فلسطين المحتلة - الجزيرة نت: كشفت وثيقة سريّة عن تنفيذ خطة أعدّها قادة العصابات الصهيونية هدفت إلى تهجير وتشريد العرب من عموم فلسطين خلال النكبة. وتستعرض الوثيقة - التي حصلت الجزيرة نت على نسخة منها واحتوت على 25 صفحة وحملت عنوان “حركة هجرة عرب أرض إسرائيل” خلال الفترة من 1 ديسمبر 1947 إلى 1 يونيو 1948- العمليات العسكرية للعصابات الصهيونية في فلسطين خلال النكبة، والتسلسل الزمني لتنفيذ خطة التهجير والتشريد والمجازر التي تمّ تنفيذها لترهيب الفلسطينيين ودفعهم للهروب. ويأتي الكشف عن الوثيقة التي عمدت إسرائيل إلى إخفائها وحظر نشرها - شأنها شأن الكثير من الجرائم التي ارتكبت خلال النكبة - في سياق تقارير لمعهد “عكيفوت” الذي يعنى بكشف الوثائق التاريخية السرية المتعلقة بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي. وعثر على الوثيقة في أرشيف “يد يعاري” التابع لحركة “هشومير هتسعير” وقسم بحث الكيبوتس في مركز “جفعات حبيبة” الذي أقيم على أرض قرية أم القطف الفلسطينية، والذي يحتفط بمئات الوثائق والمستندات التي تحوي أدلة على النكبة. وتفند الوثيقة المزاعم الإسرائيلية حول أسباب اقتلاع وهجرة العرب من فلسطين خلال ما يسمى “حرب الاستقلال” عام 1948، بأن “القيادة العربية ساهمت في تشجيع العرب على الهروب من أرض فلسطين”. ووفقاً للوثيقة، فإن “معظم عمليات تهجير وتشريد واقتلاع العرب خلال الأشهر الأولى من الحرب نتجت من العمليات العسكرية للمقاتلين الصهاينة، دون أن تذكر بالاسم هذه العصابات التي أشرفت على تنفيذ الخطة، علماً بأن مليشيات وعصابات “الهاغانا” و”الإيتسل” و”الليحي” و”الأرغون” كان لها الدور الأبرز في ترويع الفلسطينيين وإجبارهم بالقوة والإرهاب على الرحيل عن أرضهم وأظهرت الوثيقة أن “نزوح حوالي 70% من اللاجئين خلال هذه الفترة يرجع إلى العمليات العسكرية للقوات الصهيونية المقاتلة”، وأن “تأثير الأوامر التي أصدرها القادة العرب حفزت على رحيل 5% فقط من الفلسطينيين”. ويكشف الجزء الأول من الوثيقة - وهو تقرير من عشر صفحات - حجم الاقتلاع والتهجير، ويقدم مسنوداً بملحقين إضافيين قائمة مفصلة بمواقع القرى والمدن التي هُجر منها الفلسطينيون، وأسباب تطهير وإفراغ هذه التجمعات السكنية، والمناطق التي وصل إليها النازحون واللاجئون. وتستعرض الوثيقة الواقع الديمغرافي والتوزيع السكاني في فلسطين التاريخية بالتزامن مع قرار التقسيم عام 1947 الذي قسم فلسطين إلى دولتين عربية وإسرائيلية، بينما وضع القدس وبيت لحم والأراضي المجاورة تحت وصاية دولية. وتظهر الوثيقة أنه خلال الأيام الأولى للحرب ما بين 1 يونيو 1948 إلى 14 يونيو 1948، تم تفريغ وتهجير سكان 180 قرية، كما هجر وشرد سكان ثلاث مدن، وبالمجمل تم تهجير وتشريد 239 ألفاً من الفلسطينيين. وفي إطار خطة التهجير بالإرهاب والقوة من قبل الاحتلال الصهيوني تم تهجير نحو 122 ألف فلسطيني من مدن وقرى فلسطينية ومن قضاء القدس وحدها تم تهجير نحو 30 ألفاً، وخلال ذلك تم تفريغ 70 قرية وثلاث مدن من سكانها،، كما تم تهجير وتشريد غالبية السكان من اللد والرملة. ووفقاً للوثيقة تمّ الشروع في خطة تهجير الفلسطينيين والتطهير العرقي لفلسطين في ديسمبر 1947، إذ كانت هناك عمليات نزوح ولجوء على مدار ستة أشهر، بينما طبقت الخطة على مدار أربع مراحل، إذ استمرّت عمليات التهجير حتى بعد انتهاء ما يسمى “حرب الاستقلال”. وتؤكد الوثيقة أن الغالبية العظمى من الفلسطينيين نزحوا وشردوا من قراهم ومدنهم بسبب العمليات العسكريّة الإرهابية للعصابات اليهودية، إلى جانب عمليات ترهيب وترويع الفلسطينيين بتفجير القرى والمدن وارتكاب المجازر البشعة وعمليات الخطف والقتل الجماعي لدفع السكان إلى الهجرة في حين كان الدافع الاقتصادي هامشياً، ولم يكن الفقر سبباً للنزوح.. واستعرضت الوثيقة نماذج لذلك، مثل مجزرة دير ياسين قرب القدس، ومجزرة صفصاف قرب صفد، واختطاف خمسة من وجهاء قرية الشيخ مؤنس قرب يافا، وهي العمليات التي أثرت على المعنويات والحالة النفسية للفلسطينيين بدفعهم إلى اللجوء. الوثيقة استعرضت عدداً من المجازر ارتكبتها العصابات الصهيونية خلال النكبة في إطار خطة التطهير العرقي، فيما عزا الباحث في الشأن الإسرائيلي أنطوان شلحت إقدام المؤسسة الإسرائيلية على طمس ممنهج للوثائق والمستندات التاريخية حول النكبة وغربلة الأرشيف والمحفوظات العامة، إلى الخوف من الكشف عن الأدلة التي توثق المجازر التي ارتكبت بحق الشعب الفلسطيني، ولكيلا يتم فتح ملف النكبة دولياً. ولفت شلحت إلى أن إسرائيل التي مددت حظر النشر على المحفوظات والأرشيف وفترة السرية على الوثائق حتى العام 2039، وهي الفترة التي يتم عبرها إبادة الشواهد والوثائق. ووفق المؤرخ جوني منصور الذي هُجرت عائلته من حيفا إلى لبنان وعادت إلى قرية الجش بالجليل الأعلى بعد أسابيع من النزوح، فإن الكشف عن مثل هذه الوثائق يعزز ويؤكد الرواية الفلسطينية بارتكاب عشرات المجازر بحق العرب في فلسطين التاريخ خلال النكبة. وأكد منصور للجزيرة نت أن تفاصيل مجزرة صفصاف الواردة في الوثيقة دوّنها ووثقها عن جده ووالده الذي استقر مع عائلته مؤقتاً في قرية الجش إلى أن تخف حدّة المجازر. وسرد إفادات شفوية لأفراد من عائلته تشير إلى أن مليشيات صهيونية هاجمت المنطقة وقتلت العشرات من الرجال والمسنين والشبان والأطفال، وجميعهم ألقي بهم داخل بئر وعين للمياه التي تحوّل مجراها إلى لون الدم.
مشاركة :