مدعية قندهار العامة بعد تلقي تهديد بالقتل: وعود طالبان بحسن معاملة المرأة هراء

  • 7/15/2019
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

مع بلوغها عامها الـ29 من العمر، قررت الأفغانية زينب فايز خوض غمار الدفاع عن النساء في أفغانستان. وباعتبارها المدعية العامة الأولى والوحيدة في محافظة قندهار، في قلب بوتقة الجنوب المحافظ من البلاد، تمكنت من إرسال 21 رجلاً إلى السجن بتهم تتراوح بين الضرب والاعتداء على الزوجات أو الخطيبات. إلا أن السيدة زينب اضطرت مؤخراً إلى أن تهجر المحافظة بعد أن تلقت تهديداً لم تتمكن من تجاهله.. مذكرة مكتوبة بخط اليد، موضوعة على الزجاج الأمامي لسيارتها العائلية، ومطوية لتخفي بداخلها رصاصة. وبحسب صحيفة "نيويورك تايمز"، الرسالة جاء فيها: "من الآن فصاعداً ستكونين هدفنا، ولسوف نعاملك معاملة العبيد الغربيين الآخرين"، وكانت الرسالة تحمل توقيع: "إمارة أفغانستان الإسلامية"، وهو الاسم الذي تطلقه حركة "طالبان" على نفسها. يذكر أن العديد من النساء في أفغانستان قد تمكنّ من الاستفادة من فتح باب الحريات في أعقاب الغزو الأميركي للبلاد وانهيار حكومة حركة "طالبان" في عام 2001، وهنّ لا يرغبن في العودة إلى شروط نظام حكم الحركة، وما ينطوي عليه من الجَلْد، والمهانة، والابتعاد على الحياة العامة. ولكن مع وجود نوع من الاتفاق بين حركة "طالبان" والمسؤولين الأميركيين يلوح في الأفق، لا يصدق العديد من النساء أن المتمردين سوف يوفون بوعودهم واحترام حقوق النساء الأفغانيات هذه المرة. زينب تعيش حالياً في العاصمة كابول، رفقة أطفالها، في منزل أقاربها هناك. وكان زوجها، فخر الدين، قد وصل لتوّه من قندهار ومعه الرسالة والرصاصة المرفقة بها. يذكر أن زينب فايز مرّت بكثير من المعاناة على أيدي حركة "طالبان" لتعلم بما لا يرقى إليه الشك أن وعودهم بحسن معاملة المرأة الأفغانية محض هراء وسراب باطل. وقالت، بحسب ما نقلت عنها الصحيفة: "لم أشعر بمثل هذا الخوف والرعب في حياتي من قبل". زينب من مواليد محافظة غور النائية في عام 1990، في ذروة الحرب الأهلية الأفغانية. وترعرعت وهي تشهد الهدف الرئيسي لحكم حركة "طالبان": المدارس ممنوعة على الفتيات، والوظائف محظورة على النساء. وكان المخالفون يتعرضون للرجم بالحجارة والجَلْد بالسياط. وفي أعقاب الإطاحة بحكم الحركة، التحقت زينب فايز بجامعة كابول وتخرجت لتعمل في المحاماة. وفي عام 2016 شاركت في محاكمة الرجال الذي يسيئون معاملة النساء في محافظة قندهار، مسقط رأس حركة "طالبان". وتمكنت زينب من إرسال العديد من الرجال إلى السجن جراء ذلك. وكان اثنان من الرجال الذين تمت إدانتهم ضابطين بالشرطة. وفي العام الماضي، اعترفت بها الحكومة الأفغانية واحدةً من أشجع 5 نساء في عموم البلاد، ووضعوا صورة شخصية لها على لوحة إعلانية في وسط محافظة قندهار، تحت عنوان "أبطال حقوق المرأة". وقد بلغت سمعتها العنان في البلاد، وكانت سبباً في تشجيع المزيد من النساء الأفغانيات على التقدم والإبلاغ عن حالات سوء المعاملة التي تعرضن لها. زينب قالت: "ارتفع عدد الحالات التي أنظر فيها مع ازدياد أعداد النساء اللائي أصبحن يثقن بسيادة القانون. ثم بدأت التهديدات في التوالي بعد ذلك". كانت تجلس على أرضية غرفة المعيشة وتفرد أمامها مطبوعات وتسجيلات لتهديدات بالقتل وصلت إليها من قبل، ومن بينها رسائل بالبريد الإلكتروني ورسائل عبر تطبيق "واتساب"، ورسائل نصية، ورسائل البريد الصوتي، تأمرها بالتخلي عن عملها ولزوم بيتها. ولكنها واصلت العمل لعدة أشهر، وكانت لا تلقي بالاً لتلك التهديدات، معتبرةً إياها جزءاً من مشكلات العمل. ثم في فبراير الماضي، لقي زميلها عزام أحمد، الذي عملت معه في التحقيق في العديد من حالات العنف الأسري مصرعه على أيدي مسلحين مجهولين في طريقه إلى العمل. وقالت زينب: "كان رجلاً شجاعاً للغاية، ومن أفضل الأصدقاء. ولهذه الحوادث والتهديدات أثرها النفسي والعقلي والعاطفي علينا جميعاً. ولكننا نحاول بذل أفضل جهودنا لمواصلة العمل". وبعد مرور عدة أسابيع، جاءت رسالة ورصاصة "طالبان" على زجاج سيارتها الأمامي. وتقول زينب: "طالبان هي طالبان، لن تتغير لشيء. ولقد أثبتوا لأنفسهم وللآخرين أي نوع من الناس هم، وما هي أيديولوجيتهم الحقيقية. وإذا عادوا لحكم البلاد بنفس العقلية وطريقة التفكير، فسوف يعيد تاريخهم نفسه مجدداً من دون أدنى تغيير".

مشاركة :