اكتسب رهان الطاقة المتجددة في الإمارات زخما هائلا مع تجسيد خططها الطموحة لتنفيذ مشروعات غير مسبوقة من حيث الحجم لتنويع مصادر الطاقة بعيدا عن النفط. وفي خطوة تؤكد حرص إمارة أبوظبي على تنفيذ استراتيجيتها في هذا المجال، طرحت شركة مياه وكهرباء الإمارات، التي تأسست في نوفمبر الماضي مناقصة لإنشاء مشروع عالمي لإنتاج الكهرباء باستخدام الطاقة الكهروضوئية الشمسية.وتشير المواصفات الفنية المعلنة للمشروع إلى أن المحطة، التي سيتم تشييدها في منطقة الظفرة بأبوظبي ستنتج طاقة تصل إلى ألفي ميغاواط. وهذا المستوى من الإنتاج يقارب ضعف الطاقة الإنتاجية لمشروع نور أبوظبي، أكبر محطة مستقلة للطاقة الكهروضوئية الشمسية في العالم في الوقت الحالي. ونسبت وكالة أنباء الإمارات للرئيس التنفيذي لشركة مياه وكهرباء الإمارات عثمان آل علي قوله إن “المشروع الجديد يأتي في إطار التزام الشركة باستراتيجية الإمارات للطاقة 2050 والتي تهدف إلى رفع مساهمة الطاقة النظيفة في مزيج الطاقة بدولة الإمارات”. وأضاف أن “الاهتمام القوي الذي حظي به المشروع يعد دليلا على جاذبية نموذج الشراكات الذي نعمل به، كما يشير إلى القوة التنافسية والمزايا التي يتسم بها قطاع الطاقة المتجددة في الإمارات”. وسيمتد المشروع، الذي يشكل جزءا من سلسلة مشاريع اعتمدتها اللجنة العليا لقطاع الماء والكهرباء في إمارة أبوظبي، على مساحة تبلغ 20 كيلومترا مربعا. ويتوقع أن يصل المشروع الجديد إلى مرحلة التشغيل التجاري في الربع الأول من عام 2022، الأمر الذي سيزيد إجمالي سعة الطاقة الكهروضوئية الشمسية في أبوظبي إلى 3.2 ألف ميغاواط. وتأتي هذه الخطوة عقب إبداء 48 من كبار المطورين العالميين والمحليين اهتمامهم بهذا المشروع وتماشيا مع برنامج إنتاج الطاقة والمياه المستقل، الذي أطلقته حكومة أبوظبي عام 1998. وسيحصل المطورون المختارون على حصة 40 بالمئة من المشروع فيما ستؤول ملكية الحصة المتبقية إلى جهات محلية. ولم تكشف شركة مياه وكهرباء الإمارات عن التكلفة الإجمالية لبناء المحطة. ويأتي الإعلان عن المشروع الجديد بعد أيام فقط من دخول محطة نور أبوظبي للطاقة الشمسية الواقعة في مدينة سويحان التابعة لمنطقة العين في شرق إمارة أبوظبي، مرحلة الإنتاج التجاري. وتعد نور أبوظبي أكبر محطة مستقلة للطاقة الشمسية في العالم بطاقة إنتاجية قدرها 1.177 ميغاواط، وهو ما يتيح للإمارة زيادة إنتاجها من الطاقة المتجددة والحد من استخدام الغاز الطبيعي في توليد الكهرباء. ويقول المسؤولون إن المحطة ستساعد على جعل الطاقة أكثر استدامة وكفاءة وستقلل الانبعاثات الكربونية لأبوظبي بمقدار مليون طن متري سنويا، وهو ما يعادل إزالة 200 ألف سيارة من شوارع الإمارة. وتم إنشاء محطة بتكلفة إجمالية بلغت 872 مليون دولار، وهي مشروع مشترك بين حكومة أبوظبي وتحالف يضم شركتي ماروبيني اليابانية وجينكو سولار القابضة الصينية. وقال محمد حسن السويدي، رئيس مجلس إدارة شركة مياه وكهرباء الإمارات خلال تدشين المحطة رسميا “يمثل إنجاز هذا المشروع الذي تم إطلاقه في مارس 2017 علامة فارقة في استراتيجية الإمارات للطاقة 2050”. وأوضح أن بلاده تريد رفع نسبة مساهمة الطاقة النظيفة في إجمالي مزيج الطاقة إلى 50 بالمئة في العقود الثلاثة المقبلة، وتقليل البصمة الكربونية لتوليد الطاقة بنسبة 70 بالمئة.وأكد أن ذلك “يأتي تماشيا مع استراتيجية تحول القطاع من خلال توفير مصادر طاقة بديلة يمكنها مساعدتنا على تعزيز استدامة قطاعات المياه والكهرباء”. وتقوم أبوظبي، التي تحتضن مقر الوكالة الدولية للطاقة المتجددة، بدور كبير في قيادة التحول العالمي نحو الطاقة النظيفة، وهي تراهن على ضخ استثمارات جديدة محليا ودوليا لإنجاح هذا الأمر. وشهد قطاع الطاقة في الإمارات بشكل عام وفي أبوظبي بشكل خاص تحولات كبيرة خلال السنوات الماضية، حيث تعتبر الإمارة اليوم مركزا عالميا متميزا في مجال تطوير تقنيات إنتاج الطاقة. وكان وزير التغير المناخي والبيئة الإماراتي ثاني الزيودي قد أكد في يناير الماضي حتمية تسريع وتيرة نشر حلول واستخدامات الطاقة المتجددة والنظيفة عالميا للحفاظ على البيئة وتحقيق منظومة الاستدامة المتكاملة وضمان مستقبل أفضل للأجيال الحالية والمقبلة. وقال في كلمة خلال انطلاق الدورة التاسعة من اجتماعات الجمعية العمومية للوكالة الدولية التي أقيمت في أبوظبي إن “تبني حلول الطاقة المتجددة والعمل على نشرها وتوسعة قاعدة استخدامها، وإقرار سياسات واستراتيجيات وخطط تضمن تطوير تكنولوجيات هذا النوع من الطاقة، لم يعد خيارا أمام المجتمع الدولي بل ضرورة حتمية”. وأضاف أنه “يمكن عبر هذا المجال بناء مستقبل أفضل للأجيال الحالية والمقبلة، حيث سيساهم هذا التحول في حماية البيئة وضمان استدامة مواردها الطبيعية”. وأشار إلى أن دولة الإمارات تمكنت خلال الأعوام الـ13 الماضية من اتخاذ خطوات وبذل جهود مكثفة في مجال تحول الطاقة على المستويين المحلي والعالمي جعلتها حاليا نموذجا إقليميا وعالميا في مجال استخدامات ونشر حلول الطاقة المتجددة والنظيفة.
مشاركة :