منى نايف الحمري وقفت ترمق المارة والعابرين بنظرة استعطاف مؤملة أن يوصلها أحد لمبتغاها، كانت تقف في ناصية عند طريق المعيصم تنظر يمنة ويسرة لعل أحداً يساعدها أو يرشدها لتصل إلى مكان الذبح. الحاجة شفيقة من أذربيجان تبلغ من العمر 78 عاماً، وجدتها «الشرق» هي وابنتها حيفاء تقفان على طريق المعيصم وتلوحان للمارة الذين لم يتوقفوا لهما. توقفنا لهما من باب إنساني، وعلمنا أنهما لا تعرفان شيئاً ولا تتحدثان سوى الإنجليزية، فقررنا مرافقتهما بعدما تخلى كثير عنهما. وبدأت الرحلة معهما إلى مجازر المعيصم، وكانت السيدة «شفيقة» مصرة على شراء أكبر «جمل» لتقديمه كهدي. وبالفعل ذهبنا برفقتها إلى أحواش بيع الجمال وكانت مصرة على أن يكون الهدي «ذكــراً» وليس أنثى، فقامت بشراء جمل بـ 4000 ريال وهي تقول «لا يهمني غلاء السعر بقدر الأجر»، وواصلت السيدة شفيقة السير، بالرغم من كونها لا تتحمل المشي طويلاً، ورغبتها جارفة في التأكد بنفسها أن «الجمل» ينحر أمام عينيها لتكمل تلك المشاهد بالدعاء والفرحة العارمة على وجهها وأجهشت بالبكاء. لم تكتف الحاجة شفيقة بما قامت به، بل بادرت بالاتصال على أبنائها في أذربيجان تخبرهم بأنها قدمت «القربان» لله. الحاجة شفيقة سردت لـ«الشرق» قصتها قائلة «طوال الأعوام الماضية كنت أنا وابنتي نمنّي النفس بالحج إلى المشاعر المقدسة، وكنا ننتظر الفرصة المناسبة للذهاب إلى الحج، وبالفعل شاء الله أن نجمع مالاً من أبنائي السبعة الذين يعملون في روسيا، وحجزت أنا وابنتي حيفاء عبر إحدى الحملات من أذربيجان وكنت قد قطعت على نفسي نذراً لله في حال تيسر لي الحج بأن أقدم لله «قرباناً» من أفضل الجمال، وها أنا اليوم أفي بنذري ولله الحمد وأسأله القبول وثبات الأجر». وتابعت «الشرق» معهما رحلة العودة إلى أن أوصلتها وابنتها إلى الفندق الذي تسكنان فيه.
مشاركة :