موسكو تستثمر في عجز واشنطن عن إقناع الفلسطينيين بصفقة القرن

  • 7/13/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

أبدت روسيا مجددا اهتماما بلعب دور متقدم في تسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، عبّر عنه الرئيس فلاديمير بوتين الجمعة، خلال اتصال هاتفي جرى مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، وسط تساؤلات حول ما إذا كانت موسكو ترغب فعلا في أن تكون مؤثرة في هذا الملف الذي لطالما كان حكرا على واشنطن. وتمر العلاقة بين واشنطن والسلطة الفلسطينية بمطبات كثيرة بدأت منذ قرار الرئيس دونالد ترامب إعلان القدس عاصمة لإسرائيل في نهاية العام 2017، وصولا إلى عرض صهره ومستشاره جاريد كوشنر الشق الاقتصادي من خطة السلام الأميركية المعروفة بصفقة القرن في يونيو الماضي بالبحرين والذي قاطعه الفلسطينيون. ويرى محللون أن الفلسطينيين يبحثون عن قوة دولية مؤثرة قادرة على خلق حالة من التوازن في مواجهة انحياز الولايات المتحدة المطلق لإسرائيل، ويعتبرون أن موسكو التي أظهرت في السنوات الأخيرة رغبة في تعزيز حضورها في الشرق الأوسط، قد تكون المؤهلة للعب هكذا دور خاصة وأن الدول الأوروبية لا تبدي حماسة رغم تمسكها بالأسس القائمة لعملية السلام وهو إقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية. وأعرب بوتين، خلال الاتصال الهاتفي مع عباس عن استعداد بلاده لاتخاذ خطوات لإطلاق مفاوضات فلسطينية إسرائيلية. وذكر بيان صادر عن الرئاسة الروسية (الكرملين) أن بوتين تباحث هاتفيا مع نظيره الفلسطيني محمود عبّاس. حول أوضاع الشرق الأوسط وفي مقدمتها القضية الفلسطينية. وأضاف البيان أن “روسيا أكدت استعدادها لاتخاذ خطوات لضمان السلام، بما في ذلك إطلاق مفاوضات فلسطينية إسرائيلية”. من جانبها ذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية “وفا” أن اتصالا مطولا ومعمقا جرى بين الرئيسين، تم خلاله استعراض كافة القضايا سواء فيما يتعلق بـ”صفقة القرن” أو الموقف من “لقاء المنامة” أو الموقف من حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة. ويعتقد أن الاتصال تطرق أيضا لملف المصالحة بين حماس وفتح التي لا تبدي السلطة الفلسطينية رغبة في أن يكون لموسكو دور فيها وأن يبقى هذا الملف بأيدي مصر. وجددت موسكو نيتها في تفعيل جهود المصالحة الفلسطينية. ومن المنتظر أن يقوم وفد من حركة حماس، برئاسة نائب رئيس المكتب السياسي للحركة موسى أبومرزوق، بزيارة إلى روسيا الأسبوع المقبل، لعقد جلسة مباحثات مع وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، وعدد من المسؤولين في الخارجية الروسية.واستضافت موسكو في شهر فبراير الماضي لقاء موسعا للفصائل الفلسطينية، دون تحقيق اختراق حقيقي في ملف المصالحة، إزاء تباين المواقف حول برنامج منظمة التحرير، ومرجعية العملية السياسية، حيث أعربت موسكو حينها عن خيبة أملها من نتيجة الحوار. وكانت زيارة مقررة لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، الغيت إلى موسكو قبل عدة أشهر. ويبدو أن روسيا تريد استثمار العجز الأميركي في التسويق لخطة السلام التي تطرحها، للتدخل على الخط الفلسطيني الإسرائيلي، ولكن محللين يرون أن الهدف الأساسي لموسكو هو إرسال رسائل لواشنطن بأنها لديها القدرة على مزاحمتها في ملفات شائكة لطالما كانت تعتبرها حكرا عليها. ويقول المحللون إن موسكو تسعى لتكريس النفوذ الذي حققته في الشرق الأوسط بفضل التدخل المباشر في الأزمة السورية في العام 2015، ونجاحها في قلب موازين القوى لصالح حليفها الرئيس بشار الأسد، وهي تريد الحصول على تنازلات من الجانبين الإسرائيلي والأميركي لتسوية الأزمة في هذا البلد، بعد أن بدا واضحا لها أنه لا يمكنها إنهاؤها دون تعاون مع الطرفين. وكان لقاء عقد في القدس في يونيو الماضي برعاية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو جمع كل من مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون نظيره الروسي نيكولاي باتروشيف لبحث التعاون في الأزمة السورية، ليعقب هذا الاجتماع غير المسبوق لقاء قمة جمع بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين على هامش قمة العشرين. ويشير هؤلاء إلى أن العلاقات الروسية الإسرائيلية شهدت في السنوات الأخيرة قفزة نوعية ترجمت في الزيارات رفيعة المستوى بين البلدين، والتنسيق الجاري بينهما في الملف السوري، بيد أن حكومة بنيامين نتنياهو لا تريد لاعبا غير الولايات المتحدة على المسرح الفلسطيني. ويعتقد أن خطوة موسكو بإحياء جهودها بشأن الملف الفلسطيني الغرض منه الضغط على الطرفين بشأن تقديم تنازلات في سوريا، لأن هذا الملف يتصدر أولويات الجانب الروسي حاليا، مع إظهار لدول المنطقة أن لديها رغبة في فتح تعاون أكبر معهم. ويستبعد متابعون أن تكون هناك دولة جاهزة فعليا للتدخل بقوة في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي الشائك، باستثناء الولايات المتحدة التي تعتزم طرح الشق السياسي من خطتها للسلام والتي يرجح أن يلقى معارضة من الجانب الفلسطيني. وقال المبعوث الأميركي الخاص للشرق الأوسط، جيسون غرينبلات، لشبكة “آي 24 نيوز” الإسرائيلية إنه “من غير الواضح” ما إذا كان سيتم الكشف عن خطة السلام، قبل أو بعد الانتخابات الإسرائيلية المقررة في 17 سبتمبر، والتي قد تشهد حكومة جديدة بالكامل”. وأكد غرينبلات الذي يعد أحد مهندسي خطة السلام على ضرورة قيام السلطة الفلسطينية بالانخراط مع إدارة البيت الأبيض في جهود ترامب لتحقيق “صفقة القرن”. وكانت تكهنات استبعدت الكشف عن الجانب السياسي من الصفقة قبل انتخابات الكنيست وخاصة أن النتائج المحققة في ورشة البحرين كانت جد ضعيفة ولم تظهر فقط رفضا فلسطينيا بل وعدم حماسة الحلفاء العرب لها.

مشاركة :