دبي.. دمج «أصحاب الهمم» من أولويات مسيرة التنمية

  • 7/15/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

دبي :«الخليج» تقدم دبي، نموذجاً متميزاً للمدن الصديقة لأصحاب الهمم؛ إذ لم يكن زخم النمو الاقتصادي القوي، الذي اقترن اسمها به منذ عقود والنجاح الذي حققته كمركز عالمي للمال والأعمال، سبباً في انصرافها عن احتياجاتهم، ورعايتهم والاهتمام بمتطلباتهم، بل كان محفزاً لها على تضمينهم في قلب مسيرتها التنموية، وتوسيع دائرة مشاركتهم في كافة المجالات الاقتصادية والثقافية، وكذلك الرياضية، بمشاريع ومبادرات وبرامج عدة. وربما لا توجد دلالة على مدى إيمان القيادة الرشيدة بما يمكن أن تقدمه هذه الفئة لمجتمعهم ووطنهم من إسهامات، أبلغ من الاسم الذي أطلقه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، على أفرادها، ويصفهم فيه بأنهم «أصحاب الهمم» ليسود ذلك المسمى بكل ما له من دلالات ويحل محل مصطلح «ذوي الإعاقة»، في حين رافق هذا الإعلان إطلاق «السياسة الوطنية لأصحاب الهمم»، وتأسيس مجلس استشاري معني بشؤونهم على مستوى دولة الإمارات بصورة عامة. سعت دبي إلى تقديم خدمات نوعية تلبي متطلبات تمكين «أصحاب الهمم» من الرعاية الصحية وإعادة التأهيل، وتوفير نظام تعليمي وتربوي يضمن دمجهم بصورة كاملة في المجتمع، ويكفل حصولهم على ذات الفرص من التعليم أسوة بأقرانهم في مختلف المؤسسات التعليمية، ويؤهلهم للحصول على فرص التوظيف الملائمة لإمكاناتهم، إضافة إلى توفير المرافق والخدمات العامة التي تعينهم على الانخراط في وسطهم الاجتماعي بسهولة تامة.وتولي دبي عناية فائقة بهذه الفئة، إيماناً بدورهم الفعّال كجزء من رأس المال البشري للإمارة، والذي يُشكل إدارته وتطويره بالأسلوب السليم، إحدى دعائم عملية التنمية الشاملة والمستدامة لدولة الإمارات، لذا وفّرت دبي الغطاء التشريعي، الذي يضمن حماية حقوق «أصحاب الهمم»، وتقديم كل أوجه الدعم والرعاية وفق أعلى معايير الجودة العالمية، بما يسهم في تعزيز الوعي العام والعمل على دمجهم في المجتمع عبر التعريف بحقوقهم والخدمات التي توفرها لهم كافة المؤسسات الحكومية في الإمارة. رؤية واستراتيجية أطلقت دبي استراتيجيتها لأصحاب الهمم لتكون بمثابة خطة خمسية، بدأت في العام 2016 وتختتم بنهاية 2020، وهي تقوم على خمسة محاور تغطي جميع جوانب الحياة وصولاً إلى تحقيق رؤية الإمارة بخلق مجتمع دامج وصديق لأصحاب الهمم بشكل شامل في الجوانب التعليمية، والصحية، والرعاية الاجتماعية، والتوظيف والبيئة المؤهلة، وتقوم الجهات الحكومية المعنية بقيادة كل محور من محاور الاستراتيجية، وتشكيل فرق العمل من مختلف الجهات ذات العلاقة، بضمان التنفيذ الفعّال للاستراتيجية وفق الأطر الزمنية المحددة وبما يتسق مع خطة دبي 2021 التي تُشكل الإطار العام لمجمل الجهود التنموية في الإمارة. وفي إطار مساعيها المستمرة لأصحاب الهمم ومضاعفة الإسهامات التي من شأنها تيسير اندماجهم في المجتمع وتلبية كافة احتياجاتهم ليس فقط على المستوى المحلي، لكن على الصعيد العالمي، تستضيف دبي خلال الفترة 5-6 نوفمبر 2019 «القمة العالمية لتسهيل سياحة أصحاب الهمم» تحت عنوان: «لنجعل جميع المدن صديقة للسياح من أصحاب الهمم» بمشاركة محلية ودولية واسعة. وتهدف القمة ضمن أولى دوراتها إلى تسليط الضوء على التحديات التي يواجهها نحو مليار إنسان خلال تنقلهم كمقيمين أو سياح في مدن العالم المختلفة، والتوعية بضرورة تعزيز التشريعات والقوانين والبنى التحتية والخدماتية التي تلبي احتياجاتهم وتطلعاتهم وحقهم في اكتشاف العالم بسهولة ويسر، وذلك في تأكيد جديد على توجهات دبي ودولة الإمارات، الرامية إلى تبوؤ المكانة الأفضل عالمياً في تقديم الخدمات والتسهيلات التي تمكّن أصحاب الهمم، وتتيح لهم الفرص لخدمة أنفسهم ومجتمعاتهم واكتشاف طاقاتهم الكامنة، ذلك في الوقت الذي تُظهر فيه الإحصاءات أن نحو 50 مليون شخص أصحاب الهمم في الشرق الأوسط يتطلعون إلى زيارة المدن والوجهات السياحية التي توفر لهم خدمات ملائمة تلبي احتياجاتهم. مشاريع ومبادرات أطلق سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي، مبادرة «مجتمعي... مكان للجميع»، التي تعد من أبرز الإسهامات، الرامية إلى تمكين أصحاب الهمم في دبي، كونها تهدف إلى تحويل الإمارة بالكامل إلى مدينة صديقة لهم بحلول العام 2020 من خلال مشاريع ومبادرات تعين على دمجهم وتذليل كافة العقبات التي قد تعترض طريق تفاعلهم بصورة إيجابية مع محيطهم الأسري والاجتماعي. واتسمت المبادرة بتبنيها سياسة شاملة لتمكين ودمج أصحاب الهمم في الحياة الاقتصادية والمهنية عبر توفير فرص العمل والتوظيف، وعملت منذ إطلاقها على وضع السياسات اللازمة لدعم قدراتهم وتوفير خدمات الرعاية الصحية، وإعادة التأهيل بكلفة مناسبة. خدمات ذكية ومتطورة وضعت بلدية دبي، ضمن أولوياتها تقديم خدمات متعددة مصممة خصيصاً لأصحاب الهمم، وراعت متطلباتهم واحتياجاتهم في تحديث وتطوير وتسهيل تلك الخدمات ضمن مرافقها ومراكز خدمتها ومشاريعها، وذلك وفقاً لأفضل المعايير العالمية والتجارب الدولية؛ حيث وفرت لهم دليلاً إرشادياً بلغة «برايل» في الحدائق العامة ومراكز الخدمة، وأعفتهم من رسوم دخولها، ووفرت للأطفال منهم العديد من الألعاب وأجهزة اللياقة المتخصصة.كما خصّصت البلدية، نوافذ خدمات مصممة بأسلوب يسهل الوصول إليها من أصحاب الهمم لإنجاز معاملاتهم، وممرات خاصة على شواطئ دبي، ووفرت موظفين مؤهلين للتواصل معهم بلغة الإشارة في الحدائق العامة ومراكز الخدمة، إضافة إلى مواقف سيارات، ومصاعد مهيأة تتناسب واحتياجاتهم. طريق دبي وكجزء من برنامج «نهج دبي» أو «Dubai Way»، أطلقت كلية دبي للسياحة (DCT) التابعة لدائرة السياحة والتسويق التجاري في دبي، وحدة تدريب على الخدمة الشاملة للعاملين في مجال السياحة على تقديم أفضل مستوى من خدمة للعملاء من أصحاب الهمم.وتم تصميم البرنامج لتوسيع نطاق المعرفة وتعزيز مهارات موظفي قطاع السياحة ضمن المؤسسات الحكومية والخاصة، وتشمل الفنادق، وشركات الطيران، والمطارات، ومراكز التسوق، وأنظمة النقل، والمدن الترفيهية، ومناطق الجذب السياحي، لمساعدتهم على اكتساب معلومات ومهارات موحدة للزوار الباحثين عن معلومات إضافية عن مدينة دبي.وفي إطار التدريب الرقمي، يستخدم برنامج «نهج دبي»، مقاطع مصوّرة تتضمن مجموعة محددة من المعلومات حول الوعي الثقافي وآداب السلوك المهني والاجتماعي، وخدمة العملاء والقيم التي تتميز بها دبي ودولة الإمارات. وفي إطار توفير الرعاية الصحية الشاملة لأصحاب الهمم، أطلقت «هيئة الصحة» في دبي العديد من البرامج الصحية المتقدمة التي تلبي احتياجاتهم، أسوة بتلك البرامج المطبقة في دول متقدمة كالولايات المتحدة، وبريطانيا، وكندا، واليابان، وأستراليا، ومن بينها برنامج «الكشف المبكر عن التأخر النمائي»، الذي يُعنى بتقديم خدمات الكشف المبكر والتعرّف إلى الإعاقات النمائية والجسدية والذهنية أو النفسية، ويشمل جميع الأطفال منذ الولادة وحتى سن السادسة، ويضمن خضوعهم للكشف من أجل التدخّل المبكر في القطاع الصحي والمؤسسات التعليمية في إمارة دبي باستخدام أحدث التقنيات. كما تم إطلاق برنامج «التشخيص والتدخّل المبكر»، الذي يساعد على تغيير سلوك الأطفال المعاقين، ويكون ذلك متمثلاً في زيادة مستوى استقلالية الطفل وتحسّن قدرته على العناية بذاته، واكتسابه أنماطاً سلوكية جديدة لم يكن قادراً على تأديتها. مزايا وتسهيلات أطلقت هيئة تنمية المجتمع في دبي، بطاقة «سند» الذكية، للتعريف بأصحاب الهمم التي تمكّنهم من الحصول على مزايا وتسهيلات تلبي احتياجاتهم بالتعاون مع مختلف الجهات الحكومية وشبه الحكومية والخاصة، كما أطلقت تطبيقاً ذكياً للتواصل معهم وأسرهم، ويتضمن خدمتين أساسيتين، وهما توفير معلومات متكاملة من خلال الرد على الاستفسارات المتعلقة بالقوانين والتشريعات الخاصة بهذه الشريحة، وثانياً إتاحة التواصل بين الأفراد والأشخاص من ذوي الإعاقة السمعية لتوفير ترجمة لغة إشارة فورية. نادي دبي لأصحاب الهمم ويعود اهتمام دبي بأصحاب الهمم، إلى سنوات مضت مع إدراكها أهمية وجود مؤسسات متخصصة لأصحاب الهمم لتتولى صقل مهارات المتميزين منهم في مختلف المجالات؛ حيث أسست في العام 1993 «نادي دبي للمعاقين»، الذي تحول اسمه فيما بعد إلى «نادي دبي لأصحاب الهمم» بهدف تهيئتهم بدنياً ونفسياً للقيام بدورهم في المجتمع، في المجالات الرياضية والثقافية والاجتماعية، بينما يوفر النادي باقة متنوعة من الرياضات التي تتناسب مع قدراتهم، وتمكنهم من المنافسة في المحافل الرياضية المحلية والدولية. خدمات متكاملة أطلقت دبي باقة من الخدمات المتكاملة في كل المرافق الخدمية التابعة لهيئة الطرق والمواصلات؛ حيث توفر مؤسسة القطارات مسارات إرشادية لهم في كل محطات القطارات، كما صممت جميع نوافذ بيع التذاكر بشكل يسهل على مستخدمي الكراسي المتحركة الوصول إليها، فضلاً عن تخصيص أماكن محددة لهم في جميع القطارات، كما زودت المحطات بدوائر تلفزيونية مغلقة لأصحاب الهمم من ذوي الإعاقة السمعية، وتوفير منحدرات غير قابلة للانزلاق وخدمة مواقف خاصة لهم من المداخل الرئيسية، وتجهيز المحطات بهواتف عمومية، بمستوى منخفض لتمكينهم من استخدامها، وبوابات واسعة لتسهيل عملية دخول الكراسي المتحركة.وتم تزويد حافلات دبي بكل وسائل الراحة، لتكون سهلة الاستخدام من قبل أصحاب الهمم؛ من حيث خفض مستوى الأرضيات، وتوفير أزرار لطلب الخدمة بمستوى مقعد الراكب، كما تم تصميم وتنفيذ محطات النقل البحري، لتمكينهم من استخدام الباص المائي، كما تخصص مؤسسة المواصلات العامة طاقماً مدرباً لمساعدة أصحاب الهمم على صعود القوارب وتقديم المساعدة لهم على كل مرسى.أما مؤسسة المرور والطرق، فراعت في تصميم ارتفاع أرصفة الطرق تلبيتها لمتطلبات تلك الفئة، من حيث تقليل الارتفاع عند الاقتراب من التقاطعات أو نقاط العبور، وتوفير مصاعد كهربائية لجسور المشاة الجديدة، والتأكد من وجود مواقف مجانية وممرات مائلة قرب الأدراج، وتركيب لوحات مخصصة في المواقف والمناطق.

مشاركة :