أمريكا وإيران: حتى لا ننخدع مرة أخرى!

  • 7/9/2019
  • 00:00
  • 11
  • 0
  • 0
news-picture

‭‬ حين نتحدث عن أمريكا فإننا لا نتحدث عن ترامب وإنما عن صُناع القرار الأمريكي والمتحكمين فيه، أو من يحكمون دهاليز وخلفيات القرار الأمريكي الاستراتيجي، وأيا من يكون رئيس الإدارة الأمريكية ترامب أو غيره فإن مساحة تحركه الاستراتيجي تبقى محدودة! المؤكد أن إيران وأذرعها قامت بأداء «دور وظيفي» لا مثيل له في تحقيق أهداف «النظام العالمي» الذي تعمل أمريكا والمؤسسات الاستراتيجية على الاحتفاظ بقيادته رغم تخلخل أوضاع هذا النظام بسبب ظهور التنين الصيني و«المشاكس الروسي» وظهور قوى آسيوية أخرى! ولأن بؤرة الصراع من حيث الهيمنة على الطاقة «النفط والغاز» والثروات الطبيعية الأخرى، إلى جانب الموقع الاستراتيجي هي المنطقة العربية فإن صناعة «البعبع الإيراني» ناتجة من شراكة استراتيجية «وإن خفية» مع إيران وكيفية وصول «الملالي» إلى الحكم وهي قصة أخرى ليس هنا مكانها! لإضعاف العرب وإسقاط كل أنظمتهم الوطنية في النهاية ولتحسين صورة العدو الصهيوني، باعتباره يشترك في العداء، وإن ظاهريا، مع العرب ضد الإرهاب الإيراني! إلى جانب «آليات وظيفية» كثيرة أخرى، نجحت إيران في تقديمها للأهداف الصهيونية ومن دون منازع! ولهذا فإن الأولوية لدى أمريكا والغرب ليس «الإرهاب الإيراني» ولن يكون وإنما الجعجعة حول الملف النووي، وإيصال رسالة إلى إيران ألا تتمادى في أهدافها على حساب النفوذ الأمريكي والغربي في المنطقة! هم يعتبرون إيران «أداة» وإيران تعتبر نفسها صالحة اليوم لتكون «منافسا» من حيث النفوذ في المنطقة ومن هنا نشأ الصراع الأخير! ‭{‬ الأمر الغريب الذي يوضح لنا أبعاد «اللعبة الحربائية» بين أمريكا وإيران أنه بعد الخروج الأمريكي من الملف النووي تمادت إيران في التحدي! وأنه بعد الصراخ الأمريكي وزيادة جرعة التهديدات الأمريكية لإيران، أخذت الأخيرة راحتها وأعلنت أنها ستزيد «التخصيب النووي» وصولا إلى «القنبلة النووية»! وفي إطار «اللعبة الحربائية» كما نسميها نرى أن الغرب والأمم المتحدة يدعمون الأذرع الإيرانية ومنها الذراع الإيرانية الإرهابية في اليمن، رغم كل ما يرتكبه الحوثي من جرائم وتهديد مباشر حتى للملاحة الدولية والطائرات المسيرة والصواريخ الإيرانية الباليستية، بما يهدد أمن واستقرار الخليج والحلفاء الخليجيين! ونرى في العراق خطوة متطورة خطرة في تنظيم صفوف «الحشد الشيعي» على عين أمريكا ليتحول إلى حرس ثوري بحماية الجيش العراقي! وهو أكبر دعم وحماية للأذرع الإيرانية في العراق! أما بما يخص التمدد الإيراني في سوريا وتغيير التركيبة الديمغرافية عقديا وسياسيا وإنشاء مئات المراكز والحسينيات ومدارس تعليم اللغة الفارسية فحدث ولا حرج! في لبنان ورغم التضييق على مصادر الأموال «لحزب اللات» فإن الحزب هو من يتحكم في الحياة السياسية اللبنانية من دون منافس! والغرب وأمريكا لا يهمهم ذلك! إذن على أرض الواقع ورغم الحرب الكلامية والعقوبات فإن إيران ترسخ نفوذها ولتعلن أن مجالها الاستراتيجي يمتد من اليمن إلى إفريقيا! ‭{‬ قريبا قد نجد أنفسنا أمام مرحلة أخرى هي (إيران نووية، وترسخ النفوذ والهيمنة الإيرانية، ودور جديد للمليشيات التابعة لها التي يراد لها أن تكون حاكمة في كل بلد عربي توجد فيه) وهذا يدور في خلفيته قصة أخرى حول تغيير البنى العقائدية بشكل متسارع في عديد من الدول العربية بشكل مستمر أيضا، وأمريكا والغرب يدركون أبعاد هذه اللعبة ويأخذون وضعية الأعمى والأصم! * حين انتقل نشاط مليشيات «الحشد» العراقية إلى سوريا تم تدشين مرحلة «دور إقليمي» لتلك المليشيات بحماية أمريكية - غربية ظاهرة أو غير ظاهرة! وحين صرحت أمريكا بأن الطائرة المسيّرة التي ضربت أنابيب النفط السعودية (انطلقت من العراق وليس من اليمن) ومر ذلك من دون محاسبة أو عقاب فإن الدور الإقليمي حمل عنوانا لمزيد من التورط والتوسع والتهديد! حين يهدد قادة المليشيات والأذرع الإيرانية دول الخليج فإن ذلك يتم من دون اهتمام أمريكي أو غربي! ولأن ما يحدث على أرض الواقع هو المهم وليس ما يدور في الخطاب أو الحرب الكلامية فإن المهم أيضا هو ألا ينخدع العرب مرة أخرى! فهل من استعداد عربي لمواجهة الأخطار والتهديدات كما هي في الحقيقة، أم أنهم نائمون تحت ظل «اللعبة الحربائية» القائمة لعل وعسى! طالما لا يوجد هناك (رؤية واستراتيجية وقرار وإرادة سياسية أي مشروع مواجهة على المستوى العربي) فإن الحالة صعبة وأسهل الحلول هو القبول بالانخداع كما يبدو!

مشاركة :