جدل تونسي حول تراكم النفايات وشلل صناعة التدوير

  • 7/13/2019
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

فجّر تقرير صادر عن لجنة برلمانية في تونس، الجدل بشأن فشل الدولة في إيجاد حلول مستدامة لمعالجة مشكلة تراكم النفايات وشلل صناعة التدوير، رغم هيمنتها على وعود الحملات الانتخابية للأطراف السياسية. وخلص تقرير لجنة الإصلاح الإداري والحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد ومراقبة المال العام، اطلعت عليه “العرب” إلى وجود عوائق تنظيمية تواجه نشاط تجميع وتدوير النفايات تعرقل كفاءة معالجتها وتحد من فاعلية الرقابة. وتظهر البيانات الصادرة عن معهد الإحصاء أن حجم النفايات السنوي في تونس يبلغ نحو 2.75 مليون طن، ومع ذلك لا تقوم الدولة بتدوير سوى 5 بالمئة فقط منها. وتصاعدت الأصوات المنتقدة، التي تؤكد أن الحكومة تتجاهل ضرورة معالجة الظاهرة رغم المخاطر الصحية للنفايات، وأن برامجها ووعودها لا تجد طريقا إلى أرض الواقع. ويشكو التونسيون من تزايد حجم النفايات الملقاة على جوانب الطرق وأكوام القمامة المكدسة داخل الأحياء، في ظل إهمال الدولة والسلطات والجهات البلدية. ويقولون إن العاصمة تونس، التي تدير بلديتها سعاد عبدالرحيم، المنتمية إلى حركة النهضة الإسلامية، أكبر مثال على حجم معاناة السكان من تلك المشكلة، التي تفاقمت في السنوات الأخيرة. وكانت الحكومات المتعاقبة قد اعتمدت عددا من البرامج منذ عام 2001 لتسهيل عمل المستثمرين في قطاع تجميع النفايات وإعادة تدويرها، وقدمت حوافز لإنشاء الشركات الصغيرة لمعالجة هذه الظاهرة. لكن جميع الإجراءات التي تم إقرارها، افتقرت إلى الجدية في التعامل مع أطنان النفايات، فضلا عن ضعف قدرتها على اللجوء إلى عمليات التدوير، التي جعلت منها بعض دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا استثمارا مربحا. ويشير مراقبون إلى عدم فعالية عمل الوكالة الوطنية للتصرف في النفايات المخولة الأولى بإسناد الرخص لشركات جمع ونقل النفايات الخاصة. وتصنّف بيانات البنك الدولي تونس ضمن النطاق المتوسط للبلدان من حيث متوسط حجم النفايات التي يقذفها الفرد، والتي تقدر بنحو 211 كيلوغراما سنويا، وأكثر قليلا من متوسط ما يخلفه الفرد في بلدان شمال أفريقيا. وتضع التقارير تونس ضمن أقل البلدان استفادة من فرص تدوير النفايات، التي باتت في بلدان كثيرة من القطاعات الاستراتيجية لتعزيز استدامة النشاطات الاقتصادية، إذ يمكن استثمارها في قطاعات من بينها الطاقة. وتعود أسباب تفاقم المشكلة إلى ضعف الاستثمار في التكنولوجيا والمعدات اللازمة لتطوير كفاءة تدوير النفايات، حيث لا تملك السلطات البلدية سوى تجهيزات قديمة ومعطلة، الأمر الذي يفاقم صعوبة تدوير النفايات والاستفادة من تلك المخلفات. وينتقد أصدقاء البيئة ضعف القوانين والتشريعات وتضارب عمل المؤسسات الحكومية، الذي يعرقل تنفيذ مشاريع تدوير النفايات، إضافة إلى البيروقراطية العميقة والحسابات الضيقة للسياسيين. وتضم صناعة التدوير التونسية نحو 700 شركة صغيرة ومتوسطة ويعمل فيها ما يصل إلى 20 ألف شخص من خلال أكثر من 130 مركزا لإعادة تدوير النفايات في أنحاء البلاد. وتشير التقديرات إلى أن رقم المعاملات السنوية لتلك الصناعة تراجع في السنوات الأخيرة ليقف عند نحو 70 مليون دولار فقط. وحتى تتمكن الحكومة من بلورة خطط طويلة المدى للاستفادة من النفايات، طرحت اللجنة البرلمانية حزمة من التوصيات، في مقدمتها السعي إلى هيكلة مجال التصرف في النفايات الخطرة عبر وضع استراتيجية متكاملة مبنية على أهداف ومؤشرات. كما طالبت بالإسراع في استكمال الإطار القانوني وتحيينه بما يتماشى مع المعايير الدولية مع العمل على تعزيز مستويات الرقابة على مسالك التجميع. وسلطت اللجنة الضوء على إمكانية توسيع تغطية جزء من نفقات قطاع الرعاية الصحية من مداخيل منظومة التصرف في النفايات الصحية ودراسة آليات المعالجة الشاملة. وترى اللجنة أن عقد شراكات بين القطاعين العام والخاص ضروري يتكامل مع تأمين الرقابة والمتابعة، إلى جانب وضع نظام معلوماتي يتضمن قاعدة بيانات يتم تحيينها باستمرار مع اعتماد نظام الاسترسال للتصرف المحكم في النفايات. 2.75 مليون طن حجم النفايات السنوية في تونس، التي لا يتم تدوير سوى 5 بالمئة منها وانتقل يأس التونسيين في الأشهر الأخيرة من كفاءة الدولة في معالجة مشكلة النفايات إلى الرهان على إمكانية توسيع عمل الجمعيات الخيرية التي توظف جامعي النفايات وتدافع عن حقوقهم. وبمبادرة من منظمة إنترناشيونال الرت، تعمل جمعية اجتماعية غير حكومية في تونس أطلقت على نفسها اسم (البرباشة) على تنظيم نشاط نابشي النفايات، التي سيتم تدويرها والاستفادة منها ماليا. وكانت الجمعية قد دشنت أولى نقاط التجميع في ديسمبر الماضي، وهي تدير نشاط العشرات من جامعي القمامة في هيكل إداري وتنظيمي لحماية حقوقهم، وهي جمعية غير ربحية تهدف إلى تحسين أوضاعهم وبيئة عملهم. وتشجع جمعية البرباشة المنقبين عن النفايات على رفع مستوى دخلهم من خلال شراء ما يجمعونه، مثل شراء الكيلوغرام الواحد من البلاستيك بنحو 0.28 دولار، وهو سعر يزيد على المستويات التي يباع فيها في السوق.

مشاركة :