شكل تراجع معدل التضخم السنوي لأسعار المستهلكين للمرة الأولى منذ شهر مارس 2016 مفاجأة للأوساط الاقتصادية المصرية. وأظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أمس أن التضخم هبط إلى 9.4 بالمئة في يونيو الماضي، مقارنة مع حوالي 14.1 بالمئة في الشهر السابق. وانكمشت أسعار المستهلكين في المدن المصرية بنسبة 0.8 بالمئة في يونيو، مقابل تضخم بلغت نسبته نحو 1.1 بالمئة في مايو. وأرجع الجهاز المركزي للإحصاء ذلك الهبوط إلى انخفاض مجموعة الخضروات بنسبة عشرة بالمئة ومجموعة اللحوم والدواجن بنسبة 1.2 بالمئة. ونسبت وكالة رويترز إلى محللة الاقتصاد المصري ببنك الاستثمار شعاع كابيتال إسراء أحمد قولها إن “الأرقام جاءت أقل من المتوقع بكثير… كنا نتوقع تراجعا إلى ما يقرب من 12 بالمئة وليس الوصول إلى رقم في خانة الآحاد”. وأضافت “شهر المقارنة في يونيو 2018 كان محملا بأعباء انخفاض فاتورة دعم المواد البترولية وشهر مايو من هذا العام شهد ارتفاعا كبيرا في سلة الخضروات بسبب الليمون، ولذا كان الانخفاض الحاد الذي حدث في يونيو”. وعادة ما تشهد أسعار الخضروات والفاكهة في مصر زيادات متواصلة خلال السنوات الأخيرة، وهو ما دفع وزارة الداخلية والجيش إلى طرح بعض السلع الغذائية للمواطنين بأسعار أقل من سعر السوق في محاولة لتخفيف المعاناة عن كاهلهم.وقال البنك المركزي المصري إن معدل التضخم الأساسي تراجع إلى 6.4 بالمئة على أساس سنوي في يونيو من 7.8 بالمئة في مايو. ولا يتضمن التضخم الأساسي سلعا مثل الفواكه والخضروات بسبب التقلبات الحادة في أسعارها. ومن المنتظر أن تظهر آثار خفض دعم المواد البترولية الذي نفذته الحكومة منذ أيام قليلة على كافة السلع والخدمات وستنعكس على أرقام التضخم الخاصة بشهر يوليو والتي ستُعلن الشهر المقبل. وهذه الزيادة في أسعار الطاقة هي الرابعة، التي تشهدها مصر منذ إطلاق الحكومة برنامج إصلاح اقتصادي يحظى بدعم من صندوق النقد الدولي في نوفمبر من عام 2016. وشملت الإصلاحات تعويم الجنيه، ما تسبب في انخفاض قيمة العملة المحلية وخفف حدة نقص الدولار، لكنه أذكى التضخم أيضا في السنوات الموالية. ومن المتوقع أن يكون لرفع أسعار الوقود، بنسب تتراوح بين 16 إلى 30 بالمئة، أثر على الاقتصاد، ابتداء من المواد الغذائية إلى النقل. ويشكو المصريون، الذين يعيش الملايين منهم تحت خط الفقر، من صعوبات في تلبية الحاجات الأساسية بعد قفزات متتالية في أسعار الوقود والدواء والمواصلات. ونفذت مصر سلسلة من إجراءات التقشف الصارمة التزاما بشروط برنامج قرض حجمه 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولي كانت وقعته في أواخر 2016. وتضمن البرنامج زيادة الضرائب وإجراء تخفيضات كبيرة في دعم الطاقة. ورغم أن معدل التباطؤ كان مفاجئا للكثير من الخبراء الاقتصاديين، فإن المخاوف من الأثر التضخمي المحتمل لخفض دعم الوقود قد تجعل المركزي يتريث قبل استئناف دورة من خفض الفائدة. وقالت إسراء “لا أتوقع أن تؤثر أرقام التضخم على قرار المركزي غدا (اليوم الخميس) بشأن الفائدة.. أتوقع أن يثبت أسعار الفائدة”. وأظهر استطلاع للرأي أجرته رويترز الثلاثاء الماضي أن من المرجح أن يُبقي المركزي على أسعار الفائدة دون تغيير في اجتماعه اليوم الخميس. وقال 14 من بين 15 خبيرا اقتصاديا استطلعت رويترز آراءهم إن من المستبعد أن تغير لجنة السياسة النقدية بالبنك أسعار الفائدة لأجل ليلة واحدة، ليبقى سعر فائدة الإيداع عند 15.75 بالمئة وسعر فائدة الإقراض عند 16.75 بالمئة. وقالت إسراء “أتوقع أن يعاود التضخم الارتفاع في أرقام شهر يوليو إلى 12.5 أو 13 بالمئة نتيجة لتحريك أسعار الوقود”. ونقلت وكالة بلومبرغ الأميركية للأنباء الاقتصادية عن الخبير الاقتصادي المتخصص في الأسواق الناشئة في مؤسسة كابيتال إيكونوميكس بلندن جيسون توفي قوله في تقرير إن “تراجع التضخم، مقرونا بتوسع التوجه غير المحبذ لرفع أسعار الفائدة بين البنوك المركزية حول العالم، يزيد من احتمالات خفض أسعار الفائدة في مصر”. واستطرد بالقول “إلا أننا نعتقد أن المركزي المصري يريد أولا تقييم أثر الزيادات التي دخلت على أسعار الكهرباء والوقود خلال الشهر الجاري”.
مشاركة :