اجود عامر أن المتابع للشأن الدولي في الأونة الأخيرة يستطيع وبسهولة أن يرى توجه العالم خلال العقد الاخير من القرن العشرين وبداية القرن الحادي والعشرين .مما لا شك فية أن منطقة الشرق الاوسط تأخذ حصة الأسد في درجة الاهتمام العالمي إذا لم نقل كل الأهتمام فمنذ أكتشاف النفط كمصدر للطاقة بدأت دول العالم بالتزاحم على المنطقة من أجل سرقة خيرات المنطقة فتارة بصفة استعمارية تستعمر الأرض والبشر وتارة بصفة الوصاية عبر معاهدات لا ناقة ولا جمل فيها لأبناء المنطقة وتارة بصفة شراكة أقتصادية الغالب فيها صاحب التكنولوجيا واليد القوية.وبعد نهاية الحرب العالمية الثانية تسيدت المنطقة الدول التي فازت بالحرب ولكن بشكل جديد أستعمرت المنطقة أقتصاديا عبر السيطرة على ثرواتها والاستفادة منها وهذا الشكل الجديد كان يفرض على الدول المتحالفة والمنتصرة بالحرب التخلي عن استراتيجيتها في طريقة الاستعمار وذلك عبر التخلي عن مستعمراتها جغرافيا وزرع أنظمة مكانهم تخدم مصالحهم فنرى أن كافة دول المنطقة تخلت عن مستعمراتها إنسحابا مع أننا لايمكن التنكر لنضال الشعوب وثوراتها في سبيل الحرية والاستقلال ولكن لنكون منصفين إن الدماء التي دفعت في سبيل الأوطان كلفت المستعمر الكثير الكثير هي من دفعت الدول المستعمرة إلى طريقة جديدة فكان الاستعمار الاقتصادي ولكن الحرب العالمية الثانية أفرزت قطبية في العالم فكان هناك قطب يتبع للولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا وقطب يتبع للاتحاد السوفيتي والمعسكر الاشتراكي وهذا التنافس بين القطبين يحتاج لنشر قوات على رقعة العالم من أجل السيطرة والهيمنة عليه فكان التنافس على أوجه بين المعسكرين وعاش العالم بعد الحرب العالمية الثانية خمسة عقود حتى أنهيار الاتحاد السوفيتي والذي ادى لخلل في الميزان العالمي للقوى فالولايات المتحدة وحلفاءها لم تعد بمواحهة مع أحد فقد تسيدت العالم الى أن اتت حرب الخليج الأولى والثانية والتي كلفت العالم كثيرا" ليس الولايات المتحدة فقط وهذه الحرب هي التي دفعت الولايات المتحدة الى الانتقال من مسيطر على جغرافيا الى خلق ازمة وأدارتها ليضمن بقاءه فالدول المأزومة بحاجته من أجل دعمها عسكريا وسياسيا فكان لها ما ارادت فبعد التقصير الأوربي مع الولايات المتحدة في حرب الخليج والتي تحملت عبئها منفردة لم تتوانى الولايات المتحدة عن معاقبة أوروبا فأخرجتها من أدارة أزمات المنطقة نهائيا" بل اكثر من ذلك لجأت لعدوها القديم ليكون الشرطي او العصى التي تضرب بها وجيوشها بعيدة كل البعد عن منطقة الحدث فالاستثمار بالحروب أفضل من القيام بها طالما هناك من يقوم بها بالنيابة.ومما لا شك فيه ظهور الدور الاوروبي الخجول فيما يخص قضايا المنطقة والذي اظهرته الازمات الاخيرة ففي سوريا لا دور لأروبا نهائيا وفي العراق كذلك وفي الخلاف الايراني الأمريكي المبرمج أوروبا تقوم بدور الوسيط فقط فهي تارة تخالف الولايات المتحدة وتارة توافقها او تنشئ احلاف مع روسيا بقرارتها ليتعارض مع القرار الامريكي .فأروبا بوضعها الحالي هي أضعف بكثير من ان تكون منافسة للولايات المتحدة في اليسطرة على الاقتصاد العالمي غير ذلك فهي خذلت شعوب المنطقة التواقة للخلاص من حكوماتها الاستبدادية ففقدت ثقتهم بها وباتت عبارة عن ملجأ مأجور لهم فقط وهذا الخلاف العميق بين الولايات المتحدة وأوروبا سيطيل عمر الازمات ويزيد من التطرف والخراب لعدم وجود الضامن الحقيقي الذي يستطيع حلها بعيد عن اي مصلحة .
مشاركة :