التغير المناخي والطاقة والبيئية هو عنوان الجلسة التي ألقى فيها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان كلمته في قمة قادة دول مجموعة العشرين قبل أيام. شملت كلمته محاور رئيسية عدة، من ضمنها دعم الابتكار والاختراع في مجال الطاقة. الاختراع هو الوصول لشيء إبداعي جديد يخدم الإنسان بطريقة مباشرة أو غير مباشرة. والجامعات من الجهات التي تنتج الاختراعات ذات القيمة الشرائية العالية بشكل مستمر، وتهتم الجامعات الغربية بالاستثمار في اختراعاتها بخطوات عدة، تتضمن حمايتها بالحصول على براءة اختراع. في حقيقة الأمر ما زالت جامعاتنا تحتاج لكثير من العمل كي تصل لمستوى الجامعات العالمية التي تسهم في النهضة المحلية والعالمية عبر اختراعاتها. هذا لا يعني أن الجامعات الغربية أفضل منا، بقدر ما أنها قد تكون بدأت قبلنا في التركيز على الاختراعات والابتكارات. أجد أن وضعنا الحالي جيد من حيث إنه بالإمكان أن نتعلم من تجارب تلك الجامعات مع مراعاة أمور عدة، مثل ثقافة التجار المحليين والطلب المحلي لهذه التقنيات، على افتراض أن الشريحة المستهدفة هي السوق المحلية فقط. وحتى تكون البداية صحيحة يتطلب من الجامعات مراعاة الأمور التالية: ريادة أعمال حقيقية: من تجربتي في تدريب أعضاء هيئة التدريس في الجامعات على براءات الاختراع، وجدت أنهم في حقيقة الأمر مبدعون أكاديميا وعلميا. ولاحظت أيضا أن كثيرا منهم على درجة عالية من الإنتاجية الرائعة للبحثي العلمي. ولكن مع الأسف كثير من تلك الأبحاث والاختراعات لم تر النور في الأسواق لأسباب عدة، قد يكون أهمها قلة وعي الباحث والمخترع بأساسيات ريادة الأعمال كي يصل إلى الاحتياج الحقيقي لطلب ورغبة السوق والمستهلك. قد تكون هذه مهمة الباحثين والمخترعين أو جهات داخلية في الجامعات تقدم لهم هذا الدعم. التعاون مع القطاعات العامة والخاصة: هذه معضلة كثير من منسوبي الجامعات، فالتعاون مع القطاعات العامة والخاصة غالبا ما يكون مبنيا على العلاقات الشخصية التي تربط منسوبي الجامعات بمن هم خارجها. هذه الإشكالية عالمية ويعاني منها معظم منسوبي الجامعات، بمن فيهم منسوبو أرقى الجامعات. الفرق هنا أن الجامعات العالمية استطاعت أن تكسب ثقة تلك القطاعات وأن تكون في قائمة المراجع الاستشارية لها. لم تغلق جامعاتنا الأبواب أمام تلك القطاعات ولكن قد تحتاج لطرق ممنهجة أكثر كي توفق بين منسوبيها والقطاعات الخارجية بكفاءة أفضل. المستثمرون متعطشون للدخول في استثمارات ناجحة مبنية على الابتكار، لكن قد يكون جسر الربط بينهم بحاجة لأن يكون أكثر صلابة. جاهزية البنية التحتية: الجامعات هي الداعم الأكبر للنهضة، وهي بحاجة لأن تكون جاهزة لهذا التحدي. إقبال المملكة على الصناعة يفرض على الجامعات أن توائم مناهجها الأكاديمية مع متطلبات سوق العمل. كما أن البحث العلمي يحتاج لطلاب دراسات عليا متفرغين ومعامل مجهزة بالتقنيات المناسبة وأكاديميين يملكون المعرفة الحديثة والخبرة العملية الكبيرة. وهذه تعد فرصة ممتازة للتعاون مع الجامعات العالمية والاستفادة من خبراتها في نقل المعرفة ومن ثم نقل التقنية. إن المملكة العربية السعودية تملك موارد طبيعية وبشرية ممتازة تحتاج إلى التوجيه السليم لتتم الاستفادة منها على أكمل وجه، إذا ما تم اختيار الفرق المناسبة لقيادة مسيرة الإبداع والابتكار.
مشاركة :