أثار إغلاق القناة السعودية الثقافية من التلفزيون الرسمي حفيظة عديد من المثقفين واستمر الجدل حولها بين معارض للإغلاق ومؤيد له، لأسباب تباينت بين ضرورة أن يكون لبلادنا قناة تلفزيونية تهتم وتظهر ثقافتنا وأدباءنا وفعالياتنا الثقافية وكنوزنا التراثية والتاريخية، وبين ضعف محتوى القناة وافتقاده للاحترافية وعدم تلبيته طموح المثقفين والمشاهد السعودي. في هذا الخصوص، يرى كبير المذيعين والمشرف العام على القناة الثقافية سابقاً، عبدالعزيز العيد أن إغلاق القناة الثقافية التابعة لهيئة الإذاعة والتلفزيون كان مفاجئاً وغير مبرر، وقال: حتى الآن ما تزال المناشط الثقافية من وزارة الثقافة عبر مبادراتها الجديدة والجميلة بحق، لا تحظى بتغطية تلفزيونية لائقة إن كان نقلاً مباشراً أو مسجلاً ، وهذا ما نأمله أن يتم عبر قناة تغطي هذه الفعاليات، بتأسيس احترافي وكوادر مختارة بعناية دون مجاملة، وخطة إستراتيجية واضحة، وميزانية مقنعة، ولا بأس أيضاً أن تدخل القناة في رعايات مدفوعة لتؤمن لها مصدراً آخر للتمويل. وحول أهمية هذا النوع من المحطات التلفزيونية يقول العيد: إن الحاجة ماسة جداً محلياً وعربياً ودولياً، ولا سيما أن رؤية ٢٠٣٠ تعتمد في جزء منها على جودة الحياة والترفيه وتغطية الفنون بأنواعها، والمبادرات التطوعية، ومد جسور التواصل مع الآخر عبر المعارض الدولية والترجمة، وإبراز وجه السعودية الجديدة في بعديها الثقافي والفني. وأضاف: لا أظن أن الأمر بعيد عن رؤية سموه أبداً، وأظن أن الأمر تحت الدراسة والتمحيص لتخرج بشكل لائق للوزارة والوطن والمحبين للثقافة. من جهته ذهب القاص وعضو مجلس نادي حائل الأدبي رشيد الصقري، إلى أن ضرورة إنشاء قناة ثقافية توثق المهرجانات والملتقيات والمحاضرات والزيارات الثقافية ، وتقدم برامج تنهض بالشأن الثقافي وتدعم الشباب المبدع في كل المجالات وتنشر ثقافة الحوار والانفتاح على الثقافات العالمية وتظهر الإرث الثقافي والحضاري للمملكة والكنوز الأثرية وطرق الرحالة والفن المعماري المتنوع في مدن ومحافظات الوطن. وقال الصقري: من مهام القناة الثقافية إحياء أدب وسير الأدباء والفنانين السعوديين الذين رحلوا وتركوا إنتاجاً كبيراً ظل حبيساً للمكتبات وإن تعد برامجَ تهتم بالمكتبات العامة والخاصة والإطلاع على محتواها. بينما أكد مدير جمعية الثقافة والفنون بالأحساء، علي الغوينم، أن المجال الثقافي بحاجة إلى القناة الثقافية رغم إمكاناتها المحدودة في السابق إلا أنها ظلت نافذة ثقافية جميلة استطاعت المشاركة في الحراك الثقافي الموجود. والقناة كانت نافذة للثقافة السعودية داخلياً وخارجياً. وكانت تشكل محطة، وموقعاً جميلاً بين المثقفين. وقال: أتمنى أن تكون هناك قناة ثقافية وفنية تواكب هذا الحراك الثقافي والفني الجميل الذي يحدث في أرجاء الوطن وأن تعود القناة الثقافية بثوب جديد وبإمكانات أكبر. وعن خطوات تطوير القناة الثقافية قبل إعادتها يرى الغوينم أنه لا بد أن يكون لها مراسلون من جميع محافظات المملكة لتنقل الحراك الثقافي المتنوع والمتعدد، وأن تكون أرشيفاً وتوثيقاً للفعاليات الثقافية والفنية، وتكون النافذة التي من خلالها يرى العالم الثقافة السعودية المتنوعة. وأشار الغوينم إلى أن الوطن يعيش حراكاً ثقافياً جميلاً ومتماسكاً ينسجم مع رؤية الوطن ٢٠٣٠، قائلاً : نعيش مواسم ثقافية نسجتها وزارة الثقافة وسمو وزير الثقافة، أكرر أمنياتي لعودة القناة الثقافية لتواكب طموحات المثقفين وطموحات وزارة الثقافة وتنقل للعالم نهضتنا الثقافية وتنقل مشاركات المملكة في الخارج والداخل. من جانبه، قال الشاعر عبد الرحمن سابي: إن إنكار الأثر الكبير والفعال الذي تحققه الصورة بتنوع مراياها القادمة منها يعد عبثية لا تليق بنا في زمن الصورة وما بعدها، ومن المنطق تجديد آلياتها وفق المعطيات الحديثة بما يخدم الرسالة المراد إيصالها للمتلقي عبر سياسة منهجية تعطي لكل مستهدف حقه من الرؤى حتى يصل له الأثر، ولا غنى عن وجود القناة الثقافية بصورة مختلفة جذرياً بعيد عن حالتها التي لم تكسب فيها الرهان مع المتلقي، وأضاف: لا بد من الانطلاق من أهمية وضرورة وجود قناة ثقافية تقدم ثقافة السعودية الجديدة بما يتناسب والتوجه الباعث على الجدة والداعم لها بعيداً عن النمطية التي تفتك بالفعل الثقافي المحلي مع التأكيد على مفردات التراث السعودي الثري وطرحها في قالب حداثي أصيل وهذا يستوجب من وزارة الثقافة العمل على العناية قبل البدء في عودة القناة بكل التفاصيل حتى يأتي القدوم مغايراً ومؤثراً ومراعياً وهو المهم بما يقدم من برامج جامعة للأنا والآخر بهوية تظهر إنسان جبل طويق وتحافظ عليه.
مشاركة :