"ثلاثون دقيقة بعد منتصف الليل"

  • 7/11/2019
  • 00:00
  • 12
  • 0
  • 0
news-picture

العنوان أعلاه هو لفيلم أميركي يروي القصة الحقيقية لعملية مطاردة أسامة ابن لادن بقيادة امرأة من الاستخبارات الأميركية اسمها مايا، اكتشفت مكانه ليقوم جنود من نخبة القوات البحرية بالعملية ويقتلونه في مداهمة لمقر إقامته. كعادة الأميركيين حينما ينتجون فيلماً نقلاً عن أحداث حقيقية، فإنهم لا ينسون أن يضخوا كماً وافراً من "البهارات" الهوليودية، إلى درجة يختلط فيها الواقع مع الخيال والحابل بالنابل. ربما نكتشف بعد 20 أو 50 عاماً، أو يكتشف أحفادنا، أن جزءاً كبيراً من الفيلم مجرد خيالات في خيالات، وأن ما حدث لابن لادن شيء آخر. تبدأ مقدمة الفيلم بمحادثات بين ركاب الطائرات وهم يخاطبون ذويهم (أصوات الضحايا الفعليين) ويتحدثون فيها عن تعرضهم للخطف بنوع من الوداع. هذا المشهد مؤلم في الواقع، فهو يسبب من دون شك ثورة عارمة في نفس كل مواطن أميركي، رجلا كان أم امرأة، فهو أثر فينا نحن، بينما معظم المنفذين سعوديون فما بالك بهم وهم الضحايا؟ بعد تفجيرات مانهاتن قررت الاستخبارات الأميركية أن تطارد أسامة ابن لادن مهما كلف الأمر. وفعلاً استطاعت بعد عشر سنوات من اكتشاف مكانه في مدينة أبوت أباد الباكستانية. يحلو كما أسلفنا لمخرجي هوليود أن يبالغوا في إمكانات جنودهم، وتصويرهم أنهم أذكياء ومقاتلين أكفاء وما إلى ذلك، لكنهم ينكشفون أحيانا في بعض اللقطات التي توضح الجهل الأميركي ببعض القوانين أو العادات في دول خارج أميركا. على سبيل المثال، كان الأميركيون يبحثون عن شخص كويتي يدعى أبو أحمد، وهو وسيط بين ابن لادن والعالم الخارجي، ولعلمهم بأنه خارج الكويت فهم يريدون هاتف عائلته أو بالأصح والدته في الكويت التي يتواصل معها لكي يراقبون هاتفها، ومنها سيتوصلون بواسطة أجهزة الرصد لاكتشاف موقعه. ووفقاً للفيلم، جنّدوا مواطناً كويتياً ورشوه بسيارة فخمة جداً مقابل أن يحضر لهم الرقم، وإلى الآن لا أفهم لما لم يلجأوا إلى الحكومة الكويتية بدلاً من اللجوء إلى مواطن كويتي؟ النقطة الأخرى أنه عندما تقابل رجل الاستخبارات مع هذا الكويتي، قابله في مكان عام لشرب الكحول، والكل يعرف أن الكويت تمنع المشروبات الكحولية! موقف ملفت في الفيلم أيضاً، هو أن رجال الاستخبارات الأميركية، وهم يطاردون أبو أحمد، الوسيط في باكستان، صادفوا شبّاناً أرادوا إعاقتهم، فتحدث الوسيط معهم باللغة العربية، بينما كان من الطبيعي أن يجري الحديث إما بالإنكليزية (اللغة العالمية) أو بالأوردو أو غيرها من اللهجات الباكستانية. من جهة أخرى، تجاهل الفيلم دور طبيب باكستاني ساعد في العملية، وسبق أن صرح وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا آنذاك في مقابلة تلفزيونية، قائلاً إنه يشعر بالقلق على مصير طبيب باكستاني ساعد الولايات المتحدة في العثور على أسامة ابن لادن ومتهم بالخيانة في بلده. وذكر في المقابلة التي أجريت في برنامج "60 دقيقة" على قناة "سي بي إس نيوز" التلفزيونية أن هذا الطبيب الذي يدعى شيكال افريدي وأوقف في باكستان، كان في الواقع يعمل لحساب الاستخبارات الأميركية تحت غطاء إجراء تحقيقات حول الوضع الصحي في أبوت أباد، قال بانيتا في المقابلة ذاتها أن هذا الطبيب لم يرتكب أي خيانة لبلده. وأضاف أن باكستان والولايات المتحدة تتبنيان قضية مشتركة هي مكافحة الإرهاب. وأعتقد أن اتخاذ إجراءات كهذه ضد رجل كان يساعد على مكافحة الإرهاب من جانب الباكستانيين خطأ حقيقي. المثير للسخرية، هو دفاع بانيتا عن الطبيب الباكستاني وأنه لا يخون بلده، بينما ما قام به الطبيب لا يختلف حوله اثنان على عمالته للأميركيين، وكان الأحرى به أن يبلغ السلطات الباكستانية وهم يعرفون كيفية التصرف. في الوقت ذاته، يقول بانيتا أن الأميركيين والباكستانيين يتبنون قضية مشتركة هي مكافحة الإرهاب، بينما الأميركيين لم يبلغوا الباكستانيين بالعملية إلا بعد تنفيذها. يبقى السؤال المهم وهو: لماذا قتل الأميركيون ابن لادن وهو غير مسلح، بينما كان لاعتقاله والتحقيق معه أن يكشف أمورا كثيرة عن "القاعدة" وتواجدها وزعمائها ومصادرها؟ أولعل الأميريكيين يرون في بقائه حياً ما يفضح أدوارهم؟ من يعلم؟ ربما، فكل شيء جائز لدى الاستخبارات الأميركية. @abofares1

مشاركة :