هددت إيران، اليوم الإثنين، باستئناف تشغيل أجهزة الطرد المركزي التي توقفت عن العمل وتخصيب اليورانيوم بدرجة نقاء 20 % ضمن خطواتها الكبيرة المحتملة التالية بعيدا عن الاتفاق النووي لعام 2015. وتتجاوز التهديدات التي صدرت على لسان المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية الخطوات الصغيرة التي اتخذتها طهران الأسبوع الماضي لزيادة مخزوناتها من المادة الانشطارية إلى ما يتجاوز حدود الاتفاق النووي. وقد يثير هذا تساؤلات جدية عما إذا كان الاتفاق الذي يهدف لمنع إيران من صنع سلاح نووي لا يزال قابلا للاستمرار. ونقلت وكالة الطلبة للأنباء عن المتحدث باسم المنظمة الإيرانية بهروز كمالوندي تأكيده إعلان طهران أنها خصبت اليورانيوم بدرجة نقاء 4.5 % أي بما يفوق نسبة 3.67 % المسموح بها في الاتفاق. ويأتي هذا بعد إعلانها قبل أسبوع أنها خزنت كمية من اليورانيوم منخفض التخصيب تتجاوز المسموح به. وقالت إيران إنها ستتخذ خطوة ثالثة لتقليص التزامها بالاتفاق في غضون 60 يوما لكنها لم تصل حتى الآن إلى حد ما ستتضمنه الخطوة التالية. وقال كمالوندي إن السلطات الإيرانية تبحث الخيارات التي تشمل احتمال تخصيب اليورانيوم بدرجة نقاء 20 % أو أكثر واستئناف تشغيل أجهزة الطرد المركزي التي جرى تفكيكها لتحقيق أحد أهم أهداف الاتفاق النووي. وقال كمالوندي للتلفزيون الرسمي “هناك خيار نسبة 20 % وهناك خيارات أكبر لكن كلا منها له مكانه”. وأضاف أن تشغيل أجهزة الطرد المركزي من طراز آي.آر-2 وآي.آر-2إم من بين الخيارات. وستضع مثل هذه التهديدات الدول الأوروبية تحت ضغوط أكبر حيث تصر هذه الدول على ضرورة أن تواصل إيران الالتزام بالاتفاق حتى رغم انسحاب الولايات المتحدة منه. فرضت واشنطن عقوبات تمحو أي فوائد كان من المفترض أن تحصل عليها إيران مقابل موافقتها على كبح برنامجها النووي بموجب الاتفاق المبرم عام 2015. ودفعت المواجهة الولايات المتحدة وإيران إلى شفا صراع عسكري حيث تراجع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في اللحظات الأخيرة عن توجيه ضربات عسكرية للجمهورية الإسلامية الشهر الماضي. وتخصيب اليورانيوم بدرجة نقاء تصل إلى 20 % سيكون خطوة مثيرة لأن هذا هو المستوى الذي كانت إيران قد وصلت إليه قبل دخول الاتفاق حيز التنفيذ. ويعتبر هذا المستوى مرحلة مهمة في منتصف الطريق للحصول على اليورانيوم الانشطاري بدرجة نقاء 90 % اللازم لصنع قنبلة. وكانت إحدى الإنجازات الرئيسية التي حققها الاتفاق موافقة إيران على تفكيك أجهزة الطرد المركزي من طراز آي.آر-2إم التي تستخدم لتنقية اليورانيوم. وكانت إيران تملك ألفا من هذا الطراز في منشأة نطنز الإيرانية الكبيرة للتخصيب قبل الاتفاق. وبموجب الاتفاق يُسمح لإيران بتشغيل ما يصل إلى اثنين فقط منها لأغراض الاختبارات الميكانيكية. لكن الإجراءات الواردة في التهديدات الإيرانية تهدف فيما يبدو إلى أن تكون غامضة لدرجة لا تصل إلى حد تنصل إيران من الاتفاق تماما. ولم يحدد كمالوندي كمية اليورانيوم التي قد تخصبها إيران بدرجة نقاء أعلى أو عدد أجهزة الطرد المركزي التي ستفكر في إعادة تشغيلها. ولم يتطرق إلى أجهزة طرد مركزي أخرى أكثر تقدما مثل جهاز آي.آر-8 الأكثر تطورا. والدبلوماسية النووية ماهي إلا منحى واحدا من مواجهة أوسع بين واشنطن وطهران تنذر بالتحول إلى صراع مفتوح منذ أن شددت الولايات المتحدة العقوبات على إيران منذ أوائل مايو أيار. وأصدر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أوامر بتوجيه ضربات عسكرية لإيران الشهر الماضي لكنه تراجع عنها قبل دقائق. ويحذر حلفاء واشنطن الأوروبيون من أن أي خطأ صغير يرتكبه أي طرف قد يؤدي إلى نشوب حرب. يضمن الاتفاق النووي لإيران دخول التجارة العالمية مقابل قبولها بفرض قيود على برنامجها النووي. وتقول إيران إن الاتفاق يسمح لها بالرد على انتهاك واشنطن للاتفاق عن طريق تقليص التزامها وإنها ستفعل ذلك كل 60 يوما. وقال عباس موسوي المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية اليوم الاثنين “إذا أخفق الموقعون على الاتفاق، خاصة الأوروبيين، في الوفاء بالتزاماتهم بطريقة جدية فالخطوة الثالثة ستكون أقوى وأكثر حسما ومفاجئة بعض الشيء”. وتهدف الإجراءات الأمريكية الجديدة المعمول بها منذ مايو أيار إلى منع إيران من تصدير النفط ونجحت في إبعاد إيران فعليا عن أسواق النفط الرئيسية. ولا تدعم الدول الأوروبية العقوبات الأمريكية مباشرة لكنها لم تتمكن من التوصل إلى سبل تسمح لإيران بتفاديها. ودخلت بريطانيا على خط المواجهة بشكل أكبر الأسبوع الماضي عندما احتجزت ناقلة إيرانية تقول إنها كانت في طريقها إلى سوريا مما يعد انتهاكا لعقوبات الاتحاد الأوروبي على دمشق. ورغم التصريحات اللاذعة التي تصدر عن واشنطن وطهران لا توجد دلائل على أن أيا منهما مستعد لصراع شامل. ونقلت وسائل إعلام إيرانية عن قائد الجيش الإيراني الميجر جنرال عبد الرحيم موسوي قوله “مثلما أُعلن مرارا من قبل، لا تسعى إيران للحرب مع أي دولة لكنها تعلمت جيدا كيف تدافع عن نفسها”.
مشاركة :