يعتقدون أنهم يسيئون لنا عندما يعيروننا ببداوتنا .. هم يجهلون أنفسهم فكيف بهم أن يفقهوا أو يدركوا أن البداوة تحمل كل تلك الخصال والمشاعر التي لا يمكن أن تحملها ذواتهم أو تحيط بمعانيها عقولهم المغلفة ومشاعرهم التي جبلت على أن تكون المادة هي وقودهم المحرك. هم يعلمون بأننا نفتخر بما يعتقدون أنه يسيئ لنا، لكنهم لا يجدون مدخلا علينا غير وصمنا بصفات تنقصهم ولا يمكنهم الاتيان بأقل قدر منها .. صفة البداوة التي لا يعرفون إلا ظاهرها من الخشونة والصلابة والقسوة التي تميز الرجال عن سواهم. البداوة التي يعتقدون أنها عيبنا من وجهة نظرهم، بينما هي فخرنا الذي نباهي به، ونعمل على أن نواصل تأصيلها في أبنائنا كما ورثناها من أجدادنا. البداوة في شكلها الذي يخيفهم (ويقرفهم ) وفي مضمونها الذي يميزنا ونتباهى به هي الشهامة والنخوة والكرم وإغاثة الملهوف والصدق في القول والعمل والوفاء والتضحية بالروح والمال من أجل حفظ العهود والمواثيق. البداوة .. تعلمناها من صحرائنا وجبالنا وسهولنا التي نعشقها حد الجنون .. تلك البداوة التي علمتنا أن نتكيف مع كل الفصول ونتطور بما نتعلمه ونتجاوز كل الصعاب ونتجاوز كل التضاريس في سبيل ان نكون ونتغاضى عن إساءة القريب ونعرض عن الجهلاء احتراما وتقديرا للعقلاء. إذا نحن نقر ونعترف ونباهي ببداوتنا التي تغيظ الأبواق التى تتجاهل كل الحقائق، لأننا بها تجاوزنا كل الآفاق المعرفية والخطوط الوهمية التي مازالت تعيقهم، ولأن نظرتنا شاملة ورؤاهم محدودة. البداوة يا سادة يا كرام هي التي جعلتنا نبذل، ونعطي بلا حدود، ونتغاضى عن كل إساءة فقط، لأننا مازلنا - نحن البدو - في زمن قلت فيه الأصالة، ولا نعطي أو نهتم أو نحسب أي حساب لكل من لا يعرف الأصول.
مشاركة :