التكنولوجيا في خدمة 50 مليون مصاب بالخرف حول العالم

  • 7/5/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

أَشِر إلى "أبحاث الخرف" وسيفكر معظم الناس في العلماء الذين يبحثون عن طرق طبية حيوية لتشخيص أمراض الدماغ التنكسية والتعامل معها وعلاجها في نهاية المطاف. كما يوجد أيضا برنامج بحثي مزدهر يهدف إلى تحسين الرعاية للأعداد المتزايدة من الأشخاص المصابين بالخرف - يقدر عددهم بـ850 ألفا في المملكة المتحدة و50 مليونا في جميع أنحاء العالم. يشهد هذا الشهر افتتاح مركز أبحاث وتكنولوجيا الرعاية بقيمة 20 مليون جنيه استرليني في إمبريال كوليدج في لندن، إضافة إلى بدء مشروع لدراسة استخدام الـ"ليدار" Lidar - تكنولوجيا إدراك المكان، المدمجة في السيارات ذاتية القيادة- من أجل المساعدة على الاعتناء بالأشخاص في المنازل. تشمل مبادرات حديثة أخرى تطبيقا للهواتف الذكية يعمل على تذكير الأشخاص المصابين بالخرف بكيفية تنفيذ المهام اليومية وتجربة تخصيص الراديو المباشر. يقول ديفيد شارب، رئيس المركز الجديد: "عندما يتم طرح السؤال، فإن 85 إلى 90 في المائة من الأشخاص يقولون إنهم يرغبون في العيش لأطول فترة ممكنة في منازلهم وتجنب الانتقال إلى دار رعاية". ويضيف: "تتمثل رؤيتنا في استخدام التكنولوجيا التي تركز على المريض من أجل مساعدة الأشخاص المصابين بالخرف على العيش بشكل أفضل ولمدة أطول في منازلهم". التكنولوجيا التي تم تطويرها في المركز تستخدم أجهزة استشعار يتم توزيعها في جميع أنحاء المنزل، أو ارتداؤها على الجسم لتتبع المؤشرات الحيوية، مثل نبضات القلب، وضغط الدم، ودرجة حرارة الجسم. وستوفر هذه المستشعرات أيضا معلومات تتعلق بالمشي ونشاط الدماغ والنوم. وستدمج أجهزة الكمبيوتر التي تستخدم الذكاء الاصطناعي هذه المعلومات وتنبه مقدمي الرعاية بأي تغيرات - مثلا، تمييز نمط المشي الذي يشير إلى زيادة خطر السقوط، أو ارتفاع درجة الحرارة المرتبطة بالتعرض إلى عدوى. سيعمل المركز كذلك على تطوير فحوص بسيطة للعدوى الشائعة، التي تعد مشكلة متكررة للأشخاص الذين يعانون الخرف وغالبا ما تؤدي إلى الإقامة في المستشفى. هناك مجال آخر يتطرق إليه الباحثون والفرق الطبية هو تتبع الذاكرة والوظيفة المعرفية من خلال مراقبة السلوك بطريقة لا تتعارض مع الحياة اليومية. ويمكن استخدام هذه المعلومات للتنبؤ بالوقت الذي قد يواجه فيه المرضى مشكلات، كالانفعال، والتدخل المبكر لمساعدتهم. تعد اضطرابات النوم واحدة من مشكلات الخرف الكبيرة، لذلك سيطور المركز طرقا لتتبع النوم عبر مستشعرات للحركة في الأسرة والأغطية. وستنبه أجهزة آلية المرضى بالمخاطر المتعلقة بالسلامة، مثل وجود سائل مسكوب على الأرض أو موقد طبخ ترك مشتعلا، وكذلك مراقبة المرضى لمتابعة علامات الضيق ثم إخطار فريق الرعاية الصحية الخاص بهم. يعد الاستشعار باستخدام "ليدار" (جهاز للكشف وتحديد المدى بواسطة الضوء) خيارا آخر. لقد تبنت شركة "آي. بي. إم" IBM الأمريكية العملاقة للحوسبة ذلك الجهاز في دراسة تعاونية مدتها ستة أشهر، تبدأ هذا الشهر مع شركة كيرا كير Cera Care من المملكة المتحدة. تستخدم هذه المستشعرات نبضات ليزر آمنة ذات قوة منخفضة لتجري مسوحات دقيقة ثلاثية الأبعاد لما يتحرك في الغرفة من الأجسام والأشخاص. سيتم تحليل المعلومات المأخوذة من أجهزة استشعار الـ"ليدار" بواسطة برنامج Watson AI الخاص بشركة "آي. بي. إم" لتكوين صورة عن حياة الفرد في المنزل. ويمكن من خلال هذه المعلومات اكتشاف أي انحرافات في النظام الغذائي، أو عادات استخدام دورة المياه، أو النوم، أو الحركة التي يمكن أن تدل على تدهور الحالة البدنية أو النفسية. كما يمكن للنظام تفعيل الإنذار في حالات الطوارئ، مثل السقوط. يقول نيكولا بالماريني، باحث في شركة "آي. بي. إم" ركز على الشيخوخة وطول العمر: "نود معرفة أنشطة الحياة اليومية عبر استخدام أجهزة استشعار مقترنة، للتركيز على البيئة المنزلية بدلا من الأجهزة التي يمكن ارتداؤها، والتي لا يرغب فيها كثير من الناس". وأوضح أن أجهزة الليدار تتجنب اقتحام الخصوصية الذي يحدث مع كاميرات الفيديو وتوافر معلومات أكثر دقة ووضوحا من التكنولوجيات الأخرى الخاصة باستشعار الحركة. ويحرص الباحثون في شركة "آي. بي. إم" على استخلاص أكبر قدر ممكن من المعلومات المفيدة عن الأنشطة اليومية لشخص بدون أن يكون عرضة لمراقبة متطفلة. مثلا، يمكن لمراقبة استهلاك المرافق، مثل الكهرباء والماء، تنبيه مقدمي الرعاية إذا كان هناك انحراف غير معتاد عن النمط الطبيعي. تبحث جمعية الزهايمر، وهي جمعية خيرية في المملكة المتحدة، عن طرق جديدة لتحسين حياة الأشخاص المصابين بالخرف. وأعلنت الشهر الماضي أول فائزين في برنامج التمويل الجماعي الخاص بها، وسيتلقى كل منهما مائة ألف جنيه استرليني لمزيد من التطوير. المائة ألف جنيه الأولى ستذهب إلى "جيلي دروبس" Jelly Drops - حلوى تحتوي 90 في المائة منها عبارة عن ماء لتمنع الجفاف أو تقلل منه، وهو يعد مشكلة متكررة في رعاية المصابين بالخرف. المائة ألف الأخرى كانت من نصيب تطبيق للهواتف الذكية يحمل اسم "هاو. دو. آي" How Do I؟، يحث الأشخاص على أداء مهام يومية مثل غلي الماء، أو صنع كوب من الشاي، أو الاستحمام. يمكن للتطبيق أيضا استعادة الذكريات المنسية من خلال مقاطع الفيديو أو الصور التي سجلتها العائلة أو الأصدقاء في السابق. يحرص كثير من كبار السن الذين يعانون الخرف على الاستماع إلى الإذاعة. مشروع "راديو مي" Radio Me الذي تبلغ تكلفته 2.7 مليون جنيه استرليني، الذي أعلنه الشهر الماضي مجلس أبحاث العلوم الهندسية والفيزيائية في المملكة المتحدة، سيستخدم نظاما مدعوما بالذكاء الاصطناعي ليعدل الراديو المباشر بطريقة مصممة لكل فرد، مع إعطاء رسائل تذكيرية والاستجابة في الوقت نفسه ليساعد على معالجة أعراض مثل الانفعال. المشروع الذي استغرق أربعة أعوام، بقيادة جامعة بلايموث، جنوب غربي إنجلترا، مع مجموعة من الجامعات وهيئات البث بما في ذلك هيئة الإذاعة البريطانية BBC، سيستخدم "سوارا حيويا" لقياس المؤشرات الحيوية مثل معدل ضربات القلب، فضلا عن مكبرات صوت لاسلكية واتصال بالإنترنت لتقديم نتائج مصممة لكل شخص. يقول أليكسيس كيركه، عضو باحث في جامعة بلايموث: "سيقوم Radio Me بتصميم أحدث التكنولوجيا واستخدامها، ولكن سيجربها المستخدمون عبر الإذاعة التي تعد وسيلة مألوفة ومطمئنة". على الرغم من الجهود التي تبذلها جمعية الزهايمر من أجل "إعادة توازن الاستثمار بين البحوث الطبية الحيوية والرعاية"، تقول الجمعية الخيرية، إن أقل من 5 في المائة من أبحاث الخرف في جميع أنحاء العالم تركز على الرعاية. لكن جيريمي هيوز، الرئيس التنفيذي للجمعية الخيرية، يقول إن هذا الاستثمار "يجب أن يسير جنبا إلى جنب مع نظام الرعاية الاجتماعية الممول بشكل مناسب (...) أو سيتم تدمير الجهود التي نبذلها لتحسين حياة الأشخاص المصابين بالخرف من خلال رعاية شحيحة وباهظة الثمن ورديئة".

مشاركة :