أكد خبراء سعوديون متخصصون في قطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة، أن نشاطاً نوعياً يجري حالياً في المملكة، لدعم هذه المشاريع، وبحث السبل الممكنة لتجاوز الصعوبات والعقبات التي قد تواجهها، في سبيل زيادة إسهامها في الناتج المحلي، وتحسين البيئة الاقتصادية لبيئة الأعمال، لتحقيق الأهداف التي تسعى الدولة إلى تحقيقها. وأضاء الخبراء على الدور الحيوي للمنشآت الصغيرة والمتوسطة في التحول الاقتصادي، وتنويع مصادر الدخل، وتوسيع القاعدة الإنتاجية في المملكة، بما يتواءم مع روح رؤية 2030. جاء ذلك خلال ندوة نظمتها مجلة «الرجل» في الرياض بعنوان: “رؤية 2030 وفرص تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة”، بالتعاون مع الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة (منشآت) وبرنامج كفالة. التي أدارها الزميل سعد السبيعي. كما أكد المتحدثون على أهمية المبادرات والبرامج والمشاريع التي تقدمها «منشآت»، وبرنامج “كفالة”، والبنوك وشركات التمويل، لدعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة، مشددين على أهمية وضع خريطة طريق، لتعزيز قدرة هذه الفئة من المشاريع وتمكينها، وتشجيع رواد الأعمال ودعم مبادراتهم ومشاريعهم وتلبية احتياجاتهم التمويلية، بما يتوافق مع خطة التحول الوطني 2020 ورؤية المملكة 2030، ليشارك هذا القطاع بفاعلية، في رفع نسبة إسهام المنشآت في الناتج المحلي من 20 % إلى 35 % بحلول عام 2030، فضلاً عن القضاء على مشكلات الفقر والبطالة في المجتمع السعودي، عبر توفير عدد أكبر من الوظائف. بينما رأى رئيس تحرير مجلة «الرجل» محمد فهد الحارثي، أن “مجلة الرجل تنظّم دورياً هذه الندوات، وتجمع تحت سقف واحد ثلة من الخبراء والمتخصصين في مجال معين، لتحفز العقول وتستثير الأفكار، وتخرج بعد كل ندوة بخلاصة قد تضيف إلى أهل القطاع الذي ناقشته الندوة”. وفيما يخص ندوة المشاريع الصغيرة أشار الحارثي، إلى أن دورها لا يقل أهمية عن دور كثير من القطاعات الحيوية التي ترفد الاقتصاد، وهو ما اعتمدت عليه كثير من الدول، للنهوض وتحفيز عجلة النمو. وهذه الندوة حالة رصدية لواقع هذه المشاريع، وما تمتلكه من فرص أمام التحول الاقتصادي الكبير في البلاد، مع الأفق الكبير الذي رسمته رؤية 2030″. العريفي: “منشآت” أطلقت مبادرات وبرامج جديدة لحلول تمويلية لدعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة بينما أكد المدير العام لتخطيط ريادة الأعمال بهيئة “منشآت” الأستاذ محمد العريفي، الدور الكبير الذي تضطلع به المنشآت الصغيرة والمتوسطة في تطوير الاقتصاد الوطني، حيث تُناط بها مهام استراتيجية وذات ارتكاز عالٍ في تحقيق الرؤى الداعمة، لتنشيط اقتصاد المملكة، وتنويع مصادر الدخل؛ لارتباط هذا القطاع برؤية المملكة 2030 التي يناط تنفيذها بالهيئة. وأشار إلى أن “منشآت” أطلقت مجموعة من المبادرات والبرامج الجديدة الهادفة إلى توفير حلول تمويلية لدعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة، ولدى الهيئة برنامج طموح تشارك فيه 500 شركة صغيرة ومتوسطة، بعضها دخل سوق نمو – السوق الموازية ويمثل 1 % منه. وأن الهيئة تدرس حالياً تأسيس بنك مختص لتمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وهو ما سيشكل نقلة نوعية في التمويل وسيكون هدفه مكملاً للبنوك، ولكننا بانتظار موافقة الجهات المختصة. الردهان: المؤسسات المالية وشركات التمويل منظومة دعم متكاملة فيما تحدث مدير إدارة شركات التمويل في “منشآت” الأستاذ بدر الردهان، عن دور المؤسسات المالية وشركات التمويل والبنوك في دعم تلك المنشآت، إذ تشكل منظومة متكاملة جنباً إلى جنب المنشآت الكبرى، التي تخدم قطاع المال والأعمال في المملكة. وقال إننا في الهيئة نعمل على توفير حلول مختلفة مع برنامج “كفالة”، لتسهيل الضمانات المطلوبة من أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة، لأن معدل الإقراض وصل الآن إلى 5 %، ونستهدف الوصول إلى نسبة 20 % في 2030 بالتعاون مع البنوك. وأوضح أنه لا تزال هناك فجوة تمويلية لم تغطّ، لدعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وهذا سيكون دور البنك الذي ندرس إنشاءه قريباً. مؤكداً أن الهيئة تسعى جاهدة لخفض الأعباء المالية على المنشآت الصغيرة والمتوسطة، التي يقع عليها دور كبير في زيادة إجمالي الناتج المحلي، وخفض نسبة البطالة والفقر. مشيراً إلى مبادرة استرداد مبالغ الرسوم الحكومية التي أطلقتها “منشآت” وهدفها تشجيع المنشآت الصغيرة والمتوسطة الجديدة والناشئة على دخول السوق، ودعمها لتحقيق النمو خلال السنوات الأولى من العمل، وهي المدة التي تشكل تحدياً معتاداً. مبينا أن ميزانية المبادرة بلغت 7 مليارات ريـال، واستفادت منها 13 ألف منشأة. المطوع: كفالات برنامج “كفالة” منذ إنشائه 7 مليارات استفادت منها 7 آلاف منشأة أما محلل الائتمان الأول ببرنامج كفالة، الأستاذ فارس بن خالد المطوع، فأوضح أن المنشآت الصغيرة والمتوسطة، تعد أحد أهم أهداف رؤية المملكة 2030، ولاحظنا جميعاً الاهتمام الكبير الذي أولته القيادة الرشيدة لتلك المنشآت، لرفع كفاءتها ودعم احتياجاتها التمويلية وتجاوز الصعوبات والعقبات التي قد تواجهها. وأضاف أن البرنامج يأتي ضمن حزمة متكاملة لرفع نسبة المنشآت الصغيرة والمتوسطة، مبيناً أن البرنامج أنشئ مبادرةً تنمويةً يرعاها صندوق التنمية الصناعية، وبتمويل مشترك بين وزارة المالية والبنوك السعودية (50 % لكل منهما). لافتاً إلى أن “كفالة” كان من أوائل البرامج التي تحقق تعاوناً مباشراً بين القطاع الخاص والمصرفي والجهات الحكومية؛ لتشجيع التمويل الموجه إلى أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة. وكشف أن حجم الكفالات التي منحها البرنامج منذ إنشائه، بلغ أكثر من 7 مليارات ريـال تمثل 80 %، من إجمالي التمويلات، واستفاد منها أكثر من سبعة آلاف منشأة. فيما أوضح أن البرنامج لديه 6 منتجات حالياً، ويدرس تطوير منتجات جديدة لتلبية احتياجات قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة. الماضي: البنوك منفتحة بمرونة وجهودها حثيثة في تقديم التسهيلات في حين أوضح المدير الإقليمي لمصرفية الأعمال الناشئة ببنك الرياض في المنطقة الوسطى عبدالله الماضي، أن البنوك منفتحة ولديها مرونة وتبذل الكثير من الجهود في تقديم الدعم والتسهيلات الائتمانية، لتمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة، ويأتي ذلك لدعم توجه الدولة، وفقاً لرؤية 2030. كما تدرس كيفية القضاء على المعوقات التي تواجه رواد الأعمال المبتدئين، عند طلب القروض المدعمة لمشروعاتهم الواعدة. مبيناً أن برنامج كفالة شريك استراتيجي مع البنوك، ففي 2017 تم تمويل نحو 1730 منشأة بمبلغ 3 مليارات، وارتفع العدد إلى 2000 منشأة بقيمة 5 مليارات في 2018. وأضاف أنه رغم ما تواجهه البنوك من تحديات مع رواد الأعمال، سواء قبل التمويل أو بعده، فإنها لا تألو جهدا في خفض الفوائد والعمولات على أصحاب المنشآت الصغيرة والمتوسطة، لزيادة ربحيتها وتوسعها، حتى تزيد هي ربحيتها أيضاً. كما أنها تبحث في حال تعثر أصحابها، أسباب ذلك التعثر، وتنظر في معالجته، وعمل جدولة القروض لمساعدة العميل على إكمال مشروعه وعدم فشله. ولفت الماضي إلى أهمية تثقيف رواد الأعمال، فيما يخص كيفية الحصول على التمويل واستغلاله. كذلك يجب على رائد الأعمال أن يفهم احتياجات مشروعه، ويدرس جدواه قبل الشروع في تنفيذه، فالأهم من المشروع هو صاحب المشروع؛ لذا عليه أن يكون مستوعباً للمشروع وأهدافه، حتى ينجح فيه ويزيد دخله ويضيف لاقتصاده الوطني. البقمي: المنشآت الصغيرة والمتوسطة الوقود المحرك للاقتصاد السعودي وقال الأكاديمي والكاتب الصحفي الدكتور شجـاع البقمي: إن أهمية قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة كما يقول بعضهم، تأتي بوصفه الوقود المحرك للاقتصاد، فهو المحرك للتجارة والاستثمارات. مضيفا أن الاقتصاد السعودي حالياً يشهد نمواً كبيراً، ومن المفترض أن يسهم في ذلك المشروعات الصغيرة والمتوسطة. مؤكداً أن رؤية 2030 وضعت رواد الأعمال أمام فرص تاريخية للاستثمار. وأشار إلى أن الكثير من المنشآت الصغيرة والمتوسطة حققت نجاحاً كبيراً، لذا يجب استغلال ذلك، وتحويلها شركات مساهمة عامة، لزيادة فرص نجاحها وانتشارها، وتحويلها من السوق الموازي «نموّ» إلى السوق الرئيس. موضحا أن فكرة تأسيس بنك متخصص للتمويل، ستساعد على معالجة المشكلات التمويلية لأصحاب المنشآت الصغيرة والمتوسطة.
مشاركة :