في نهاية القرن العشرين غزى الكاسيت السوق المحلي بشكل كبير، فأصبح المصريون مواظبون على شراء الشرائط بغرض الاستماع إلى الأغاني وغيره، وظلت تلك العادة ملازمة للمنزل فقط، إلى أن استطاعوا الاستمتاع بالأمر في الشوارع، بعد ظهور الـ«ووكمان». وامتلك الشباب المصري الـ«ووكمان» في فترة التسعينيات على نطاق واسع، فحرصوا على حمله خلال سيرهم في الشوارع للاستماع لموسيقاهم المفضلة آنذاك، وهو نتاج جهد يعود إلى يوليو 1979، حينما أصدرت شركة «سوني» أول جهاز منه. واعتُبر الـ«ووكمان» أول مشغل موسيقي محمول آنذاك، بكلفة مقبولة وبإدارة سهلة، وارتفعت نسب مبيعاته في تلك الفترة إلى أن بدأت في الهبوط عام 2001، مع التطور الكبير للهواتف المحمولة. ويحتفل العالم في الشهر الجاري بمرور 40 عامًا على ظهور الـ«ووكمان» إلى الساحة لأول مرة، ومن دون شك يحمل المصريون ذكرى مع ذلك الجهاز الذي اختفى كليًا في الفترة الراهنة، وهو ما يحكيه 4 منهم لـ«المصري لايت». «كان عندي واحد وأنا في إعدادي وثانوي»، بهذه الجملة افتتحت هبه خطاب، 30 عامًا، حديثها عن الـ«ووكمان»، قائلةً إنها حصلت عليه كهدية من خارج مصر، وواظبت على الاستماع إلى الراديو من خلاله في تلك الفترة، إلى جانب الشرائط الغنائية لعمرو دياب، وفضل شاكر، ونجوى كرم، وهاني شاكر، و«وردة». حرصت «هبه» على اصطحاب الـ«ووكمان» إلى مدرستها، وتبادلت مع زميلاتها الشرائط، وعلمن على نسخة حال إعجابها بألبوم موسيقي، وبعد الانتهاء تضعه في جهازها لتستمتع به. فيما يقول محمد خلف أنه اشترى جهازين، الأول بـ ١٥٠ جنيه، والثاني أقل من ١٠٠ جنيه، إلا أن المشكلة كانت في السماعات، راويًا: «أبويا الله يرحمه كل ما كان يشوفني يقول لي شيل الزفت ده من ودنك هتطرش، وطبعًا يا سلام بقي على الروشنة لما كنت بحطه في حزام البنطلون وأمشي في الشارع بيه». ويعتبر صاحب الـ 39 عامًا أن أسوأ شيء فيما يخص الـ«ووكمان» هو تغيير البطارية الخاصة بها، والتي كانت بمثابة «فيلم أسود»، متسببة في خلاف مع والديه، وهو ما اختفى مع ظهور نوعية متطورة قابلة للشحن. ولقلة الموارد المادية حسب «خلف» اضطر إلى شراء شرائط كاسيت «مضروبة»، فيما كان يجلب الأصلي منها، إذا كانت لعمرو دياب فقط، حال ادخاره لمبلغ مالي يصل لـ 20 جنيهًا، كما فضل الاستماع إلى محمد فؤاد، وهشام عباس، ومايكل چاكسون، مردفًا: «دول كان هما الحياة الخاصة بيا وأنا حاطط السماعة في وداني وبحفظ أغانيهم، غير عن كان في أوبشن إني أعيد الأغنية لحد ما أخلص البطارية»، ويختم: «الووكمان كان بيمثل أولي خطوات الاستقلال وحرية الاختيار». ومع إدراك ياسمين أبوالخير، 23 عامًا، للبيئة المحيطة بها ورثت الـ«ووكمان» الخاص بجدها، وتميز آنذاك بقدمه، فكان الراحل يغير البطارية مرة في الشهر الواحد على الأقل، وحرصت والدتها على تشغيل شرائط الكاسيت من خلاله للاستماع إلى القرآن الكريم صباح كل يوم. دائمًا ما كانت تشعر «ياسمين» بفرحة عارمة مع الاستماع إلى الـ«ووكمان»، وأصبح مصدرًا لتذكيرها بـ«الأيام الجميلة»: «كنا أول ما نحط الشريط ويشتغل بنحس ببهجة، ونقعد نسمع كلنا في هدوء»، فيما لازالت والدتها محتفظة به حتى الآن دون تفريط. وقبل 24 عامًا اشترى محمد عرفة أول «ووكمان» بـ 200 دولار، خلال فترة إقامته بدولة الإمارات، فيما واظب على تغيير البطارية كل 6 أشهر، بسبب قوتها حسب روايته. خلال دراسته الجامعية، لجأ صاحب الـ 36 عامًا اصطحاب الـ«ووكمان»، بغرض تسجيل المحاضرات من خلاله، وكأغلب أبناء جيله، فضل شراء واستماع شرائط الهضبة عمرو دياب دون غيره.
مشاركة :