داعش يراهن على أشبال أفريقيا لصناعة جيل أكثر تطرفا

  • 7/9/2019
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

كشفت الأمم المتحدة الإثنين عن تجنيد جماعة بوكو حرام -التي بايعت تنظيم داعش- 8 آلاف طفل على الأقل منذ انطلاق حملتها الدامية في 2009 في منطقة بحيرة تشاد وسط أفريقيا. وقال مسؤول المشاريع القومية في مكتب الجريمة والمخدرات التابع للأمم المتحدة، سيلفستر توندى أتيري، إن الأطفال تم تجنيدهم ضمن مجموعات قتالية وغير قتالية. وأضاف أتيري “تجنيد الأطفال واستغلالهم تترتب عليهما آثار طويلة الأمد على حياة الأطفال”. وأشار المسؤول الأممي إلى أن “مسألة إعادة تأهيل هؤلاء الأطفال ودمجهم في المجتمع تشكل تحديا هاما في المرحلة الراهنة، ليس فقط بسبب عددهم، ولكن أيضا بسبب الآثار طويلة الأمد التي خلفتها الصدمة العنيفة التي عاشوها”. واتهمت الأمم المتحدةُ التنظيمَ المرتبط بتنظيم داعش، بالاعتداء الجنسي على فتيات وإرغامهن على الزواج. ونفذت جماعة بوكو حرام النيجيرية هجمات في شمال شرق البلاد منذ 2009 سعيا لإقامة دولة خلافة إسلامية. وقد قتلت هذه الجماعة 30 ألف شخص وتسببت في نزوح مليونين عن ديارهم، حيث انقسمت الجماعة في 2016 وبايع فصيل منها تنظيم الدولة الإسلامية. وقد ركز تنظيم الدولة الإسلامية (ولاية غرب أفريقيا) على مهاجمة القواعد العسكرية في غارات على مدار العام الأخير. وأصبح هذا التنظيم هو الجماعة المسلحة المهيمنة في المنطقة نتيجة لهذه الهجمات. ويتركز نشاط ولاية غرب أفريقيا في منطقة بحيرة تشاد التي تشترك في شواطئها نيجيريا والكاميرون وتشاد والنيجر. ويعلن التنظيم عن عملياته في منطقة بحيرة تشاد من خلال وكالة أنباء أعماق التابعة له. غير أنه ليس من الواضح حجم الدعم الذي يقدمه الويقول خبراء أمنيون كثيرون إن العلاقة بينهما تتركز في الاسم لا في التمويل المباشر والدعم اللوجيستي. ومن الصعب التوصل إلى أرقام دقيقة لكن المحللين يقدرون عدد مقاتلي ولاية غرب أفريقيا بما بين خمسة آلاف وثمانية عشر ألفا. ويحصل التنظيم على الأموال من خلال فرض الضرائب على التجار والمهربين والصيادين في بحيرة تشاد. كما عرض التنظيم حوافز ومغريات مثل البذور. وجاء في تقرير لمجموعة الأزمات الدولية نشر في مايو الماضي أن تنظيم الدولة الإسلامية في غرب أفريقيا “نجح في استمالة بعض الدعم من السكان المحليين عبر تقديم بعض الخدمات، فهو يحفر الآبار ويقمع سرقة المواشي ويقدم حدا أدنى من الخدمات الطبية، ويفرض بعض الرسوم التي تلقى إجمالا قبولا لدى المدنيين”. ورغم أن التنظيم يروّج أنه متماسك وذو قدرة على مواصلة استقطاب المقاتلين وتنفيذ هجماته ضد الدولة المركزية وحلفائها الغربيين في أفريقيا، إلا أن تقارير استخباراتية محلية ودولية تشير إلى وجود اقتتال بين زعمائه. وقال خبراء ومصادر أمنية إنه تمت إزاحة قائد تنظيم الدولة الاسلامية في غرب أفريقيا الفصيل التابع لتنظيم بوكو حرام في شمال شرق نيجيريا، واستبداله بقيادة جديدة، فيما يشهد التنظيم حرب زعامات. ومنذ بداية مارس يروج عبر مواقع التواصل الاجتماعي تسجيل صوتي بلغة الهوسا يعلن أنه تم اختيار “حاكم جديد” ليحل محل أبي مصعب البرناوي نجل مؤسس بوكو حرام الذي كان تنظيم الدولة الإسلامية كرس زعامته في 2016. وقالت القوة المشتركة لمواجهة بوكو حرام في حوض بحيرة تشاد (تشاد والكاميرون والنيجر ونيجيريا) إن “مصادر موثوقا بها أشارت إلى أزمة داخلية أدت إلى تغيير في القيادة”. وجاء في بيان تحدث عن حملات عسكرية واسعة النطاق جارية ضد الجهاديين، أن التنظيم المتشدد في غرب أفريقيا “أعلن إقالة القائد السابق وتعيين أبي عبدالله بن عمر البرناوي” محله. ولقب البرناوي يشير إلى منطقة بورنو شمال شرق نيجيريا معقل التمرد الجهادي الذي أوقع في عشر سنوات أكثر من 27 ألف قتيل وأجبر 1.8 مليون نسمة على النزوح عن ديارهم. وقال يان سانت بيير المحلل في مجال مكافحة الإرهاب ببرلين “يجب توخي الحذر لكن يبدو أنه كان لفترة طويلة، مجرد تابع وعلى هامش الحركة نسبيا”. 8 آلاف طفل على الأقل تم تجنيدهم للقتال بصفوف داعش في غرب أفريقيا وقال خبراء آخرون إنه على الأرجح خطيب مسجد سابق معروف في منطقة باغا التي تضم ميناء صيد استراتيجيا على ضفاف بحيرة تشاد، أما مصير الشاب العشريني أبي مصعب البرناوي فقد عرف اليوم. وبحسب مصدر أمني واسع الاطلاع فهو “بين أيدي القيادة الجديدة”. ويبدو أن قادة التنظيم قدموا من عدة قرى في منطقة بحيرة تشاد في زوارق واجتمعوا في 28 فبراير في كولارام -أحد معسكرات التنظيم- حيث قرروا بالإجماع تغيير القائد. وقال مصدر أمني طلب عدم كشف هويته “كان انقلابا دون إراقة دماء، لقد جعلوه يتنازل عن القيادة ثم حبسوه”. وأضاف “لم يقتلوه حتى لا يؤدي ذلك إلى انشقاقات جديدة في صفوفهم”. والبرناوي ومامان نور مساعده المقرب السابق الأكثر خبرة والذي كان يعتبر القائد الحقيقي لتنظيم الدولة الإسلامية في غرب أفريقيا، كانا ابتعدا في 2015 عن القائد التاريخي لبوكو حرام أبوبكر الشكوي الذي اعتبر وحشيا أكثر من اللازم بحق المدنيين المسلمين ومتخصصا في النهب الجماعي والاعتداءات الانتحارية. وفضل المنشقان عن الشكوي الهجمات على قوات الأمن النيجيرية وكثفا في 2018 الهجمات المدمرة على قواعد عسكرية في شمال شرق البلاد. لكن هذه القيادة “المعتدلة” كانت موضع احتجاج داخلي وتم اغتيال نور في أغسطس 2018 بيد أعضاء أشد تطرفا. وعلى عكس ما حدث خلال انشقاق 2016 حين اعترف تنظيم الدولة الإسلامية بفصيل البرناوي على حساب الشكوي من خلال وسائل دعايته، فإن التغيير الأخير على رأس فرع تنظيم الدولة الإسلامية في غرب أفريقيا لم يثر أي رد فعل من التنظيم. وقد لا تعني الهزيمة العسكرية الكثير لمستقبل تنظيم داعش ووجوده في المدى القريب بالقدر الذي تتهدد هذا الوجود خلافات حادة في أعلى الهيكل التنظيمي على أسس عقائدية ومنهجية، وهي الخلافات الأكثر خطرا، والتي لا يمكن تغافل تداعياتها على جسم التنظيم في قاعدته السفلى التي تمثل عماد ديمومته.

مشاركة :