"درب البخور" شريان اقتصادي ربط الجزيرة العربية في الإمبراطوريات

  • 7/8/2019
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

احتل "درب البخور" حيزاً كبيراً من اهتمام الباحثين في تاريخ الجزيرة العربية، وهو الطريق الذي سلكه جيش أبرهة الحبشي في حملته على مكة المكرمة، والذي يعود تاريخه إلى القرون الميلادية الأولى باعتباره شرياناً اقتصادياً وعلامة حضارية، رسختها مرور القوافل التجارية من جنوب الجزيرة العربية بين مكة المكرمة والمدينة المنورة، وصولاً إلى الشام شمالاً، والأحساء والبحرين شرقاً، ومنها إلى مناطق أبعد. وترجع سبب تسميته "درب البخور" إلى أن بضائع التجارة التي كانت تنتقل عبر هذا الطريق كانت تتميز بكميات البخور الكثيرة والفاخرة، ذات الجودة المشهورة إبان تلك العصور، وعُدّت منطقة نجران حلقة مهمة من حلقات تجارة البخور، باعتبارها طريقاً ثابتاً للقوافل طوال حقب التاريخ، خصوصاً محافظة يدمة في منطقة نجران، التي مازالت تسمى طريقها حتى الآن "السبيل" كناية لسبيل القوافل والمسافرين، لما تحتويه هذه المنطقة من مزايا جغرافية على خريطة جزيرة العرب بوصفها حلقة وصل وربط بين اليمن ونجد فمناطق الشرق، واليمن والحجاز فالشام، ولما كانت تتميز به من ماء وخضرة. ورصدت دارة الملك عبدالعزيز في توثيق لها "درب البخور" الذي ارتبط قديماً في درب لحج، إذ يمتد على الساحل الغربي من المملكة إلى ما بعد مضيق باب المندب، وكانت الطائف جزءاً من هذا الطريق، لاشتهارها التاريخي بالورد، ولارتباط البخور في الأماكن المقدسة، وأثبت التاريخ تقاتل الإمبراطوريات على التحكم بهذا الطريق وأسواقه، نظراً لحاجة معابد الإمبراطوريات الفارسية والرومانية والمصرية إلى البخور، وكانت تتنافس فيما بينها للسيطرة، وعندما أمن هاشم بن عبد مناف الطريق من خلال ما عرف بالإيلاف "رحلة الشتاء والصيف"، وعقد اتفاقاً على أسواقه وشعوبه، لتأمين وصول القوافل التجارية القرشية إلى الإمبراطوريات حيث ازدهرت تجارة قريش. وأضافت أن "بلاد البخور" عرفت في التاريخ القديم هي جنوب الجزيرة العربية، حيث تنتشر كثير من النقوش والكتابات والرسوم التي كتبها العابرون من الرُحّل والتجار والمسافرين سواءً في يدمة أو في مريغان أو في مناطق الدرب المتقدمة باتجاه الحجاز، مشيرة إلى أن القوافل كانت تبدأ من ساحل اليمن ثم تتجه باتجاهين، أحدهما إلى نجد والعراق، والآخر ينطلق إلى الشمال ثم ينعطف إلى فلسطين، ومن خلال فلسطين يتجه إلى سواحل البحر المتوسط، وإلى مصر وشمال أفريقيا. وبينت أن قوافل البخور سلكت أكثر من طريق بين موانئ اليمن ومكة المكرمة، بعدما اعتمدت في بداية الأمر طريقاً على الأطراف الغربية للصحراء، أي ما بين نجد والحجاز منطلقة عبر يدمة، واستمرت في سفرها عبر هذا الطريق حتى عام 400م، ومع بداية القرن الخامس الميلادي اتخذت القوافل طريقاً آخر عبر الجبال مختلفة عن الطريق الأولى، إذ تنطلق من اليمن فنجران وحتى تبالة الواقعة في الجنوب الشرقي من مكة، وعُرف هذا الطريق فيما بعد بـ"درب أسعد الكامل"، أي أن هذا التحويل في اتجاه الطريق كان في عهد أحد ملوك حمير الذي عاش في أوائل القرن الخامس الميلادي، ومع أن هذا الطريق أكثر وعورة من طريق البخور الأول عبر الأودية الشرقية، إلا أنه كان أكثر من نواحي المياه والنبات.

مشاركة :