مشوار طويل قطعه الروائى «محمد البساطى»، متنقلا بين السطور دون ملل، منذ أن خرج من تلك الـ«بيوت وراء الأشجار»، مشحونا بجو الريف، ليكتب بدقة التفاصيل الكاملة لحيوات أبطاله المهمشين فى الحياة، الذين لا يهمهم سطوة السلطة أو تغيرات العالم من حولهم، انتظر لسنوات على «المقهى الزجاجى» حتى يأتى القطار، مستأنسا بصداقة «التاجر والنقاش»، كتب عن «صخب البحيرة» و«الأيام الصعبة»، فكان «هذا ما كان» من أمر أحد ملوك الكلمات الذين برعوا فى نقش حكايات المطحونين بلغة الشجن والأنات، عشرين عملا تركهم إرثا له من بينها «الكبار والصغار»، «حديث من الطابق الثالث»، «أحلام رجال قصار العمر».لٌقب «البساطى» بـ«شاعر القصة القصيرة»؛ و«قصاص المهمشين»، حيث اتسمت كتاباته بالتكثيف فى الكلمات والمعانى واستحداث أفق شعرى، لم ينشغل فى مشروعه الأدبى بجدل النظريات الفلسفية والاجتماعية والسياسية بل كانت رواياته منشغلة بالأساس بطبيعة الإنسان المصرى والعربى وجوهره الممتلئ بالتناقضات.فاز «البساطى» بجائزة أحسن رواية لعام ١٩٩٤ م بمعرض القاهرة الدولى للكتاب، عن روايته الموسومة «صخب البحيرة»، كما فاز بجائزة «سلطان العويس» فى الرواية والقصة لعام ٢٠٠١م، مناصفة مع السورى زكريا تامر، وقال عن حصوله على تلك الجائزة فى أحد الحوارات: «حصلت على أكثر الجوائز العربية نزاهة، التى لا ينالها إلا القامات الكبيرة وهذا يكفينى، وهى جائزة العويس، أخذها قبلى محمود درويش وسعدى يوسف، وأدونيس وغيرهم». وفاز قبيل وفاته بأيام بجائزة الدولة التقديرية فى الآداب عام ٢٠١٢.الجدير بالذكر أن الروائى محمد البساطى أديب مصرى، ولد فى بلدة الجمالية المطلة على بحيرة المنزلة بمحافظة الدقهلية، وحصل على بكالوريوس التجارة عام ١٩٦٠، عمل مديرًا عامًا بالجهاز المركزى للمحاسبات، ورئيسًا لتحرير سلسلة «أصوات» الأدبية التى تصدر فى القاهرة عن الهيئة العامة لقصور الثقافة.
مشاركة :