هروب الشركات الأجنبية يكبد ليبيا 140 مليار دولار

  • 7/9/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

يشكل تجميد العشرات من المشاريع التنموية في ليبيا أحد أبرز الشواهد على الخسائر الكبيرة، التي تكبدتها الدولة النفطية، في ظل الفوضى الأمنية المستمرة منذ الإطاحة بالزعيم معمر القذافي عام 2011. وتجمع الأوساط الاقتصادية على أن استمرار التوتر سيدخل ليبيا في متاهة أكثر تشعبا لا يمكن لأحد توقع نهايتها، لاسيما مع دخول المعارك بين الجيش الوطني الليبي والميليشيات المسيطرة على العاصمة طرابلس شهرها الرابع. ويرى الليبيون بينما يتنقلون في مدنهم العديد من المشاريع المتوقفة، في الوقت الذي لا توجد فيه أحاديث صريحة من أي جهة رسمية حول موعد استئنافها. ووسط غياب أرقام دولية دقيقة، يشكك كثيرون في بيانات حكومة الوفاق الوطني، المعترف بها دوليا، حول تكاليف مشاريع البنية التحتية المتوقفة منذ العام 2011. وكان وزير الاقتصاد بحكومة الوفاق علي العيساوي، قد قال خلال مؤتمر صحافي في طرابلس الأسبوع الماضي، إن “قرابة 14 ألف مشروع تتجاوز قيمتها حوالي 140 مليار دولار متوقفة منذ بداية الأزمة الليبية”. 80 شركة من بين 800 شركة أجنبية حصلت على تعويضات وعادت بالفعل للعمل وأشار حينها إلى خطط لطرح حوالي 30 مشروعا استثماريا جديدا خلال الفترة المقبلة وذلك بعد الانتهاء من الإجراءات الإدارية والمالية والتشريعات الخاصة، لكنه لم يقدم أي تفاصيل حولها أو مدى مشاركة الشركات الأجنبية فيها. وتؤكد مصادر ليبية مطلعة أن نسبة مختلف مشاريع الإسكان والبنية التحتية المتوقفة بسبب مغادرة الشركات الأجنبية للبلاد منذ اندلاع الحرب تصل إلى 80 بالمئة. وتشير تقديرات الخبراء إلى أن حجم الاستثمارات المتوقفة في قطاع العقارات ومشاريع البنية التحتية وحدهما فقط يبلغ نحو 80 مليار دولار. وأكدوا أن الأرقام ربما تفوق ذلك بكثير. ونسبت الصحافة المحلية إلى رئيس لجنة إدارة جهاز تنفيذ مشاريع الإسكان والمرافق محمود عجاج قوله في وقت سابق هذا العام إن “ليبيا في حاجة إلى 550 ألف وحدة سكنية لتغطية العجز العقاري”. وأوضح أن المشاريع المتوقفة تقدر بنحو 250 ألف وحدة سكنية، 90 بالمئة منها توقفت بشكل كامل منذ بداية الأزمة في عام 2011. ويستحوذ قطاع الإسكان والمرافق على النصيب الأوفر من مشاريع التنمية، التي خصصت لها السلطات في طرابلس العام الماضي نحو 63 مليار دولار لاستكمالها. وتقول وزارة الإسكان والمرافق إن السبب الجوهري لعدم عودة الشركات الأجنبية حتى اليوم هو الظروف الأمنية السيئة، التي تقف حائلا أمام نشاطها لاسيما في المنطقتين الجنوبية والشرقية. وتعرضت عدة مشاريع إلى عمليات تخريب من الجماعات المسلحة التي تريد فرض سيطرتها على المناطق التي دخلتها بالقوة. ويحمل خبراء المجلس الرئاسي بقيادة فايز السراج المسؤولية الكاملة عن عدم الإسراع بمعالجة أمور تتعلق بصرف أموال لتعويض الشركات نتيجة سرقة الميليشيات المتناحرة معداتها خلال السنوات الماضية. وعند تولي المجلس السلطة في عام 2012، تم تشكيل لجنة تضم مسؤولين وخبراء في القطاع لتحديد تعويضات الشركات الأجنبية، التي تضررت أعمالها بسبب الحرب، لكن لا توجد معطيات رسمية حول ما إذا كانت أوفت بتعهداتها. وليس التوقف وحده ما يسبب إرهاقا للدولة الليبية، بل رفعت عدة شركات قضايا بسبب الخسائر التي لحقت بها، نتيجة تأخير مشاريعها وتعطيل معداتها، الأمر الذي يكلف الخزينة العامة أيضا العديد من الخسائر.وتظهر آخر بيانات تم نشرها في ديسمبر الماضي أن 80 شركة فقط من بين حوالي 800 شركة أجنبية كانت تعمل في ليبيا قبل اندلاع الأزمة، حصلت على تعويضات وعادت بالفعل للعمل، أغلبها موجودة في المنطقة الشرقية. ولا تزال الدولة العضو في منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) تواجه صعوبات في إنعاش الاقتصاد مع الشح الكبير في السيولة النقدية نتيجة تذبذب عوائد صادرات الخام، ما تسبب في حالة من الفوضى بين الليبيين. وفاقمت الخلافات بين السلطات في شرق البلاد وغربها أزمات الليبيين، الذين تراجعت قدرتهم الشرائية في ظل تدهور قيمة الدينار، واقتربت حالة الإحباط لديهم من الانفجار بسبب تقاطع الأجندات التي لا تخدم مصالحهم. وأعلن البنك الدولي في فبراير الماضي عن خارطة طريق تمتد لثلاث سنوات لإنقاذ الاقتصاد الليبي تشمل كافة محركات النمو، في محاولة لتجاوز عقبات تراجع الإيرادات النفطية في السنوات الأخيرة. كما أبدت مؤسسة التمويل الدولية استعدادها لتقديم خدمات استشارية لدعم إعداد شراكات بين القطاعين العام والخاص وتوفير مصادر التمويل لمنشآت الأعمال الصغيرة والمتوسطة، وخدمات الدعم لمؤسسات الأعمال. ورغم كون ليبيا من الدول النفطية فإن اقتصادها يعد الأفقر بين منتجي الخام داخل منظمة أوبك، وفق ما تشير إليه أحدث التقارير الدولية، الأمر الذي يتطلب البحث عن مصادر تمويل بديلة تكون آمنة ومستدامة. وتعاني البلاد من ازدهار السوق السوداء، التي تنشط بوتيرة كبيرة في المناطق التي تكون غير خاضعة للسلطة، فضلا عن تهريب الوقود والسلع المنتهية الصلاحية. وتشير التقديرات الرسمية إلى أن نحو 72 مليار دولار من احتياطات البنك المركزي بالعملة الصعبة تبخرت، بعدما كانت عند مستوى 130 مليار دولار قبل الأزمة.

مشاركة :