من 25 % إلى 75% وأحياناً 90 % «تخفيضات سعرية»، تغازل المستهلكين مع مغريات منها الدخول بسحب للفوز بسيارة أو مبالغ مالية تصل إلى مليون درهم، تحت عنوان «الجائزة الكبرى» للمتسوقين، بشرط إنفاق حد أدنى للمشتريات 100 درهم.. في مثل هذه الفترات يزداد إقبال المتسوقين على الشراء وتشهد الأسواق زيادة في النشاط وعمليات البيع، فيما تنتظر شريحة كبيرة من المستهلكين موسم التخفيضات للشراء في الوقت الذي صارت لافتة التنزيلات عنواناً وعلامة تجارية لقطاع التجزئة بالدولة. وسيطر اللون الأحمر، أكثر الألوان جذباً للتوقف والانتباه، على لافتات عروض التنزيلات المكتوبة عباراتها في أغلب الأحيان باللون الأبيض، تتضمن مفردات: «تنزيلات الصيف» و«خصومات» و«حسومات» و«العرض الخاص» و«العرض الإضافي» و«اشتر واحدة واحصل على الثانية مجاناً» و«تسوّق أكثر.. سافر أكثر»، و«تسوّق أكثر.. وفر أكثر»، فيما تكتب بالإنجليزية SALE، وذلك في موجة من المفردات التسويقية التي تغزو الأسواق التجارية في أبوظبي بصورة متزايدة ومستمرة حتى أغسطس، والذي سيشهد انطلاق عروض موسم العودة للمدارس، ما دفع الكثيرين للتساؤل حول صحة هذه العروض ومصداقيتها وفروقات أسعار المنتجات قبل الحسومات وأثناء العروض. وعروض التنزيلات والتخفيضات ظهرت للمرة الأولى في أميركا عقب الكساد العظيم الذي ضرب الولايات المتحدة في عشرينيات القرن الماضي، وحقق هذا المفهوم نجاحاً كبيراً، حيث حقق إقبالاً كبيراً من جانب التجار والمستهلكين، نتيجة تحريك السوق. بحسب رصد أجرته «الاتحاد» لعدد من المراكز التجارية في أبوظبي، طالت المفردات التسويقية معظم المنتجات السلعية جاذبة المستهلكين بإغراءات لا يمكن مقاومتها، لتتغلب دائما رغبة الشراء على مخاوف التبذير، راسمة مشهداً للكثافة الشرائية عبر تزاحم كثير من المستهلكين يعبر عنه بـ«هوس الشراء»، وما بين الترشيد وبين العادة باقتناء أي شيء يتم طرحه تحت لافتات التنزيلات تقع حركة المتسوقين. نسب التخفيض تتفاوت نسب التخفيضات بحسب نوع البضاعة، لتتراوح بين 25 إلى 75%، للملابس بصورة عامة، والأحذية بنسبة 50 % والإلكترونيات ما بين 25 إلى 40 %. مصداقية العروض وأبدى بعض المستهلكين مخاوفهم من صحة العروض، فيما أكد آخرون مصداقيتها وأنها تشكل خياراً شرائياً جيداً في حال التعامل معها بمنطق الاستفادة من التخفيضات وليس بمنطق شراء أي منتج دون الحاجة إليه، بالمقابل حذر الخبراء من التدافع وراء التنزيلات بانتهاج ثقافة الحاجات الضرورية بدلاً من التسوق لأجل التسوق، حيث إن غالبية المستهلكين يقومون بشراء السلع في موسم التخفيضات دون الحاجة الحقيقية لتلك السلع. نوعان من البضائع وعلق مصطفى عادل «مستهلك»، بأن بعض البضائع لا تخضع لتنزيلات حقيقية، وأخرى تحمل لافتة «هذه البضاعة غير مشمولة في التنزيلات»، وتكون هي الأفضل في كثير من الأحيان، معرباً عن اعتقاده بأن كثيراً من سلع التنزيلات غير ضرورية، وليست ذات جودة عالية. وتتفق معه بالرأي علياء الهاشمي «مواطنة»، قائلة «عند زيارة محال التخفيضات نجد نوعين من البضائع، الأولى تحمل لافتات التنزيلات، والثانية يتم عرضها تحت لافتة»غير مشمولة بالتخفيض،«وهي التي تكون أجود من البضائع المشمولة بالعرض». ويرى عادل نور «مقيم» أن بعض المحال التجارية تضع لافتة تنزيلات بنسب تتراوح بين 25 إلى 75 %، وعند مراجعة الأسعار قبل التخفيضات يتبين أن نسبة التنزيلات لا تتجاوز سعرها الحقيقي قبل التخفيضات.ويشير إبراهيم عبد الله «مهندس»، إلى أن أصحاب المحال التجارية يقومون برفع أسعار البضائع قبل فترة قليلة من موسم التخفيضات، ثم تطرح العروض لتعود السلعة إلى سعرها الأصلي.وتضيف لبنى سيد «مقيمة»، أن التنزيلات أصبحت سمة عامة في القطاع التجاري، مشيرة إلى تصاعد ظاهرة «القسائم» لجذب أكبر عدد من الزبائن، حيث يشترط العرض قيمة مشتريات تبدأ من 100 درهم للحصول على كوبون الدخول في سحوبات جوائز تشمل مبالغ مالية بلغت مليون درهم العام الجاري، وتحمل عنوان «جائزة المليونير»عبر التسوق من أي مركز تجاري ضمن قائمة 8 مولات تجارية، إضافة سحوبات السيارات وسلع أخرى. فرصة للشراء بالمقابل، أكدت عائشة الشحي«مواطنة» أن المحال طرحت تخفيضات على سلع لديها بنسبة تراوحت بين 25 إلى 75%، وخاصة المتوافرة في المراكز التجارية الكبرى، فيما تباينت نسب الخصم في محال سوق التجزئة الموجودة خارج المراكز التجارية التجارية، ما بين 30 إلى 40 % وخاصة في محال النادي السياحي. واعتبرت مواسم التنزيلات فرصة لشراء بضائع جيدة بأسعار معقولة، لافتة إلى أن الاستفادة من هذه العروض تتطلب مهارة في معرفة البضائع الجيدة وأسعارها قبل وخلال التخفيضات. وتتفق معها ريهام حسن «مقيمة» قائلة «تتضمن عروض التنزيلات فوائد عديدة منها طرح سلع جيدة ما يتيح شراءها بأسعار أفضل من طرحها في السابق، مشيرة إلى أن بعض العروض لا تضيف شيئاً جديداً، حيث إنها سلع غير جيدة وأسعارها عالية وتشكل العروض فرصة لبيعها لمن لا يعرفونها. وتقول نوران شاه مديرة البيع، بأحد المحال«تشمل سياسة التخفيضات تنظيم سحوبات وجوائز يومية وشهرية، لاستقطاب العملاء»، مؤكدة أن التخفيضات التي تقوم بها المحال تتسم بالمصداقية وتخضع لمراقبة الدائرة الاقتصادية، موضحة أن سبب وجود لافتة«سلع غير مشمولة بالتخفيضات» نتيجة لعرض سلع جديدة وحديثة لا يمكن طرحها داخل العروض. خيارات شرائية وبدد ناندا كومار، المتحدث الإعلامي لمجموعة اللولو هايبر ماركت، شكوك مستهلكين بشأن العروض والتخفيضات قائلاً«تقوم المحال بعرض البضائع المتوافرة لديها وعلى المستهلك اختيار ما يناسبه من المعروضات سواء المخفضة أو غير المشمولة بالخصومات». وأضاف تشكل الخصومات والتخفيضات خياراً حقيقياً للشراء، مشيراً إلى أن التخفيضات ظاهرة عالمية في الأسواق، وتشكل جزءاً من برامج التسويق وتنشيط الحركة التجارية، منوهاً إلى أن ارتفاع إقبال المستهلكين على تلك العروض يؤكد مصداقيتها. من جهته، قال جي كومار، مدير أحد فروع البيع بأحد المراكز التجارية، إن المنفذ يطرح عروضاً وتخفيضات بصورة أسبوعية وشهرية وموسمية على عدد من السلع المرتبطة بحاجات المستهلكين، مثل الموسم الدراسي، وموسم رمضان، وموسم الإجازات والأعياد وهو الأكثر في فترة وقيمة العروض، مشيراً إلى أن العروض والتخفيضات تشمل آلاف الأصناف من السلع. ودلل محمد خان مدير بيع بأحد المحال في مركز مدينة زايد، على صدقية التخفيضات بالإقبال المتزايد للزبائن وارتفاع نسبة المبيعات، مؤكداً أن التخفيضات تستلزم إجراءات رسمية ومنها تقديم فواتير الشراء لسعر البضاعة الحقيقي وسعرها قبل التخفيض وبعده ونسب الحسم. وذكر أن طرح العروض الترويجية والتخفيضات تطور بصورة كبيرة لتتحول التخفيضات إلى لافتة ملاصقة للاسم التجاري، لافتاً إلى أن التنزيلات قبيل الألفية الجديدة كانت موسمية ترتبط بالشتاء والصيف وعودة المدارس. وبين شاه رسول مدير بيع بأحد المحال منطقة النادي السياحي، أن العروض والتنزيلات سمة عصرية لعمليات البيع بمختلف أنحاء العالم، موضحاً أن استراتيجيات الشركات المنتجة، وكذلك جهات طرح السلع، أضافت بند التخفيضات والتنزيلات ضمن برامج التسويق وخطة العمل السنوية. ثقافة الشراء وأرجع إبراهيم البحر الخبير في شؤون المستهلك، ارتفاع الإقبال على العروض والتنزيلات إلى ضعف ثقافة الشراء في المجتمعات العربية بشكل عام، وأن المسؤولية الأولى تقع على المستهلك الذي يجب أن يقوم بدور فعال في الترشيد الاستهلاكي. وشدد على ضرورة الوعي الاستهلاكي للأسر والأفراد، حيث يشكل خط الدفاع الأول لمواجهة تأثيرات الدعاية والإعلان وحملات الترويج لعروض التنزيلات والخصومات. وأكد البحر أن عروض التنزيلات والتخفيضات تأتي ضمن المسؤولية المجتمعية للمراكز التجارية، إضافة إلى اعتبارها ممارسة سوقية توفر عروضاً مناسبة للدخول بمختلف مستوياتها. وأضاف أن إقبال المستهلكين على تلك العروض عاماً بعد آخر يمثل شهادة نجاح لهذه العروض، كما تسهم تلك العملية في المنافسة التي تحقق صالح المستهلك. وحذر البحر المستهلكين من التدافع لشراء سلع العروض، واصفاً تلك السلع بالجيدة وأن المطلوب تغيير ثقافة الشراء لدى المتسوقين فكل السلع متوافرة وبأسعار مناسبة لمختلف مستويات الدخول، مطالباً بانتهاج ثقافة الحاجات الضرورية بدلاً من التسوق لأجل التسوق، حيث إن غالبية المستهلكين يقومون بشراء السلع في موسم التخفيضات دون الحاجة الحقيقية لتلك السلع. «الاقتصاد»: خيارات حقيقية لتقليل الإنفاق قال الدكتور هاشم النعيمي مدير إدارة المنافسة وحماية المستهلك في وزارة الاقتصاد: «تشكل التخفيضات الحالية في المحال والمراكز التجارية خيارات شرائية حقيقية تخفف من عبء الإنفاق الأسري نتيجة لتوفر فرص الوفاء بالاحتياجات الاستهلاكية والغذائية بأسعار تناسب مختلف الدخول». وأكد متابعة الوزارة لشكاوى المستهلكين واتخاذ الإجراءات القانونية بحق المخالفين، لافتاً إلى أن الوزارة لا تتدخل في آلية هذه التخفيضات، حيث تختص الدوائر الاقتصادية في كل إمارة بإجراءات الموافقة على التنزيلات ومراقبتها، منوهاً إلى أن متابعة السلع الاستراتيجية من حيث الأسعار والتوافر والجودة يأتي في مقدمة أولوياتها، لافتاً إلى أن وعي المستهلك يمثل ركيزة كبيرة في تفادي التعرض لسلع ليست ضرورية. الوعي الاستهلاكي وأوضح أن الوعي الاستهلاكي يبدأ بتحديد الاحتياجات وإعداد قائمة بالمشتريات، ثم قراءة بيانات السلع وخاصة الغذائية والكهربائية، مؤكداً سعي الوزارة لتلبية احتياجات المستهلك في سوق تنافسية شريفة تتوافر بها السلع والخدمات ذات الجودة العالية وبأسعار مناسبة. وأفاد النعيمي بأن 480 منفذ بيع بمختلف مناطق الدولة تطرح عروضاً متنوعة، مشيراً إلى أن العروض تتراوح تخفيضاتها بين 25 إلى 75%، إضافة إلى الالتزام بقوائم السلع المثبتة، والتي تعلنها المنافذ، عبر لوحات كبيرة، تضم قائمة بهذه السلع. وطالب المستهلكين بالتواصل مع الوزارة في حال ثبوت أية تنزيلات وهمية أو بضائع غير جيدة، لافتاً إلى أن موسم التنزيلات يشكل فرصة كبيرة لتأهيل المستهلك على استخدام حقه في الشكوى والتواصل مع الجهات المختصة وقيامه بدور المراقب، مؤكداً أن المستهلك يعد المراقب الأول والأكثر فعالية لضبط الأسواق. ودعا زوار المنافذ والمحال التجارية بالاحتفاظ بفاتورة الشراء والعودة إليها حال طرح العروض للتأكد من صحة العرض. اقتصادية أبوظبي: آليات تضمن صحتها أكدت دائرة التنمية الاقتصادية أبوظبي، أن آليات الدائرة للموافقة على العروض والتخفيضات المقدمة من المراكز التجارية تضمن صحتها، فضلاً عن توافر إجراءات لمعاقبة المتلاعبين والمخالفين، موضحة أن العروض الخاصة تقام بالتعاون بين منفذ البيع والشركة المنتجة للسلعة المراد عرضها، حيث تقوم المراكز التجارية الراغبة في طرح التنزيلات بتقديم مذكرة إلى الدائرة الاقتصادية، متضمنة أسماء السلع والكود الخاص بكل سلعة وسعرها الثابت والسعر الجديد، وفقاً للإجراءات القانونية المقررة. وتقوم الدائرة بإجراء مقارنات بين أسعار بيع السلع المقدمة في عروض التخفيضات قبل وأثناء عرض التخفيضات للتحقق من صدقية منفذ البيع، إضافة لقيام مفتشي الدائرة بمتابعة العروض الخاصة والتنزيلات ومدى التزام منافذ البيع بإجراءات التنزيلات وصلاحية المنتجات المعروضة، ومطابقتها لبيانات المذكرة المقدمة للدائرة. وفي حال خالفت المحال التجارية قائمة الأسعار المعتمدة، يتم توجيه إنذار، وفي حال تكرار المخالفة مرة ثانية يتم تحرير مخالفة مالية، وفي حال التكرار للمرة الثالثة تتم مضاعفة المخالفة، وإذا تكررت المخالفة يتم إغلاق المنفذ. وصف السلعة وأوضحت الدائرة أن الإعلان المضلل هو الذي يذكر فيه وصف السلعة وصفاً غير مطابق للحقيقة يؤدى بصورة مباشرة أو غير مباشرة إلى خلق انطباع غير حقيقي أو مضلل للمستهلك يدفعه للشراء أو طلب الخدمة، مشيرة إلى أن شروط الإعلانات والحملات الترويجية للسلع والخدمات تتضمن الجدية في الإعلان والعروض الترويجية والدقة والوضوح في صيغة الإعلان أو الحملة الترويجية والتطابق بين الإعلان أو العرض الترويجي والبضائع المشمولة وعدم تضليل المستهلكين عبر عرض نماذج غير مشمولة بالعرض وبطريقة توحي وكأنها مشمولة به والإفصاح للمستهلكين بشكل مفصل عن كافة الشروط والأحكام التي تنطبق على العرض قبل التعاقد وعدم استخدام أساليب الترويج العدائي أو انتهاك خصوصية المستهلكين. وذكرت الدائرة خلال دليل حماية المستهلك الذي أصدرته أن للمزود الحق في القيام بما يرغب من الإعلانات والأنشطة الترويجية بغرض تسويق السلع والخدمات التي يقدمها، وذلك وفقاً للتشريعات المعمول بها في الإمارة. الحوسني: الاستفادة من شراء الاحتياجات الأساسية الدكتور خالد الحوسني، رئيس مجلس إدارة جمعية الإمارات لحماية المستهلك قال: تحولت العروض والتخفيضات والخيارات الشرائية المتنوعة ووفرة السلع إلى وسيلة لاقتناء السلع دون الحاجة إليها، مطالباً بزيادة عمليات الوعي والتثقيف الخاصة بالاستهلاك الرشيد، داعياً المستهلكين إلى الاستفادة من العروض عبر شراء الاحتياجات الأساسية وعدم إهدار المال في اقتناء سلع التخفيضات. وأضاف، أن جمعية الإمارات لحماية المستهلك تسعى لتوفير بيئة تسوق آمنة، تتوافر فيها سلع ذات جودة عالية مع التوسع في توعية المستهلك بحقوقه عبر وسائل الإعلام التقليدية والموقع الإلكتروني للجمعية، حيث تم توفير خدمة تلقي الشكاوى عبر وسائل التواصل الاجتماعي. ونوه إلى أن خطة الجمعية التوعوية تتضمن استمرار إصدار نشرة المستهلك شهرياً، وتنظيم العديد من المؤتمرات والمحاضرات في المدارس والجامعات والمتاجر الكبرى وتنظيم الدورات التدريبية.
مشاركة :