قالت دار الإفتاء المصرية، إنه يجوز اشتراك أكثر من شخص في ذبح بقرة واحدة بنيات مختلفة -كما هو مذهب جماهير العلماء-، كما يجوز أن يذبح الشخص الواحد بقرة واحدة بنيات متعددة.جاء ذلك في إجابتها عن سؤال: «هل يجوز اشتراك أكثر من شخص في ذبح بقرة لكن مع اختلاف نية كل واحد منهم في هذا الذبح: فأحدهم مثلًا يقصد الأضحية، وآخر يقصد العقيقة، وآخر من أجل اللحم؟ وإذا صح هذا، فهل يجوز أن يذبح الشخص الواحد بقرة واحدة بنوايا متعددة؟».وأضافت الإفتاء أن كثيرًا ما يحدث أن يرغب شخص في الاشتراك مع غيره في ذبيحة كبيرة كالبقرة أو الناقة؛ ليحصل على سهم منها، وتختلف دوافع الناس في هذا، فمنهم من يرى طيب لحم البقرة أكثر من الشاة مثلًا، وقد يكون ذلك لأنه أرخص، وغير ذلك.وهذا النوع من الشركة يُسمى شركة الأملاك، وهي مشروعة كأصلها.أوضحت أن الشركة: هي الاجتماع في استحقاق أو تصرف. وهي ثابتة بالكتاب والسنة والإجماع: أما الكتاب فقول الله تعالى: «فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ» [النساء: 12]. وَقَالَ اللهُ تَعَالَى: «وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ» [ص: 24]، والخلطاء هم الشركاء.واستدلت بما رود في السنة: ما روي "أَنَّ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ، وَالْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ كَانَا شَرِيكَيْنِ فَاشْتَرَيَا فِضَّةً بِنَقْدٍ وَنَسِيئَةً، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، فَأَمَرَهُمَا أَنَّ مَا كَانَ بِنَقْدٍ فَأَجِيزُوهُ، وَمَا كَانَ بِنَسِيئَةٍ فَرُدُّوهُ" أخرجه الإمام أحمد في "مسنده". وروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «أيَقُولُ اللهُ: أَنَا ثَالِثُ الشَّرِيكَيْنِ مَا لَمْ يَخُنْ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ، فَإِذَا خَانَ خَرَجْتُ مِنْ بَيْنِهِمَا». رواه أبو داود. وروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «يَدُ اللهِ عَلَى الشَّرِيكَيْنِ مَا لَمْ يَتَخَاوَنَا». وأجمع المسلمون على جواز الشركة في الجملة...، والشركة على ضربين: شركة أملاك، وشركة عقود.وأكملت: أنه قد وردت النصوص صريحة في هذه المسألة: منها: ما روي عن جابر رضي الله عنه قال: "أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَشْتَرِكَ فِي الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ، كُلُّ سَبْعَةٍ مِنَّا فِي بَدَنَةٍ" متفق عليه. وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ: "اشْتَرَكْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ كُلُّ سَبْعَةٍ مِنَّا فِي بَدَنَةٍ، فَقَالَ رَجُلٌ لِجَابِرٍ: أَيَشْتَرِكُ فِي الْبَقَرِ مَا يَشْتَرِكُ فِي الْجَزُورِ؟ فَقَالَ: مَا هِيَ إلَّا مِنْ الْبُدْنِ" رَوَاهُ مُسْلِمٌ.وواصلت: وَعَنْ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه قَالَ: "شَرَّكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ فِي حِجَّتِهِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فِي الْبَقَرَةِ عَنْ سَبْعَةٍ" رَوَاهُ أَحْمَدُ، ووجه الدلالة التصريح بالأمر والإقرار بالشراكة في الأضاحي والهدايا، ورواية أحمد الأخيرة في لفظ "المسلمين" وهي كلمة تدل في أصلها على الاستغراق، ومعلوم أن الناس في حجة الوداع كانوا أصنافًا شتى؛ فمنهم المتمتع والقارن والذابح عن الأضحية، والمكفر عن ما فعله من محظورات النسك، ومعلوم أن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز. ونقلت قول الإمام النووي في "المجموع شرح المهذب" (8/ 397-398، ط. دار الفكر): [(فرع): يجوز أن يشترك سبعة في بدنة أو بقرة للتضحية، سواء كانوا كلهم أهل بيت واحد أو متفرقين، أو بعضهم يريد اللحم فيجزئ عن المتقرب، وسواء أكان أضحية منذورة أم تطوعًا، هذا مذهبنا وبه قال أحمد وداود وجماهير العلماء.
مشاركة :