حوار: نجاة الفارس أكد الروائي عادل عصمت، أن جائزة البوكر خلقت حالة من الإثارة أدت لانتشار الشكل الروائي بين أوساط الشباب والقراء، قائلاً إن الوصول للقائمة القصيرة بجائزة البوكر يعني تسليط الضوء على أعماله واكتساب عدد كبير من القراء لم يعرفوا اسمه من قبل، وهذا يضع الكاتب في مصاف أهم الكتّاب في الوطن العربي. وقال في حوار ل «الخليج»: المهمة الأساسية للكاتب أن يكشف جوهر التجربة ونوع قلوب البشر في المحيط الذي يعيش فيه، قصصي أعايشها لفترة طويلة جداً، وأبطال أعمالي الروائية لا أختارهم من خيالي بل تفرضهم أحياناً هموم قلوبهم وتفرد شخصياتهم، موضحاً أننا نستطيع أن نعول على الرواية في خلق نوع مختلف من الوعي. عادل عصمت كاتب مصري من مواليد 1959 تخرج في كلية الآداب قسم الفلسفة- جامعة عين شمس عام 1984، وحصل على ليسانس المكتبات من جامعة طنطا عام 1986، ويعمل أخصائي مكتبات في وزارة التربية والتعليم، له مجموعة قصصية بعنوان «قصاصات» بالإضافة إلى خمس روايات منها «الوصايا» التي وصلت للقائمة القصيرة لجائزة البوكر في العام الجاري و«أيام النوافذ الزرقاء» والتي حصلت على جائزة الدولة التشجيعية في الرواية عام 2011، و«حكايات يوسف تادرس» الحائزة جائزة نجيب محفوظ للأدب عام 2016 والتي ترجمت إلى الإنجليزية. * ما مدى اطلاعك على الأعمال الفائزة بجائزة البوكر سابقاً، وإلى أي مدى ترى أن الجائزة أثرت المشهد الثقافي العربي ؟ - في السنوات السابقة أتيحت لي فرصة الاطلاع على بعض الأعمال، ووجدت أن بعضها كان على مستوى فني رائع جداً، جائزة البوكر خلقت حالة من الإثارة وأدت إلى انتشار الشكل الروائي بين أوساط الشباب والقراء، وأعادت اهتمام القراء العرب بالرواية العربية. * ماذا يعني لك الوصول للقائمة القصيرة بجائزة البوكر ؟ - يعني تسليط الضوء على أعمالي واكتساب عدد كبير من القراء لم يعرفوا اسمي من قبل، وهذا يضع الكاتب في مصاف أهم الكتاب في الوطن العربي ويعطيه مكانة كبيرة، رغم أنني أدرك تماماً أن النص الأدبي الذي يعيش مع قرائه ويستجيب لأفكارهم وللأسئلة الداخلية عند القراء هو النص الذي يبقى وليس الذي يفوز بجائزة، فعلاقة النص بالقارئ مهمة جداً. * يقال إن العالمية تبدأ من المحلية في الأدب ما تعليقك على ذلك ؟ - أنا من المؤمنين بهذا ولا أكتب إلا ما أرى أنه يشكل جوهر التجربة عند الشخصيات الروائية في مكانها، بالتالي لا أظن أن كاتباً يستطيع أن يصل إلى قلوب قراء في مناطق أخرى من العالم إلا إذا وصل إلى قلب شخصياته، ووصل بهمها الإنساني للهم الأساسي لكل سكان الأرض، وهذه مهمة في منتهى الصعوبة لكنها المهمة الأساسية للكاتب، أن يكشف جوهر التجربة ونوع قلوب البشر في المحيط الذي يعيش فيه، وبدون ذلك ما الذي يمكن أن نقدمه؟! أدب مقلد، و شخصيات مقلده، أشكال أدبية مقلدة، أظن أن الأصالة فعلياً هي طريق للعالمية. * كيف تختار أبطال أعمالك الروائية ؟ - قصصي أعايشها لفترة طويلة جداً، وأبطال أعمالي الروائية لا أختارهم من خيالي، بل تفرضهم أحياناً هموم قلوبهم وتفرد شخصياتهم، يظلون معي فترة طويلة: على سبيل المثال رواية «الوصايا» سمعتها وعايشت شخصياتها منذ الطفولة، وشخصياتي تتغذى من مصدر واقعي لخبرتي، ويظل ينمو بخيالي ومعي إلى أن يحين وقت ميلادهم، أحياناً تكون لدي شخصية في رواية وبعد أن أنهي النص أجد أن لا ضرورة لها بالنسبة للشكل الفني الذي أنتجته، فأنزع هذا الجزء، والغريب أن هذه الشخصيات الروائية مثل شخصيات الحياة تتسلل من رواية وتدخل رواية أخرى بمزاجها. * كيف تنظر كروائي وكاتب إلى سقف حرية الكتابة عربياً ؟ - بالنسبة لي كروائي ليس لدي سقف لأن الروائي ماكر ويستطيع أن يفعل ما يريد بشخصياته الروائية، أنا لست كاتباً صحفياً، وبالنسبة لي سقف الحرية غير محدود، المشكلة عند الكاتب هي الرقابة الداخلية إذا تمكن الكاتب من مقاومتها وكان أكثر صراحة وصدقاً مع نفسه، الفن يمنحه وسائل للتعبير عن أي شيء يريده، من الممكن لو كتب مقالاً أن يسجن عليه لكن عظمة الفن الروائي أنه يمنحنا وسائل نستطيع أن نكتب بها ما نشاء إذا تمكن الكاتب من التخلص من رقابته الداخلية وانفتح على العالم بمحبة. * أين يكمن سر كتابة رواية ناجحة برأيك ؟ - يكمن في أمرين: الأول إجادة الشكل الروائي وتقنيته، عن طريق قراءة الأعمال الرئيسية بفن الرواية باللغة العربية وغيرها، ثم استبطان هذا الشكل وتمثله، الأمر الثاني: معايشة أجواء الرواية وشخصياتها إلى درجة تشعره بأنها شخصيات حقيقية، هذه وصفتي لكتابة رواية ناجحة ليس تجارياً ولكن لأنها تستطيع أن تؤثر بقارئها، لأنه يوجد بها إخلاص عميق للشكل الروائي، لأن الشكل الروائي كأي مقام موسيقي أو منظور بالرسم، له قواعد لا يتم تعلمها بورشة كتابة، ولكن عبر تمثلي للأشكال الأدبية التي أقرأها، وهنا أكون ضمنت الجزء الشكلي، يظل إخلاصي تجاه رؤيتي للحياة، ومعايشتي لشخصياتي وأجوائها في هذه اللحظة عندما أمتلك الجانبين الجانب الشكلي والجانب الموضوعي بالتأكيد سأعمل رواية تؤثر في قارئها، وتنور له مناطق الخبرة ومناطق الأسئلة الخاصة. * إلى أي مدى نستطيع أن نعول على الرواية في خلق الوعي لدى المجتمع ؟ - نعم نستطيع أن نعول على الرواية بالفعل، في خلق نوع مختلف من الوعي، وأعتقد أن الرواية من أهم الأشياء التي يتغير بها وعي الإنسان وإحساسه بالعالم، لأنها تنقل أجواء وأفكاراً وخبرات شخصيات أخرى، فالأمر يتم ببطء ويجب ألا نكون متعجلين، تأثير الرواية لن يحدث الآن ولكن تراكم الإنتاج الروائي وانتشاره في أجيال جديدة يمكن أن يخلق نوعاً ثانياً من الإحساس بالحياة، مثل ما الشاعر يقربنا من روح الزهرة والنخلة والشمس، الرواية أيضاً تستطيع أن تقربنا من طبيعة الحياة وإحباطها وانتصاراتها، من الممكن بالفعل أن تؤثر الرواية في الوعي.
مشاركة :