استنشق المؤسس الشريك والمدير التنفيذي لشركة “ميمفيس ميتس” المنتجة للحوم البديلة، أوما فاليتي، رائحة الدجاج المقلي على شوكته قبل أن يتذوقه. كان يمضغ ببطء ليركز على المذاق، ثم قال “طعم دجاجنا مثل الدجاج العادي… عليك أن تتذوقه حتى تصدقني”. لم يكن فاليتي يتذوق لحم دجاج عادي، إذ لم يستخرج من دجاج حي بل أنتج في المختبر عبر استخراج الخلايا من الدجاج وتشبيعها بالمغذيات حتى نمت إلى لحم. تعد شركة “ميمفيس ميتس”، التي يقع مقرها في إيمريفيل بكاليفورنيا، واحدة من الشركات الناشئة التي انتشرت في جميع أنحاء العالم وتختص في مجال تصنيع اللحوم المتحصل عليها من الخلايا أو المستنبتة. تريد هذه الشركات تقديم بديل لشركات بيع اللحوم التقليدية، التي يقولون إنها تضر بالبيئة وتتسبب في أضرار غير ضرورية للحيوانات. لكن، تبقى أعمال الشركات الناشئة بعيدة عن الممارسات السائدة وتواجه رفض الشركات القائمة على استغلال الثروة الحيوانية. قال فاليتي، الذي كان طبيبا مختصا في أمراض القلب قبل أن يشارك في تأسيس “ميمفيس ميتس” سنة 2015 عندما شهد قوة الخلايا الجذعية في علاج الأمراض، إن البشر سيستمرون في اختيار تناول اللحوم لأجيال عديدة قادمة دون إضرار الكوكب. وقد جذبت الشركة، التي أنتجت لحوم البقر والبط من الخلايا، استثمارات من عمالقة الأغذية مثل “شركة تايسون للأطعمة”. كما استقطبت مؤسس شركة مايكروسوفت بيل غيتس، ومؤسس مجموعة فيرجين غروب ريتشارد برانسون. أصدرت مؤسسة “أي.تي.كيرني للاستشارات” تقريرا سلط الضوء على هذه الصناعات في شهر يونيو. ويقدر التقرير أنّ 35 بالمئة من مجموع اللحوم سيتم استزراعها بحلول سنة 2040، في حين أن البدائل النباتية ستمثل 25 بالمئة من اللحوم المستهلكة في جميع أنحاء العالم. 35 بالمائة من اللحوم ستستزرع بحلول سنة 2040، بينما ستمثل البدائل النباتية 25 بالمائة يقول التقرير “ينظر الكثير إلى الصناعة الحيوانية باعتبارها شرا لا لزوم له، وخاصة مع توفر بدائل اللحوم النباتية الجديدة واللحوم المستزرعة. بمرور الوقت، ستحظى بدائل اللحوم بنصيب كبير في السوق”. لكن، يجب أن تتغلب اللحوم المستنبتة على التحديات الكبيرة بما في ذلك خفض تكلفة الإنتاج الباهظة، وإظهار أنها آمنة للمستهلكين، وجعلها مغرية. وقال ريكاردو سان مارتن، وهو مدير الأبحاث في برنامج اللحوم البديلة بجامعة كاليفورنيا في بركلي، “مازلنا بعيدين عن التجارة لأن هناك العديد من العقبات التي يتعين علينا معالجتها. ولا نعرف حتى ما إذا كان المستهلكون سيشترون منتجاتنا”. مع تزايد الطلب العالمي على اللحوم، يقول المؤيدون إن البروتين المستخرج من الخلايا يعد أكثر استدامة من ذلك المستخرج من اللحوم التقليدية لأنه لا يحتاج إلى الأرض والمياه والمحاصيل اللازمة لتربية الماشية. كما تعتبر مزارع الحيوانات مصدرا رئيسيا لانبعاثات الغازات الدفيئة. قال برايان سبيرز، الذي أسس شركة “نيو إيدج ميتس” الناشئة في سان فرانسيسكو والمنافسة لشركة “ميمفيس ميتس”، إن العديد من المستهلكين يرغبون في تناول اللحوم التي لا تتطلب قتل الحيوانات. وتابع سبيرز “يريد الناس استهلاك اللحوم دون ذبح الحيوانات. لذلك، نصنع لهم اللحوم. ونعلم أن هناك سوقا ضخمة من المستهلكين في انتظارنا”. تصنع فينلاس فودز، وهي شركة ناشئة أخرى في إيمريفيل، الأسماك وغلال البحر المستزرعة. فهي تنتج سمك السلمون وسمك الكارب وسمك القاروس من الخلايا. وتعمل على تطبيق العملية على سمكة التونة زرقاء الزعانف، وهي من الأنواع التي تتعرض للصيد المفرط وتحتوي على مستويات عالية من الزئبق. وقد دعت الشركة الضيوف إلى تذوق كعكات السمك التي طبخت بمنتجاتها. وقال مدير الشركة التنفيذي، مايكل سيلدن، “يعتبر المحيط نظاما بيئيا هشا، ونحن نقوده إلى حافة الانهيار. عبر نقل الاستهلاك البشري للمأكولات البحرية من المحيط إلى البر بهذه الطريقة الأنظف، يمكننا أن نحقق بيئة أفضل للجميع”. يجب أن تتغلب اللحوم المستنبتة على التحديات الكبيرة بما في ذلك خفض تكلفة الإنتاج الباهظة، وإظهار أنها آمنة للمستهلكين، وجعلها مغرية اقتربت الصناعة الناشئة من السوق في شهر مارس عندما أعلنت وزارة الزراعة الأميركية وإدارة الغذاء والدواء عن خطط للإشراف على إنتاج اللحوم من الخلايا. وقال جايدن هانسون، الذي يشغل منصب مدير السياسات العامة في مركز سلامة الغذاء غير الربحي، إن المركز سيعمل على التأكد من أن الوكالات توفر رقابة صارمة تحمي الناس من مخاطر التلوث الجرثومي والتهديدات الصحية الأخرى. وشدد على أهمية المراقبة، مضيفا “هل ستحل هذه الصناعة حقا المشكلات البيئية ومشكلة الإضرار بالحيوان؟ يجب أن يكون هذا جزءا من المراجعة”. كما أشار إلى أن شركات اللحوم المستنبتة تستخدم خلايا معدلة وراثيا، مما يضعها في مواجهة المستهلكين والمنظمين الحكوميين. وتواجه هذه الشركات كذلك مقاومة من منتجي الثروة الحيوانية في الولايات المتحدة. ويضغط هؤلاء على الجهات المسؤولة لتقييد تسمية “اللحوم” على المنتجات الغذائية المستمدة من الحيوانات المذبوحة. كما يثيرون تساؤلات حول سلامة اللحوم المستزرعة وتكلفتها وتأثيرها البيئي. وقال إريك ميتينثال، وهو نائب مدير شؤون الاستدامة في معهد أميركا للحوم، إن هناك عددا من النقاط الغامضة في تصنيع هذه المنتجات القائمة على الخلايا. كما ذكّر بأن الشركات لا تعرف حتما ما إذا كان المستهلكون سيقبلون على منتجاتها، وما إذا كانوا قادرين على تحمل تكلفتها. عبّر فاليتي عن رغبته في المساعدة في تثقيف الناس حول فوائد اللحوم التي تصنع من الخلايا وفتح منشأة تظهر لهم كيفية التصنيع. وتركز الشركة على خفض تكلفة اللحوم المستزرعة وإنتاج كميات أكبر. وقال فاليتي إن شركته نجحت في تخفيض ثمن صحن دجاج كانت تكلفة إنتاجه تصل إلى عشرات الآلاف من الدولارات. حيث يمكن تصنيعه الآن بأقل من 100 دولار. تأمل شركة “ميمفيس ميتس” في بيع اللحوم التي تصنع من الخلايا في غضون العامين المقبلين، في المطاعم أولا ثم المتاجر. ويمكن أن تحقق ذلك بعد الخضوع لمراقبة وزارة الزراعة الأميركية وإدارة الغذاء والدواء وموافقتهما. قال فاليتي “نحن نحافظ على خيار تناول اللحوم بدلا من أمر المستهلكين بالتوقف عن الممارسات المدمرة للبيئة والمضرة بالحيوانات. نحن نسمح لهم بالاستمرار في تناول اللحوم التي يحبونها”.
مشاركة :