسة إلى أن ارتفاع ضغط الدم “في أغلب الحالات لا يُلاحظ، لأن نتيجة قياس ضغط الدم قد تكون طبيعية” في عيادة الطبيب. وتوصلت الدراسة الهولندية إلى أن 17.5 في المئة من 200 امرأة أخضعن للبحث، كنّ يعانين من ارتفاع في ضغط الدم لكن لم يُرصد. وبحسب الدراسة، إذا اعتمد الأطباء فقط على قياس ضغط الدم داخل العيادات، سيخفقون في اكتشاف ارتفاع ضغط الدم لدى 56 في المئة من النساء. وتوصلت الدراسة إلى أن نحو 46 في المئة من النساء يتعرضن لانخفاض غير كاف في ضغط الدم من الصباح إلى المساء، وهو أمر غير صحي. وعانت نسبة 42.5 في المئة من المشاركات في الدراسة من ارتفاع ضغط الدم أثناء الليل، وهو الأمر الذي يزيد احتمال الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية والموت. وقالت كاثرين جينر، من جمعية ضغط الدم الخيرية في بريطانيا، وفق ما جاء في تقرير نشرته هيئة الإذاعة البريطانية، إن الدراسة كانت “صادمة” لأنه من المعروف أن النساء اللاتي يعانين من تسمم الحمل غالبا ما يكنّ أكثر عرضة لارتفاع ضغط الدم بعد الولادة. وأضافت “الحقيقة المتمثلة في أن أكثر من نصف الحالات لا يتم رصدها بعد عام فقط من الولادة يعدّ صادما، خاصة مع متابعة الأطباء للأمر”. وتابعت “نتائج هذه الدراسة الصغيرة يجب أن تشجع جميع النساء اللاتي تعرضن لتسمم الحمل على مساعدة الأطباء من خلال استخدام أجهزة قياس منزلية ومحاولة توفير قياس يعكس حقيقة مستوى ضغط الدم”. من جهته، يرى باسكي تيلاغانثان، الاستشاري بالكلية الملكية للنساء والوليد في بريطانيا، أنه لا بد من التوسع في المزيد من عينات الدراسة، وأن يكون من بينهن نساء لم يعانين من ارتفاع ضغط الدم الحاد قبل الحمل، حتى يتسنى التأكد من نتائج الدراسة. يذكر أن ارتفاع ضغط الدم أثناء الحمل يصيب نساء لا يعانين من هذه الحالة عادة، خلال المراحل المتوسطة أو المتأخرة من الحمل، أي عادة بعد الشهر الخامس. ومن الشائع جدا أن يكون ضغط الدم عند المرأة الحامل منخفضا أثناء الأشهر الأولى من الحمل. وتشخَّص المرأة بارتفاع ضغط الدم أثناء الحمل عندما يتجاوز معدّل الضغط 90/140 مليمترا زئبقيا، والذي يعود سببه إلى قوة دفع الدم مقابل جدران الأوعية الدموية. ووفق موقع “ستيب تو هيلث” الإسباني، يعتبر التحكم بضغط الدم أثناء الحمل أفضل طريقة للوقاية من أي حالات مرضيّة خطيرة أو مزمنة.
مشاركة :