تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية أفاد أن السعودية تخطط للتخفيف من قيود السفر المفروضة على النساء. فهل هناك نية حقيقية لهذه الخطوة الإصلاحية؟ أم أن الأمر لن يتعدى مسألة تلميع صورة المملكة دولياً؟ "لا ولاية على القاصرين في الـ 18 قريباً" عنوان خبر أحدث ضجة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي وصفحات السعوديين خلال الأيام القليلة الماضية. العنوان يعود إلى خبر سابق نشرته صحيفة "عكاظ" السعودية بتاريخ 9 يوليو/ تموز2019، يفيد بأنه تجري هذا العام دراسة مشروع قانون في السعودية يرمي إلى "إسقاط الولاية على القاصر سناً ببلوغ سن الثامنة عشرة". وعن مصادر لم تسمها، نقلت الصحيفة السعودية أنه "تم تشكيل لجنة مؤلفة من وزارة العدل، وديوان المظالم، والمجلس الأعلى للقضاء، والنيابة العامة، لدراسة إضافة حكم إلى نظام المرافعات الشرعية، الصادر عام 1435، يقضي بانتهاء الولاية على القاصر سنا ببلوغه سن الثامنة عشرة، ما لم تحكم المحكمة باستمرارها عليه، وفي حال رغب القاصر إثبات رشده قبل ذلك فيكون عن طريق المحكمة المختصة". عدم وضوح هذا الخبر، أثار بدوره ردود أفعال متباينة بين السعوديين بشكل عام والنساء السعوديات بشكل خاص، اللاتي تمحورت تساؤلاتهن بالأساس حول جدية التوجه نحو إسقاط الولاية عن المرأة وحظوظها الفعلية منه؟ القرار سوف يعطي، في حال إقراره، المرأة السعودية عند بلوغها 18 سنة، حقّ اتخاذ قراراتها بنفسها، والتي تشمل استخراج جواز سفر والسفر خارج البلاد. آن الأوان ليكون الإصلاح "شاملاً" لم يصدر قرار رسمي بهذا الشأن إلى حين كتابة هذه الأسطر، لكن في مقال لـ صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، نُشر بتاريخ 11 يوليو/تموز 2019، تحت عنوان "السعوديون يخططون لتخفيف قيود السفر على النساء"، نقلت عن مسؤولين سعوديين ومصادر مطلعة لم تذكرها، قولهم أن "السعودية تخطط هذا العام إلى تخفيف القيود المفروضة على سفر النساء السعوديات من دون إذن ولي الأمر". وبحسب المصادر ستنهي الخطة قوانين الولاية المتعلقة بالسفر للرجال والنساء الذين تزيد أعمارهم عن 18 عاماً، مما يسمح لهم بالسفر خارج المملكة دون موافقة أحد أفراد الأسرة الذكور. وفي الوقت الحالي، تحتاج النساء من جميع الأعمار والرجال الذين تقل أعمارهم عن 21 سنة إلى إذن ولي الأمر للسفر إلى خارج المملكة. ونقلت الصحيفة الأمريكية عن مصدر مطلع، لم تسمه، قوله" إن قواعد السفر ستتغير هذا العام نتيجة عمل اللجنة، وإن التوجه يأتي من "إرادة عليا". مصدر آخر من العائلة المالكة قال: "لا شك في أن القيادة والحكومة والشعب يريدون رؤية تغيير هذا النظام ". وأضاف نفس المصدر: "النقاش الحالي يدور حول كيفية تحقيق ذلك في أسرع وقت ممكن دون إثارة ضجة"، والكلام دائماً للصحيفة الأمريكية. من جهته ذكر محمد بن عبد الله آل زلفى، عضو سابق في مجلس الشورى السعودي في حواره مع DWعربية أنه لم يصدر قرار رسمي بعد، لكن طالما هناك حديث عنه، فهو يتوقع أن يصدر. "أتصور أن الدولة تشهد حركة إصلاحية كبرى على جميع المستويات. ولعل النصيب الأكبر من هذه الإصلاحات حظيت به المرأة، التي ظلت بعيدة عن حركة الإصلاح. آن الأوان أن يكون شاملاً وأن تتمتع المرأة بحقها في الولاية على نفسها حينما تكون قادرة على تدبر أمورها". إصدار قوانين ثم "الالتفاف" عليها خطة الإصلاح هذه تأتي في وقت تتصاعد فيه الانتقادات الدولية للسعودية بسبب وضع حقوق الإنسان وحقوق المرأة بالأخص، بسبب استمرار اعتقال ناشطات سعوديات وحديث بعضهن عن تعرضهن للتعذيب وهو ما تنفيه المملكة.ويرى نشطاء ودبلوماسيون أن المقصود من اعتقالهن قد يكون توجيه رسالة للنشطاء لعدم الدفع بمطالب لا تتسق مع جدول أعمال الحكومة. الأمر الذي قد يبدو متناقضاً مع التوجه المُعلن عنه داخل المملكة. هذا التناقض تفسره، الناشطة النسوية السعودية المقيمة في أستراليا، ريجينا نصر، بأنه دليل على أنه "ليس هناك نية حقيقية في الإصلاح". وقالت نصر في حوارها مع DW عربية: "هو مجرد محاولة لتهدئة الرأي العام الدولي والمنظمات الحقوقية الدولية. موقف السعودية الآن أصبح حرجاً أمام المجتمع الدولي باعتبارها دولة يُفترض أنها متحضرة، لكن الأحكام والقوانين المعمول بها داخل الملكة أقل من بدائية. هذه ازدواجية عجيبة". وترى نصر أن آل سعود الآن بين مجتمع دولي يحاولون إرضائه بتقنين القوانين وجعلها مدنية أكثر وبين مجتمع داخلي قبلي يرى شرفه وعاره وكرامته في النساء والسيطرة عليهن: "برأيي أن إقرار إسقاط الولاية خطوة كبيرة جداً على آل سعود لأنهم يحفرون قبرهم وينهون ملكهم بهذه الطريقة". وعن سؤال، فيما لو تحققت خطة إسقاط الولاية،ترى نصر أنه فعلياً لن يتغير شيء في وضع المرأة السعودية وستجد الدولة طريقة ومخرج لوضع قانون ظاهره يطلق سراح المرأة، ولكن ستلتف عليه بقوانين أخرى تقيد بها المرأة. السماح للمرأة بالقيادة هو مثال حي يوضح صورة ما يحدث في السعودية، كما ترى الناشطة النسوية: "أمام المجتمع الدولي سمحت السعودية للنساء بالقيادة واستخراج رخص القيادة دون الرجوع إلى ولي الأمر. هذا القانون الذي صُدّر للعالم، لكن هل يعلم العالم الخارجي أن السعودية التفت على هذا القانون، بحيث لا تخرج النساء عن سلطة الرجال؟ كيف؟ لو ارتكبت المرأة أي مخالفة مرورية، تودع في دور أو سجون الرعاية، ولا يمكن لها الخروج إلا بموافقة ولي أمرها".
مشاركة :